؛
هي قصة بطلها فتاً آمن ، فصبر وثبت ، فآمنت معه قريته
وأنتصر حتى صار قدوة تتلخص في قصة من أروع قصص القرآن الكريم
أنها قصة * * *
* موقع القصة في القرآن الكريم *
ورد ذكر القصة في سورة البروج الآيات الرابعة والتاسعة ، قال الله تعالى ...
بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ
وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ }
صدق الله العظيم
* تفاصيل القصة في صحيح الإمام مسلم *
إنها قصة غلام نور الله بصيرته ، وآتاه من الإيمان والثبات ، والذكاء والفطنة ما استطاع به أن يغير حال أمة بأكملها
وأن يزلزل عرش ذلك الطاغية المتجبر ، الذي ادعى الألوهية من دون الله
فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( كان ملك فيمن كان قبلكم ، وكان له ساحر ، فلما كبر قال للملك: إني قد كبرت فابعث إلي غلاما أعلمه السحر ، فبعث إليه غلاما يعلمه،
فكان في طريقه إذا سلك راهب ، فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه ، فكان إذا أتى الساحر مر بالراهب وقعد إليه فإذا أتى الساحر ضربه
فشكا ذلك إلى الراهب ، فقال : إذا خشيتَ الساحر فقل : حبسني أهلي ، وإذا خشيت أهلك فقل : حبسني الساحر
فبينما هو كذلك ، إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس، فقال : اليوم أعلم آلساحر أفضل أم الراهب أفضل
فأخذ حجرا فقال : اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس ، فرماها فقتلها
ومضى الناس ، فأتى الراهب فأخبره ، فقال له الراهب ...
" أي بني ، أنت اليوم أفضل مني ، قد بلغ من أمرك ما أرى ، وإنك ستبتلى ، فإن ابتليت فلا تدل علي "
وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص ، ويداوي الناس من سائر الأدواء ،
فسمع جليس للملك كان قد عمي ، فأتاه بهدايا كثيرة ، فقال ما هاهنا لك أجمع إن أنت شفيتني
فقال إني لا أشفي أحدا ، إنما يشفي الله ، فإن أنت آمنت بالله دعوت الله فشفاك ، فآمن بالله ، فشفاه الله
فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس ، فقال له الملك : من رد عليك بصرك ، قال : ربي ، قال : ولك رب غيري ، قال : ربي وربك الله
فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام ، فجيء بالغلام ، فقال له الملك : أي بني ، قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص ، وتفعل وتفعل،
فقال : إني لا أشفي أحدا ، إنما يشفي الله ، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب ، فجيء بالراهب ،
فقيل له : ارجع عن دينك ، فأبى ، فدعا بالمئشار ، فوضع المئشار في مفرق رأسه فشقه حتى وقع شقاه.
ثم جيء بجليس الملك ، فقيل له : ارجع عن دينك ، فأبى ، فوضع المئشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه،
ثم جيء بالغلام ، فقيل له : ارجع عن دينك ، فأبى ، فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال : اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل
فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فاطرحوه ، فذهبوا به فصعدوا به الجبل فقال :
" اللهم اكفنيهم بما شئت ، فرجف بهم الجبل فسقطوا ، وجاء يمشي إلى الملك "
فقال له الملك : ما فعل أصحابك ، قال : كفانيهم الله ، فدفعه إلى نفر من أصحابه
فقال : اذهبوا به فاحملوه في قرقور فتوسطوا به البحر ، فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه.
فذهبوا به فقال : اللهم اكفنيهم بما شئت ، فانكفأت بهم السفينة فغرقوا ، وجاء يمشي إلى الملك،
فقال له الملك : ما فعل أصحابك ، قال : كفانيهم الله ، فقال للملك : إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به ،
قال وما هو ، قال : تجمع الناس في صعيد واحد ، وتصلبني على جذع ، ثم خذ سهما من كنانتي ، ثم ضع السهم في كبد القوس ،
ثم قل " باسم الله رب الغلام " ثم ارمني، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني،
فجمع الناس في صعيد واحد ، وصلبه على جذع ، ثم أخذ سهما من كنانته ، ثم وضع السهم في كبد القوس،
ثم قال : باسم الله رب الغلام ، ثم رماه ، فوقع السهم في صُدْغِهِ ، فوضع يده في صُدْغِهِ في موضع السهم فمات،
فقال الناس " آمنا برب الغلام " آمنا برب الغلام ، آمنا برب الغلام،
فأُتِيَ الملكُ فقيل له : أرأيت ما كنت تحذر ، قد والله نزل بك حَذَرُكَ ، قد آمن الناس.
فأمر الملك بالأخدود في أفواه السكك فخدت ، وأَضْرَمَ فيها النيران ، وقال...
