بسم الله الرحمن الرحيم
كيفكم يا اخوات عجبتني فكرة المسابقة وحبيت اشارك فيها يارب تلاقي مشاركتي استحسانكم
القصة التي ساتحدث عنها اليوم قصة من اهم القصص الواردة في القران مليئة بالعبر والمواعظ وقد وردت في مواضع عدة في القران الكريم
انها قصة خلق اول انسان
تدور احداث هذه القصة قبل عشرات الالف من السنين وربما اقل وربما اكثر
في ذلك الوقت لم يكن الانسان قد خلق بعد
اخبر الله عز وجل الملائكة انه سيخلق مخلوقا جديدا يسكنه الارض وسيكون خليفة على الارض يعمرها ويبنيها ويعبد الله فيها ويحكمها بحكم الله
ولكن الملائكة استغربت واندهشت وعبرت عن ذلك بسؤالها الله عز وجل اتخلق في الارض من يعصيك ويملاء الارض فسادا ودمار ؟؟
ويقتلون بعضهم بعضا ويسفكون الدماء ؟؟
استغراب الملائكة واندهاشهم ليس اعتراضا على امر الله فهم مخلوقات من نور معصومة عن الخطاء ولا تملك ان تعصي اوامر الله ابدا
ولكنها تسالت عن الحكمة من خلق بشر يفسد في الارض ويسفك الدماء فان كان الغرض هو العبادة فنحن يا الله نعبدك ونقدسك ليل نهار دون ملل وانقطاع ...هكذا قالت الملائكة
كما ان سؤال الملائكة واستغرابها وخوفها من العصيان والفساد في الارض ان دل على شئ يدل على ان الارض كانت مسكونة من قبل وان الانسان ليس اول من سسيسكنها ؟؟ ولن يكون اول من يعصي الله ويسفك الدماء على الارض ؟؟
فيجيبهم رب العزة (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) البقرة 30
اي ان الله عز وجل يعلم الحكمة الحقيقة من خلق الانسان وان ادم وذريته سيكون فيهم الانبياء والمرسلين والعباد الصالحين كما سيكون فيهم المفسدين والعصاة والمستكبرين
فالملائكة رغم درجتها العالية ومرتبتها الرفيعة عباد الله لا يعلمون الغيب
وتلخص لنا هذه الايات الحوار الذي دار بين الله عز وجل وبين الملائكة قبل خلق ادم
(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ) البقرة 30
الله عز وجل يخلق ادم
خلق رب العزة والجلالة سيدنا ادم عليه السلام من تراب خلقه بيديه الكرمتين خلقه في احسن هيئة واجمل صوره
(لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم ) التين 4
وامر الملائكة ان يسجدوا لادم بعد ان ينفخ فيه الروح
وبعد ان نفخ الله عز وجل من روحه في ادم وتحول من جماد الي مخلوق حي يتحرك سجد الملائكة كلهم اجمعون تنفيذا لامر الله عز وجل
ولكن هناك من ابى السجود لادم وعصى ربه ورفض تنفيذ الامر ؟؟
ولكن كيف والملائكة معصومون ولا يختارون ولا يملكون ان يعصوا ربهم جل وعلا
كان الذي رفض السجود ابليس ولم يكن ملاكا من الملائكة بل كان من الجن وهي مخلوقات مختارة تملك ان تطيع الله وان تعصيه تماما كالانسان
ابليس وصل لمرتبة عالية من الشرف والعبادة جعلته مع الملائكة المقربين في المرتبة في السماوات العلا ولكنه كان مختلفا عنهم فهم ملائكة وهو من الجن ولكنه كان عابدا زاهدا
اذن لماذا لم ينفذ الامر وعصى ربه ؟؟الاجابة هي التكبر والغرور والحسد الذي ملاء قلب ابليس تجاه ادم
شعر ابليس بالحقد والكراهية تجاه هذا الكائن الجديد الذي خلقه الله عز وجل بيديه الكرمتين ونفخ فيه من روحه واسجد له ملائكته
فساله رب العزة وهو اعلم بحاله
(قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ ) ص 75
وهنا يفضح ابليس نفسه ويكشف القناع عن خبثه وعن الحقد والغيرة والحسد الذي ملاء قلبه : كيف اسجد لادم وانا خير منه ؟؟ انا مخلوق من نار وهو من مخلوق من طين ؟؟
فغضب الله عز وجل عليه غضبا شديدا وقال له
قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} - الحجر (34) {وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ} - الحجر (35
