تفسير الآيات (11- 14) من ( من سورة الحشر)
●●●▬▬▬ஜ۩ ۩ஜ▬▬▬●●●
تفسير الآيات (15- 20):
{كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (15) كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16) فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (17) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19) لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (20)}
شرح الكلمات:
{كمثل الذين من قبلهم قريباً}: أي مثل يهود بني النضير في ترك الإِيمان ومحاربة الرسول صلى الله عليه وسلم.
كمثل إخوانهم بني قينقاع والمشركين في بدر.
{ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم}: أي ذاقوا عاقبة كفرهم وحربهم لرسول الله ولهم عذابٌ أليم في الآخرة.
{كمثل الشيطان إذ قال للإِنسان}: أي ومثلهم أيضا في سماعهم من المنافقين وخذلانهم لهم كمثل الشيطان إذ قال للإِنسان.
{أكفر فلما كفر قال إني بريء منك}: أي قال له الشيطان بعد أن كفره إني بريء منك.
{وذلك جزاء الظالمين}: أي خلودهما في النار أي الغوي والمغوى ذلك جزاءهما وجزاء الظالمين.
{ولتنظر نفسه ما قدمت لغد}: أي لينظر كل أحد ما قدم ليوم القيامة من خير وشر.
{ولا تكونوا كالذين نسوا الله}: أي ولا تكونوا أيها المؤمنون كالذين نسوا الله فتركوا طاعته.
{فأنساهم أنفسهم}: أي فعاقبهم بأن أنساهم أنفسهم فلم يعملوا خيراً قط.
{لا يستوى أصحاب النار وأصحاب الجنة}: أي لأن أصحاب الجنة فائزون بالسلامة من المرهوب والظفر بالمرغوب المحبوب. وأصحاب النار خاسرون.
{أصحاب الجنة هم الفائزون}: في جهنم خالدون. فكيف يستويان؟
معنى الآيات:
( 15 ) مثل هؤلاء اليهود فيما حلَّ بهم من عقوبة الله كمثل كفار قريش يوم "بدر"، ويهود بني قينقاع، حيث ذاقوا سوء عاقبة كفرهم وعداوتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب أليم موجع.
( 16 ) ومثل هؤلاء المنافقين في إغراء اليهود على القتال ووَعْدهم بالنصر على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كمثل الشيطان حين زيَّن للإنسان الكفر ودعاه إليه، فلما كفر قال: إني بريء منك، إني أخاف الله رب الخلق أجمعين.
( 17 ) فكان عاقبة أمر الشيطان والإنسان الذي أطاعه فكفر، أنهما في النَّار، ماكثَيْن فيها أبدًا، وذلك جزاء المعتدين المتجاوزين حدود الله.
( 18 ) يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، خافوا الله، واحذروا عقابه بفعل ما أمركم به وترك ما نهاكم عنه، ولتتدبر كل نفس ما قدمت من الأعمال ليوم القيامة، وخافوا الله في كل ما تأتون وما تَذَرون، إن الله سبحانه خبير بما تعملون، لا يخفى عليه شيء من أعمالكم، وهو مجازيكم عليها.
( 19 ) ولا تكونوا- أيها المؤمنون- كالذين تركوا أداء حق الله الذي أوجبه عليهم، فأنساهم بسبب ذلك حظوظ أنفسهم من الخيرات التي تنجيهم من عذاب يوم القيامة، أولئك هم الموصوفون بالفسق، الخارجون عن طاعة الله وطاعة ورسوله.
ملحوظة
ذكر الامام الطبرى
فى تفسير (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ )(16)
قصة استدل بها البعض على انها المقصودة با لآية
_ يقول حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: " كان رجل من بني إسرائيل عابدًا، وكان ربما داوى المجانين، فكانت امرأة جميلة، فأخذها الجنون، فجيء بها إليه، فتركت عنده، فأعجبته فوقع عليها فحملت، فجاءه الشيطان فقال: إن عُلم بهذا افتضحت، فاقتلها وادفنها في بيتك، فقتلها ودفنها، فجاء أهلها بعد ذلك بزمان يسألونه، فقال: ماتت، فلم يتهموه لصلاحه فيهم، فجاءهم الشيطان فقال: إنها لم تمت، ولكنه وقع عليها فقتلها ودفنها في بيته في مكان كذا وكذا، فجاء أهلها، فقالوا: ما نتهمك، فأخبرنا أين دفنتها، ومن كان معك، فوجدوها حيث دفنها، فأُخذ وسُجن، فجاءه الشيطان فقال: إن كنت تريد أن أخرجك مما أنت فيه فتخرج منه، فاكفر بالله، فأطاع الشيطان، وكفر بالله، فأُخذ وقُتل، فتبرأ الشيطان منه حينئذ. قال: فما أعلم هذه الآية إلا نـزلت فيه ( كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) .
وقال آخرون: بل عُنِي بذلك الناس كلهم، وقالوا: إنما هذا مثل ضُرِب للنضير فى غرور المنافقين إياهم.