" من لم يرجع عن دينه فأحموه فيها ، أو قيل له : اقتحم ففعلوا "
حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها ، فتقاعست أن تقع فيها ، فقال لها أبنها : يا أُمَّاهِ اصبري فإنك على الحق ))
* العبــــرة *
إن هذه القصة تبين لنا قاعدة مهمة من قواعد النصر ، وهي أن الانتصار الحقيقي هو انتصار المبادئ والثبات عليها
وأن النصر ليس مقصوراً على الغلبة الظاهرة ، فهذه صورة واحدة من صور النصر الكثيرة ،
وأن الحياة الدنيا وما فيها من المتاعب والآلام ليست هي الميزان الذي يوزن به الربح والخسارة
لقد انتصر هذا الغلام عدة مرات في معركة واحدة وموقف واحد
انتصر بقوة فهمه وإدراكه لأقصر وأسلم الطرق لنصرة دينه وعقيدته
وإخراج أمته ومجتمعه من الظلمات إلى النور ، وانتصر بقدرته على اتخاذ القرار الحاسم في الوقت المناسب
متخطيا جميع العقبات ، ومستعليا على الشهوات ، ومتاع الحياة الدنيا ،
وانتصر عندما تحقق ما كان يدعو إليه وما قدم نفسه من أجله
وانتصر عندما فاز بالشهادة في سبيل الله ، وانتصر عندما خلد الله ذكره في العالمين
وجعل له لسان صدق في الآخرين ، صحيح أن الناس كلهم يموتون ، ولكنهم لا ينتصرون جميعاً هذا الانتصار .
* الأستفــــــادة *
لو تعمقنا في دراسة هذا الحديث لتبين لنا أنه من الأحاديث المهمة في التربية و التطور و الثقة بالله
تصحيح بعض المفاهيم .فمن هذه الفوائد هذه الباقة العطرة :
الفائدة الأولى :
إن بطل هذه القصة المثيرة هو غلام وهو الذي أجرى الله على يديه على الأحداث السابقة الواردة في الحديث النبوي الشريف ...
وهذا يجعلنا بل يثير انتباهنا كي نهتم بالأطفال أبلغ اهتمام فأطفال اليوم هم في الغد رجال
ويجب إن نحسن علاقتنا التربوية معهم التي طغت عليها العلاقة العضوية والمتمثلة في الطعام و الشراب و النسب
* * *
الفائدة الثانية :
أما الفائدة الثانية من الحديث فتستشفها من قول الراهب " أي بني أنت اليوم أفضل مني "
و أي تشجيع أعظم من أن يمدح الأستاذ تلميذه و يعترف بجهوده ويعترف بأن تلميذه أصبح أفضل منه
وهي النقطة التي لم نستطع حتى الآن و منذ قرون أن نتجاوزها
وبحاجة ماسة لها حتى يبدأ التلميذ من حيث انتهى أستاذه و يساهم في بناء قلعة الإسلام
* * *
الفائدة الثالثة :
و هي تكمن في صدق الالتجاء إلى الله تعالى و طريقة الدعاء و الثقة بالإجابة و ذلك عندما قال ...
(( اللهم اكفنيهم بما شئت )) وهو دعاء يحمل فيه ذلك الغلام الثقة المطلقة بالله عز و جل
* * *
الفائدة الرابعة :
الإصرار على نشر الدعوة و هذا يؤخذ من هذا المشهد الذي تكرر مرتين في الحديث " و جاء يمشي للملك "
لإن في عنقه رسالة لابد أنه مؤديها لذلك عاد مرة تلو المرة
* * *
الفائدة الخامسة :
تكمن في تبني عامة الناس المبدأ الصحيح .
حيث طلب هذا الغلام من الملك أن يجمع له الناس على صعيد واحد أمام طاغ أو ظالم
* * *
الفائدة السادسة :
تحديد مفهوم النصر ، حيث قام هذا الغلام بتوضيح المفهوم الحقيقي للنصر وهو انتصار المبدأ السليم والفكر الصحيح
و هذا واضح من خلال دلالة هذا الغلام الملك على طريقة قتله
* * *
الفائدة السابعة :
و تتمثل في الثبات على مبدأ الحق الذي سطع و ذلك من خلال الفقرة التي مثلت صورة الأم مع طفلها و قول الطفل
(( يا أماه اصبري فإنك على حق )) .
و لعل صفة الثبات على المبدأ من أهم الصفات التي يجب أن يتمتع بها الإنسان المسلم
و صدق رسول الله " يمسي الرجل مؤمناً و يصبح كافراً و يصبح الرجل مؤمناً
و يمسي كافراً يبيع رئيسه بعرض من الحياة الدنيا "
* * *
أتمنى أن ينال الطرح استحسانكم
دمتم بخير وهناء * * * والله ولي التوفيق
أختكم في الله الفالحة
الروابط المفضلة