هنا ادرك ابليس انه قد خسر كل شئ وان غضب الله قد حل عليه ولعنة الله ستلاحقة الى قيام الساعة
ترى هل ندم ابليس ؟؟هل خاف من عذاب الله الذي سيصيبه ؟؟هل فكر بالتراجع ؟؟
الاجابة هي لا بكل تاكيد بل ازدا كفرا وعنادا
وبدلا من ان يطلب من الله المغفرة ويتوب عما فعل طلب من الله شيئا اخر
ابليس : امهلني يارب ومد في عمري الى اليوم الذي تبعث فيه ادم وذريته ؟؟
يقول عز وجل (قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) الاعراف 15
وهنا يزدا فضاضة ابليس فالحقد والكراهية قد اعمى قلبه وعقله : اقسم بعزتك يارب ساغوي ادم وذريته اجمعين وسابعدهم عن الطريق المستقيم وسازين لهم حب الشهوات والمعاصي
الا عبادك المخلصين
يقول تبارك وتعالى
(إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ) الحجر 42
ادم يتعلم الاسماء
بعد ان سجد الملائكة لادم عليه السلام تنفيذا لامر الله عز وجل علم الله سبحانه وتعالى ادم عليه السلام الاسماء كلها وقد قال المفسرون انه علمه اسم كل شئ
ثم سال رب العزة والجلالة الملائكة ن تلك الاسماء
(أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) البقرة 31
وهنا تجيب الملائكة في ذل وخضوع ربنا لاعلم لنا الا ما علمتنا
فانبئهم ادم بالاسماء وهنا تفضيل لادم عليه السلام على الملائكة بالعلم فا لله عز وجل علم ادم علما تجهله الملائكة
ادم وحواء يسكنان الجنة
لم يرد في القران كيف ومتى خلق الله عز وجل حواء زوجة ادم ولم يرد في القران اسم حواء صراحة
اسكن الله عز وجل ادم وزوجته الجنة حيث الراحة والسرور ورغد العيش واخبرهما الله عز وجل عن الجنة التي سيعيشان فيها وعن نعيمها وحذرهما من وسوسة الشيطان التي قد تخرجهما من كل هذا النعيم والرفاهية
يقول الحق تبارك وتعالى مخاطبا ادم وزجته
{فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} - طه (117) {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى} - طه (118) {وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} - طه (119
وفي نفس الوقت اباح الله لادم وزجته ان ياكلا من كل ثمار الجنة كما يشئان الا شجرة معينة حددها الله لهم وامرهم ان لايقربوها
(وَيَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ)
الاعراف 19
وكان هذا اول اختبار لادم فمن قبل ان يخلق الله عز وجل ادم والتكريم والعناية الالهيه تحيط به من كل مكان
خلق جميل وهيئة حسنة مخلوق بيد الله عز وجل ونفخ فيه من روحه
الملائكة سجدت له من اول لحظة دبت فيه الحياة
الله عز وجل علمه اسم كل شئ
خلق له زوجة تؤنسه
اسكنهما الجنة ونعيمها
وهنا حان وقت الاختبار فكل ما في الجنة كان مسموحا لادم الا تلك الشجرة الممنوعة
هنا يظهر ابليس في الصورة مجددا ونيران الحقد والكراهية قد احرقت قلبه
الان ادم في الجنة وهو مطرود ملعون حل عليه غضب الله بعد ان كان من العابدين مع الملائكة المقربين
فهل يعقل ان يترك ابليس ادم وزجته يعيشان في سلام ونعيم
بالطبع لا وبداء ابليس يوسوس لادم وزجتة ويغريهما كي ياكلان من الشجرة الممنوعة
ويحاول ابليس المرة تلو المرة دون كلل او ملل
ابليس يوسوس لادم وزجته لماذا نهاكما الله عن تلك الشجرة بالذات اكيد ان وراء تلك الشجرة سر
ان تلك الشجرة هي شجرة الخلد لو اكلتما منها تكونان مخلدان لايصبكما الموت ويكون لكما ملك لا يبلى
جربوا تذوقوا من تلك الشجرة لن تخسروا شيئا
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى} - طه (120
لم يصمد ادم وزجته طويلا امام وسوسة ابليس واغرائاته المتكررة