قال ابن كثير
وهناك قصة اخري ذُكِرَت واشتهر عند كثير من الناس أن هذا العابد هو برصيصا ، والله أعلم . وهذه القصة مخالفة لقصة جريج العابد ، فإن جريجا اتهمته امرأة بغي بنفسها ، وادعت أن حملها منه ، ورفعت أمره إلى ولي الأمر ، فأمر به فأنزل من صومعته وخربت صومعته وهو يقول : ما لكم ؟ ما لكم ؟ فقالوا : يا عدو الله ، فعلت بهذه المرأة كذا وكذا . فقال : جريج : اصبروا . ثم أخذ ابنها وهو صغير جدا ، ثم قال : يا غلام ، من أبوك ؟ قال أبي الراعي - وكانت قد أمكنته من نفسها فحملت منه - فلما رأى بنو إسرائيل ذلك عظموه كلهم تعظيما بليغا ، وقالوا : نعيد صومعتك من ذهب . قال : لا بل أعيدوها من طين ، كما كانت .
والصحيح ان هذه القصص هى مثل وليست المقصودة بعينها
فى ظلال الآيات:
♦كمثل الشيطان إذ قال للإنسان:اكفر..الآية
وصورة الشيطان هنا ودوره مع من يستجيب له من بني الإنسان , تتفقان مع طبيعته ومهمته . فأعجب العجب أن يستمع إليه الإنسان . وحاله هو هذا الحال !
__________________
♦(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله .
والتقوى حالة تجعل القلب يقظا حساسا شاعرا بالله في كل حالة . خائفا متحرجا مستحييا أن يطلع عليه الله في حالة يكرهها . وعين الله على كل قلب في كل لحظة . فمتى يأمن أن لا يراه ?!
________________________
♦(ولتنظر نفس ما قدمت لغد). .
وهو تعبير مجرد خطوره على القلب يفتح أمامه صفحة أعماله بل صفحة حياته , ويمد ببصره في سطورها كلها يتأملها وينظر رصيد حسابه بمفرداته وتفصيلاته . لينظر ماذا قدم لغده في هذه الصفحة . . وهذا التأمل كفيل بأن يوقظه إلى مواضع ضعف ومواضع نقص ومواضع تقصير , مهما يكن قد أسلف من خير وبذل من جهد . فكيف إذا كان رصيده من الخير قليلا , ونصيبه من البر ضئيلا ? إنها لمسة لا ينام بعدها القلب أبدا , ولا يكف عن النظر والتقليب !
__________________________________
♦ولا تنتهي الآية التي تثير كل هذه المشاعر حتى تلح على القلوب المؤمنة بمزيد من التأثير..
(واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون). .
فتزيد هذه القلوب حساسية ورهبة واستحياء . . والله خبير بما يعملون . .
__________________________________
♦وبمناسبة ما تدعوهم إليه هذه الآية من يقظة وتذكر يحذرهم في الآية التالية . من أن يكونوا (كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم). . وهي حالة عجيبة . ولكنها حقيقة . . فالذي ينسى الله يهيم في هذه الحياة بلا رابطة تشده إلى أفق أعلى , وبلا هدف لهذه الحياة يرفعه عن السائمة التي ترعى .
وفي هذا نسيان لإنسانيته . وهذه الحقيقة تضاف إليها أو تنشأ عنها حقيقة أخرى , وهي نسيان هذا المخلوق لنفسه فلا يدخر لها زادا للحياة الطويلة الباقية , ولا ينظر فيما قدم لها في الغداة من رصيد .
____________________
♦(أولئك هم الفاسقون). . المنحرفون الخارجون .
وفي الآية التالية يقرر أن هؤلاء هم أصحاب النار , ويشير للمؤمنين ليسلكوا طريقا غير طريقهم وهم أصحاب الجنة . وطريق أصحاب الجنة غير طريق أصحاب النار
♦( لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ). .
لا يستويان طبيعة وحالا , ولا طريقا ولا سلوكا , ولا وجهة ولا مصيرا . فهما على مفرق طريقين لا يلتقيان أبدا في طريق . ولا يلتقيان أبدا في سمة . ولا يلتقيان أبدا في خطة . ولا يلتقيان أبدا في سياسة . ولا يلتقيان أبدا في صف واحد في دنيا ولا آخرة . .
(أصحاب الجنة هم الفائزون). . يثبت مصيرهم ويدع مصير أصحاب النار مسكوتا عنه . معروفا . وكأنه ضائع لا يعنى به التعبير !
من هداية الآيات
1- ضرب مثل لحال الكافرين في عدم الاتعاظ بحال غيرهم.
2- التحذير من سبل الشيطان وهي الإِغراء بالمعاصي وتزيينها فاذا وقع العبد في الهلكة تبرأ الشيطان منه وتركه في محنته وعذابه.
3- وجوب التقوى بفعل الأوامر وترك النواهى.
4- وجوب مراقبة الله تعالى والنظر يومياً فيما قدم الإِنسان للآخرة وما أخر.
5- التحذير من نسيان الله تعالى المقتضى لعصيانه فإن عقوبته خطيرة وهي أن يُنسى الله العبد نفسه فلا يقدم لها خيراً قط فيهلك ويخسر خسراناً مبيناً.
6- عدم التساوى بين أهل النار وأهل الجنة، إذ أصحاب النار لم ينجو من المرهوب وهو النار، ولم يظفروا بمرغوب وهو الجنة، وأصحاب الجنة عل العكس سلموا من المرهوب، وظفروا بالمرغوب نجوا من النار ودخلوا الجنان.
تفسير :
الطبرى«جامع البيان في تأويل آي القرآن»
ابن كثير [ تفسير القرآن العظيم ]
السعدى «تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان»
في ظلال القرآن الكريم سيد قطب
الجزائرى أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
التفسير الميسر للقرآن الكريم
الروابط المفضلة