حين تضيع المروءة
الواقع ان المروءة حين تنتهي بين الناس , فان الاخلاق تنعدم , وتزول الثقة بين الخلق
وللمروءة قصص كثيرة لطالما عشت مع سير ابطالها , سواء على ارض الواقع او من خلال التاريخ الذى قراته وتعمقت به
ومن صور المروءة هذه القصة
أن تاجر كبيرٌ في السن حكيم .. كان قد ابتاع بضائعه و قفل راجعاً لأهله قاطعاً الصحراء .. عندما رأى منقطعاً سأله أن يطعمه و يسقيه .. ففعل ذلك التاجر بكل طيبة خاطر .. و نخوة و رغبة في مساعدة غريب انقطع به الحال في الصحراء .. و ترافقا الإثنان في رحلتهما إلى أن وصلا قُرب مدينتهما ..
.. عندها غدر المنقطع الشاب بالتاجر الكهل الكريم .. و أوقعه من فوق حصانه و ركبه و أخذ البضاعة معه و انطلق ..
.. و حين استطاع التاجر الوقوف على قدميه ناداه .. " يا فلان .. لا تخبر الناس بما حدث " ..
.. فردّ الشاب ناكر المعروف متهكماً ساخراً " .. لماذا .. !! حتى لا تشعر بالخزي بينهم " ..
.. قال التاجر .. " لا و الله .. حتى لا تضيع المرءة بين الناس .. و لا يقف انسان لمحتاج " ..
والواقع ان هنالك قصصا متعددة لمفهوم المروءة
الواقع ما دعاني لكتابة هذا الموضوع هو امر شخصي حصل معي
قبل 4 ايام كنت لدى احد اصحاب المؤسسات التجارية وقد دعاني لزيارته فى مؤسسته ومن ثم الانتقال لمنزله
حضر رجل وطلب شيء من هذه المؤسسة(بعض المواد) , ورفض صاحب المؤسسة اعطاء هذا الرجل ما طلب
الواقع تلمست لهذا الرجل السائل انه بحاجة , فرق قلبي له , وقلت لصاحب المؤسسة , اعطه مايريد وانا اثق بهذا الرجل
اليوم هذا مررت عند صاحب المؤسسة , فقال مداعبا لي , ان الرجل الذى كفلته لم يفي بما وعد
الواقع تكدرت جدا , وتضايقت , وانهيت المسالة مع صاحب المؤسسة , رغما عنه وانه كان يصر على عدم فعل شيء مني سواء من دفع او خلافه
لكننى اصررت على هذا الامر
قام صاحب المؤسسة بزيارتي للبيت قبيل ساعتين تقريبا
وقد اعاد لي ما قدمته له , وقلت : ماذا حصل ولماذا تعيد لي ماقدمته
فقال صاحب المؤسسة : يا اخي سبحان الله , ان هذا الرجل الذى اخذ المواد اعاد لي كل شيء قبل هنيهة وبعد خروجك واحببت ان ازورك واخبرك
واضاف: عرف عن هذا الرجل انه غير ملتزم , ومن ثم سالته , مالذى دفعك لان تحضر المواد ؟
فاجاب الرجل صاحب المؤسسة : لقد كفلني رجل (يقصدني انا) وهو لايعرفني .. فخشيت ان تلتبس على هذا الرجل الامور ولايكفل احدا بعد ذلك , وتضيع المروءة بين الخلق
قال صاحب المؤسسة: والله تساقطت دمعاتي من هذا التصرف
فقلت: احسن الرجل في قوله
فلن تضيع المروءة بين الخلق.. فان ضاعت المروءة ضاعت الاخلاق
تستوقفك بعض الأبيات فلا تستطيع تجاوزها ، تجبرك على التامل ،حكمة أو عبرة أو لوحة فنان، ومن هذه الأبيات هذان البيتان
مررتُ على المروءةِ وهي تبكي *** فقلـتُ علام تنتحب الفتاةُ؟
فقالت كيف لا أبــكي وأهلي *** جمـيعاً دون خلق اللهِ ماتوا
فنظرت فإذ لهما في حياتنا نظائر كثيرة ، فأنشأت على منوالهما:
مررتُ على الشجاعة وهي تبكي *** فقلت علام تنتحب الشجاعة؟
فقالت كيف والحرماتُ أضحت *** لأجل الذل في الدنيا مُضاعة
مررت على الديانةِ وهي تبكي *** فقلت أأنتِ يا أمَّ الخِلالِ؟!
فقالتْ كيفَ أبنـــائي كثيرٌ *** ولـــكن الكلامَ بلا فعال
مررت على الصديقِ وكان يبكي *** فقلتُ علام ينتحبُ الحبيب؟
فقال وكيف لا أبكي وعهدي *** على الـطرقاتِ ممتَهنٌ صبيبُ
مررت على الصحافةِ وهي تبكي *** فقلتُ لم البكاءُ أيا صحافة؟
فقالت كيف لا أبكي وأهلي *** من الصُّنَّاعِ أربابُ السخافة
مررت على البريد وكان يبكي *** فقلـت دعِ البكاءَ ألي رسالة؟
فقال أجلْ ولكن كلُّ طــردٍ *** يفــتَّحُ دون إذنٍ أو وكالة
مررت على الطبيبِ وكنـتُ أشكو *** فإذْ بالناس قد قُتلوا بكاءا
فقلتُ علامَ؟ قالوا نحن مرضــى *** وســيدةٌ لديه منذ جاء
مررت على المــدارس أنتقي *** مِن قلائــدها لطفلي ما يسرُّ
فإذ ببـــكاءِ صبيتها ينادي *** وراءَكَ عــمُّ لا يمسسكَ شرُّ
مررت على المرور فقلت هذا *** مكـان الأمن فاستبكى الجدار
فقلت عــلام تبكي؟ قال كلا *** فلي أذن ووجه مســتعار
مررت على المطار أريــد جواً *** ولكن المـطار بكى وصاحا
فقلت لم البكاء؟ فـقال هجراً *** فضـائح يا أخي ليلاً صباحاً
مررت على الحمـير بدون وعي *** فضج ضجيجهم أين السلام
فقلت أللحــمير ؟فقال عير *** وهــل فرق ترك فلا تلام؟
الروابط المفضلة