أخواتى فى الله
لا يستغني الحافظ والمُفسر للقرآن الكريم و المتدبر له عن معرفة أسباب نزول آياته
لذلك سوف أعرض عليكم موضوع عن أسباب نزول بعض الايات فى القرآن الكريم
وسيكون ذلك فى حلقات متجددة
فتابعونى
إن معرفة أسباب نزول آيات القرآن الكريم مهمة جدا لأنها تؤدي إلى فوائد كثيرة منها:
1
بيان أن القرآن نزل من الله سبحانه و تعالى وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عن الشيء
فيتوقف عن الجواب أحياناً حتى ينزل عليه الوحي أو يخفى عليه الأمر الواقع فينزل الوحي مبيناً له
2
بيان عناية الله سبحانه وتعالى برسوله صلى الله عليه وسلم في الدفاع عنه
3
بيان عناية الله تعالى بعباده في تفريج كرباتهم وإزالة غمومهم
4
فهم معاني آيات القرآن الكريم على الوجه الصحيح ودفع الإشكال عنها
5
بيان الحِكمة مِن تشريع بعض الأحكام
6
تيسير الحفظ وتسهيل الفهم
الحلقة التاسعة
قال الله تعالى :
{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ,
الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ الَّلائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ
المجادلة : 1 :2
المشهورُ في سببِ نزولِ هذه الآيةِ الكريمةِ أنّها نزلت في خَوْلة بنت ثعلبة
والتي جاءت تشكي زوجها أَوْس بن الصامت – رضي الله عن الصحابة جميعاً – إلى رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم -
فقد روى البخاريّ عن عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت :
" الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعه الأصْوَات , لَقَدْ جَاءَتْ الْمُجَادِلَة تَشْكُو إِلَى رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَأَنَا فِي نَاحِيَة الْبَيْت مَا أَسْمَع مَا تَقُول, فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ :
(( قَدْ سَمِعَ اللَّه قَوْل الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوْجهَا)) "
وفي رواية عند أصحاب السُّنن :
" تَبَارَكَ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُه كُلّ شَيْء , إِنِّي لأسْمَع كَلام خَوْلَة بِنْت ثَعْلَبَة ، وَيَخْفَى عَلَيَّ بَعْضه
وَهِيَ تَشْتَكِي زَوْجهَا إِلَى رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَهِيَ تَقُول : يَا رَسُول اللَّه ! أَكَلَ شَبَابِي وَنَثَرْت لَهُ بَطْنِي , حَتَّى إِذَا كَبِرَ سِنِّي وَانْقَطَعَ وَلَدِي ظَاهَرَ مِنِّي اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْك !
فَمَا بَرِحْت حَتَّى نَزَلَ جِبْرِيل بِهَذِهِ الآيَة : "
ويُروى أنَّ خولة التقت عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – وهو يسير مع الناس فَاسْتَوْقَفَتْهُ فَوَقَفَ لَهَا وَدَنَا مِنْهَا وَأَصْغَى إِلَيْهَا رَأْسه
وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْهَا حَتَّى قَضَتْ حَاجَتهَا وَانْصَرَفَتْ فَقَالَ لَهُ رَجُل :
يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ حَبَسْت رِجَالات قُرَيْش عَلَى هَذِهِ الْعَجُوز ؟!
قَالَ : وَيْحك وَتَدْرِي مَنْ هَذِهِ ؟ قَالَ : لا !
قَالَ : هَذِهِ اِمْرَأَة سَمِعَ اللَّه شَكْوَاهَا مِنْ فَوْق سَبْع سَمَوَات ؛ هَذِهِ خَوْلَة بِنْت ثَعْلَبَة
وَاَللَّه لَوْلَمْ تَنْصَرِف عَنِّي إِلَى اللَّيْل مَا اِنْصَرَفْتُ عَنْهَا حَتَّى تَقْضِي حَاجَتهَا إِلَى أَنْ تَحْضُر صَلاة فَأُصَلِّيهَا ثُمَّ أَرْجِع إِلَيْهَا حَتَّى تَقْضِي حَاجَتهَا .
وأصل (الظِّهَار) أن يقول الرجل لامرأته : " أنتِ عليّ كظهر أمي "
أي : كحرمة ظهر أمي
وهو حرام لا يجوز الإقدام عليه ؛ لأنه كما أخبر الله عنه منكر من القول وزور وكلاهما حرام
فإذا أمسك الرجل زوجه فلا يقربها حتى يُكفّر كفارة ظهار وهي كما قال تعالى :
((فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا))
والظهار كان طلاقاً في الجاهلية فقرر الشرع أصله ، ونقل حكمه إلى تحريم مؤقت بالكفارة غير مزيل للنكاح
فعلى المسلم أن يحفظ لسانه فهو أصل البلايا والرزايا
النتيجة
إن من حسن إسلام المرء أن يمسك لسانه عند الغضب
كما وصنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
حيث قال :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه:
":جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : مُرْنِي بِأَمْرٍ
قَالَ : لاَ تَغْضَبْ
قَالَ : فَمَرَّ ، أَوْ فَذَهَبَ ، ثُمَّ رَجَعَ ، قَالَ : مُرْنِي بِأَمْرٍ ،
قَالَ : لاَ تَغْضَبْ
قَالَ : فَرَدَّدَ مِرَارًا ، كُلَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ فَيَقُولُ : لاَ تَغْضَبْ.
- وفي رواية : أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ ، فَقَالَ : مُرْنِي بِأَمْرٍ وَلاَ تُكْثِرْ عَلَيَّ حَتَّى أَعْقِلَهُ ،
قَالَ : لاَ تَغْضَبْ ، فَأَعَادَهُ عَلَيْهِ ، فَأَعَادَ عَلَيْهِ : لاَ تَغْضَبْ"
أخرجه البُخاري
إن الغضب قد يؤدى إلى دمار الحياة الزوجية بكلمة (انت على كظهر امى) فهى أهانة للمرأة والرجل معا
وتكلفتها غالية لعودة العلاقة الزوجية مالا يطيق كما امر الله قال تعالى فى نفس السورة :
(وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ,
فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
المجادلة :4:3
لقد عدد الله سبحانه وتعالى العقوبات حتى إذا كانت واحدة مستحيلة فالاخرى تحل محلها
نرجوا من الله أن يهدى رجال المسلمين ولا يقعوا فى هذا المحذور يعلمون أن الله سميع بصير
يسمع شكوى الزوجة المظلومة من فوق سبع سموات
وقديماً قالوا :
ما مِن شيء أحوج إلى طول حبسٍ من لسان
اللهمّ احفظ ألسنتا أن نقول زوراً أو أن نغشى فجوراً
اللهمَّ آمين
اللهم ثبتنا على الإيمان بكل ما جاء فى القرآن الكريم والسنة الشريفة
ولنا لقاء قادم بمشيئة الله
فتابعونا
تمت الاستعانة ببعض المواقع الاسلامية
الروابط المفضلة