يحسن بنا أن نذكّر بأصول عظيمة في هذا الباب ينبغي للمؤمن أن يعتني بها ، ويفقهها حق الفقه،
وهي مقررة في القرآن العظيم أحسن تقرير وأبينه، فإياك ثم إياك أن تستهين بها؛
فإن الاستهانة بها قد توقع العبد في أنواع من العذاب الأليم والشقاء العظيم.
الأصل الأول:
أن الشيطان عدو مبين؛ فهو بيّن العداوة كما قال تعالى: {إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبينا} سورة الإسراء - ءاية 53،
وتعرف عداوة الشيطان للإنسان بما يأمر به ويزينه وبما يحاول أن يصد عنه؛ فإن العاقل يعرف الأمور بمقاصدها،
كما نبه الله تعالى إلى ذلك بقوله: {إنما ذلكم الشيطان يخوّف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين} سورة آل عمران -ءاية 175
فكل ما يوسوس لك به الشيطان فغايته أن يأمرك بما فيه هلاكك وشقاؤك.
الأصل الثاني:
أنه يجب علينا أن نتخذه عدواً كما قال تعالى:
{إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير} سورة فاطر , ءاية 6
فمن الناس من يعلم أن الشيطان عدو لكنه لا يتخذه عدواً،
بل ربما أنس لوساوسه وتزيينه الباطل والمعاصي وصدق ما يغره به من زخرف القول؛
ومن الناس من يلقّنه الشيطان دعوى التوبة بعد أن يقضي نهمته من شهواته،
وهي شهوات تتزايد وتتوالد ولا يزال العبد يتبع فيها خطوات الشيطان ويعرض عن ذكر الله حتى يضلّ ضلالا بعيداً إلا
أن يتداركه الله برحمة من عنده. ولو تأملت أصل البلاء وجدته الاستهانة باتخاذ الشيطان عدواً.
الأصل الثالث:
أن الله قد حرّم اتباع خطوات الشيطان كما قال تعالى في القرآن الكريم:
{ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين} سورة الأنعام , ءاية 142
الأصل الرابع:
أنه لا ضمان للعبد ولا أمان له إلا أن يتبع هدى الله جل وعلا،
كما قال الله تعالى لما أهبط أبوينا وأهبط إبليس إلى الأرض عند بدء هذه الحياة الدنيا:
{قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} سورة طه , 123
قال ابن جرير: (يقول: أنتما عدوّ إبليس وذرّيته، وإبليس عدوّكما وعدوّ ذرّيتكما).
الروابط المفضلة