وبالرغم من تحذير الله لهما من وسوسة الشيطان
وقع ادم وزجته في المعصية واكلا من الشجرة الممنوعة
وبدت لهما سؤاتهما وكانت مستورة عن اعينهما من قبل
وتعرى ادم وحواء وبدا يغطيان انفسهما من ورق الجنة
فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} - طه (121)
فنادهما الله عزوجل جل :أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ} - الأعراف (22
شعر ادم زجته بفداحة المعصية التي ارتكابها بمخالفة امر الله عز وجل وندما اشد الندم وتابا واستغفرا الله عز وجل
{قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} - الأعراف (23)
هل قبل الله عز وجل توبة ادم وزجته هل غفر لهما ذنبهما ؟؟
ان الله غفور رحيم وسعت رحمته كل شئ يقبل التوبة عن عباده
وقد تاب الله عن ادم وحواء وغفر لهما تلك المعصية
لكن لم يعد من حق ادم وزجته البقاء في الجنة بعد المعصية وكان لازم عليهم ان يغادروا الجنة ويهبطوا الى الارض
{فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} - البقرة (36) {فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} - البقرة (37) {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} - البقرة (38
على الارض تبدل الحال وانقلبت حياة ادم وحواء
فبعد النعيم والرفاهية ورغد العيش الى التعب والشقاء والكفاح في سبيل توفير لقمة العيش
لقد نجح ابليس في اغواء ادم وزجته ونجح في ان يخرهما من النعيم الى دار البلاء والامتحان
معركة ادم مع ابليس لاتزال مستمرة الى قيام الساعة معركة نعيشها يوميا وان كان ادم عليه السلام قد توفاها الله فان ذريته باقية الى قيام الساعة
لم ينس ابليس وعده وهو يعمل ليل نهار لاغواء ذرية ادم وايقاعها في المعاصي
وان كان خطاء ابينا ادم انه استجاب لوسوسة فعلينا ان نتعلم ونحذر
فالمعركة لم تنتهي بعد وموعدنا يوم القيامة ان شاء الله
القصة مليئة بالعبر والمواعظ
نلخص بعضا منها
*في القصة الحقيقة التي شغلت بال الانسانية منذ قديم العصور عن اصل الانسان الانسان مخلوق كرمه الله اوجده من العدم وخلقه في احسن تقويم فالانسان لم يوجد صدفة ولم يكن قردا وتطور
*تكريم الله الكبير لانسان في شخص ابينا ادم عليه السلام ترى ما واجبنا تجاه كل ذلك التكريم ؟؟
*الملائكة عباد مقربون لكنهم لايعلمون الغيب فلا يعلم الغيب الا الله عز وجل
*ان البشر اصلهم واحد وهو ابينا ادم وامنا حواء لافضل لعربي على اعجمي ولا ابيض على اسود الا بالتقوى فجميعنا مخلوقون من تراب والى التراب نعود
*التكبر والغيرة والحسد من ابشع الصفات التي قد تبدل الحال من اعلى علين الى اسفل اسفلين
*التحذير من وسوسة ابليس اللعين فالمعركة لن تقف عند ادم وزجته بل هي مستمرة الى قيام الساعة فعلينا الحذر ثم الحذر ثم الحذر
يقول تبارك وتعالى (يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ) الاعراف 27
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم (الشيطان يجري من ابن ادم مجرى الدم) الراوي:علي بن الحسين بن أبي طالبا لمحدث:البخاري- المصدر:صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم:7171
خلاصة حكم المحدث:[صحيح
*ان الله عز وجل قد تاب عن ادم وحواء وذنبهما لاتتحمل وزره ذريتهما كما يقول اصحاب الدينات المحرفة عن الخطيئة التي تتحمل وزرها ذرية ادم يقول الحق تبارك وتعالى (ولاتزر وازرة وزر اخرى ) فاطر 18
اتمنى ان تحوز مشاركتي على استحسانكم واشكر القائمين ع هذه المسابقة فقد استفدت واستمتعت جدا جدا خلال رحلة البحث والتنسيق
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الروابط المفضلة