لازالت تلك الكلمات ترن بمسمعي وكأني أسمعها للتو
كنت أتحدث مع إحدى صديقاتي على الماسنجر
وكنت أخبرها عن حالة جدي وأطلب منها الدعاء له
وأقول لها " بابا محمد بالعناية المركزة لاتنسيه من دعااااك ! "
عندها رن الهاتف بجانبي
رفعت فإذا بها أمي .. كلمتان وإلا أسمعها تطلب زوجي !
تعجبت ولكني مددت الهاتف لزوجي باستسلام
ومئات الاستفهامات تظهر بعيناي !
تأملت وجه زوجي وهو يستمع لأمي لعلي أستشف أي خبر
ورأيت وجهه يتغير ويتحاشى النظر إلي
وهمهمة من شفاة استطعت أن أفهم منها كلمة
" إنا لله وإنا إليه راجعون "
عندها انتفض جسدي
وقشعر بدني
وارتجف قلبي
وتجمد كياني
وتسمرت عيناي معلقة بوجه زوجي
أغلق الهاتف والتفت إلي ولكني بقيت صامته !
شاخصة البصر فيه
انلجم لساني حتى عن السؤال
كانت مئات الأحاسيس تتضارب بداخلي
بعضها يعلن الحقيقة ,, وبعضها ينكر ذلك ويرفضه
أخيرا سألت بصوت مخنوق : بـ بـا با مـ محمد !!؟؟
هز زوجي رأسه ايجابا وعلامات الحزن تكتسي ملامحه
لاشعوريا صفقت بيداي على وجهي وشعرت بالدم الحارق يعتلي وجهي ويلهب كياني
تفجرت مدامعي وصرخت وأنا أناهج : لا لا لاتقـــــــــــــول !
دوامة اجتاحت دماغي
ودموع ساخنة أحرقت وجنتاي
ونهيج يخرج من أعماق قلبي
قمت مفزوعة أمشي بمنزلي لا أعلم ماذا أفعل ..
حاول زوجي إمساكي وتهدأتي ولكني أسرعت نحو الحمام وأغلقته
وأسندت رأسي للباب وأنا أبكي بكل قوة ودمار وألم
مستحيل أن تموت
على الأقل ليس وأنا بعيدة عنك
لن يدفنوك دون أن أكحل عيناي برؤيتك
لن يزيحوك عن وجه الأرض دون أن أقبل رأسك ويداك وقدمك
ويلااااااااه من قلبي ,, وويل قلبي مني !
لا أعلم كيف مرت تلك الليلة الصاعقة !
عاودت الاتصال بأمي التي من سمعت صوتي لم تتحمل وبكت !
وكان هذا آخر مايستحمله قلبي
تعرف مدى تعلّقي بجدي ,, مدى تعلقنا أنا وأخواتي به بشكل فظيع
ظللنا نبكي دون أن نتكلم حتى استطاعت أمي التحدث وصبرتني وهدأت من روعي قليلا
بعدها شعرت وكأن صعق كهربائي يسري بكياني !
شعرت بخوف وفزع شديدين
لم أستطع النوم بغرفتي وتمددت على الكنبة بالصالة
احتضنت شرشف صلاتي بكل ألم وعيوني لم تتوقف عن البكاء
كنت حتى لو سمعت خطوات المشي فوق سقف بيتي أنتفض وأشعر بفزع شديد
مع أنني معتادة عليها
حتى التكات البسيطة في البالكونة أو النافذة
كانت تفزعني وتخرعني
هل هذا مايصيب المكلوم على فراق من يحب !
ويلاه كيف بقلبي أن يصبر .. !
صعقني نبأ رحيلك جداااااه ..
يا أبتــــــــاه ويا أخــــــاه وياحبيبــــــــاه
دمرني خبر وفاتك
هل تصدقون أنني لم أكلم أبي !!
حتى الآن لم أستطع أن أسمع صوته
أبي
ذلك الرجل البــــــار
الذي ترك الدنيا وترك العمل وترك كل شي ليبقى بجوار جدي .. بجوار أبيه
حتى نحن تركنا
ومطلقا لم يضايقنا الأمر
بل رضينا وبصدر رحب
فذلك جدي وليس أي شخص
جدي الذي أحبنا دون أي أحد
غير باقي الأحفاد وغير باقي البشر
كانت لنا ولأبي منزلة عظمى لديه
فكيف نلوم أبي على مرافقته ليل نهار
ظل أهلي ببلد وأبي عند جدي ببلد أخرى
لايتركه ولايفارقه الا لأوقات الصلاة
او تلك الأمور الضرورية التي تخرج عن إراداته
لم يكن ذلك لهذا العام فقط
ولا الذي قبله
بل منذ تفتحت عيناي على هذه الدنيا
وأنا لم أرى رجلا بارا كما هو أبي
ولا ابناً يتعلق بأبيه ويعشقه كأبي
فكيف بالله أقدر أن أسمع صوته
ونبرة الحزن ترن بصوته
ماذا عساي أن أقول
رحل أباك !
تاج رأسك ونظر عينك وحياة قلبك !
رحل لتنقلب حياتك رأسا على عقب !
حياتك تلك التي منذ عرفتك وهي مبرمجة على رغبات ومتطلبات أباك
ويح قلبك ياروح ابنتك يا أبي
وويح قلبي الممزق على جدي
آآآآآآآآآه ثم آآآآآآآه
والله حتى لحظتي هذه وأنا أشعر بغصة تعصر قلبي وتكويه عندما أذكر الخبر
أشعر أن ابتسامتي بلا طعم
كلامي بلا معنى
كل ما أشعر به هو قلبي المفجوع بفراقك ياتاج رأسي
الروابط المفضلة