المائدة:44
أخواتى فى الله
لا يستغني الحافظ والمُفسر للقرآن الكريم و المتدبر له عن معرفة أسباب نزول آياته
لذلك سوف أعرض عليكم موضوع عن أسباب نزول بعض الايات فى القرآن الكريم
وسيكون ذلك فى حلقات متجددة
فتابعونى
إن معرفة أسباب نزول آيات القرآن الكريم مهمة جدا لأنها تؤدي إلى فوائد كثيرة منها:
1
بيان أن القرآن نزل من الله سبحانه و تعالى وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عن الشيء
فيتوقف عن الجواب أحياناً حتى ينزل عليه الوحي أو يخفى عليه الأمر الواقع فينزل الوحي مبيناً له
2
بيان عناية الله سبحانه وتعالى برسوله صلى الله عليه وسلم في الدفاع عنه
3
بيان عناية الله تعالى بعباده في تفريج كرباتهم وإزالة غمومهم
4
فهم معاني آيات القرآن الكريم على الوجه الصحيح ودفع الإشكال عنها
5
بيان الحِكمة مِن تشريع بعض الأحكام
6
تيسير الحفظ وتسهيل الفهم
الحلقة الحادى عشر
قال الله تعالى :
( وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا ,
يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا )
النساء : 108:107
روي أن هذه الآيات نزلت في طعمة بن أبيرق وإخوته وكان قد سرق درعاً من دار جارٍ له يقال له قتادة
وودعها عند يهودي يقال له يزيد بن السمين ولما اتهم طعمة وخاف هو وإخوته المعرة رموا بها اليهودي
وقالوا هو السارق وأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلفوا على براءة أخيهم فصدقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقالوا هو السارق لشهادة بني أبيرق عليه وإذا بالآيات تنزل ببراءة اليهودي
وإدانة طعمة ولما افتضح طعمة وكان منافقاً أعلن عن ردته وهرب
معنى الآيات الكريمة :
( وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ)
" الاختيان " و " الخيانة "
بمعنى الجناية والظلم والإثم وهذا يشمل النهي عن المجادلة عن من أذنب وتوجه عليه عقوبة من حد أو تعزير
فإنه لا يجادل عنه بدفع ما صدر منه من الخيانة أو بدفع ما ترتب على ذلك من العقوبة الشرعية
" إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا "
أي: كثير الخيانة والإثم
وإذا انتفى الحب ثبت ضده وهو البُغْض
هذا أمر من الله لكل من بيده الحكم بين الناس أن يحكم بما أنزل الله تعالى في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم
ولا يجوز الوقوف إلى جنب الخونة الظالمين نصرة لهم مهما كانت قيمتهم فى المجتمع أو درجة القربى بهم
فإذا أنتم توليتم الدفاع عنهم اليوم وتم تبرئتهم و هم مذنبون والله سبحنه وتعالى يعلم أنهم كذلك لأنه السميع العليم
فمن سيدافع عنهم يوم القيامة يوم لا تملك فيه نفس لنفس شيئاً والأمر كله لله
النتيجة
فالحكم بما أنزل الله تعالى فريضة متحتمة وهو من لوازم الإيمان بالله تعالى
والحكم بغيره يتردد بين أن يكون كفرا أصغر أو كفرا أكبر
لقوله تعالى :
(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)
(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)
المائدة:45
وبناء عليه
إن الله سبحانه وتعالى هو من له حق الحكم والتشريع للخلق وتلزم طاعته وامتثال أوامره والخضوع له
والانقياد لما شرع لأنه سبحانه خالق الخلق وأعلم بمصالحهم ومربيهم وأعلم بشؤونهم وهو الحكيم العليم الرؤوف الرحيم سبحانه
له مقاليد السموات والأرض وبيده ملكوت كل شيء وهو على كل شيء قدير شرع لجميع الخلائق في جميع الأمم
ومن يملك الحكم بين الناس عليه الإلتزام بما شرع الله والعقوبة على مخالفته والثواب على طاعته
وهذا الحديث الشريف يدلنا على أن الحكم بما شرع الله يجب أن يطبق على الجميع
أنَّ قُرَيْشًا أهَمَّهم شأنُ المرأةِ المحزوميَّةِ الَّتي سَرقَت فقالوا من يُكَلِّمُ فيها رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ؟
فقالوا من يجتَرِئُ عليهِ إلَّا أسامةُ بنُ زيدٍ حِبُّ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فَكَلَّمَهُ أسامةُ
فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ :
(أتَشفعُ في حدٍّ من حدودِ اللَّهِ ثمَّ قامَ فاختَطبَ فقالَ إنَّما أهْلَكَ الَّذينَ من قبلِكُم أنَّهم كانوا إذا سَرقَ فيهمُ الشَّريفُ ترَكوهُ
وإذا سرقَ فيهمُ الضَّعيفُ أقاموا عليهِ الحدَّ . وأيمُ اللَّهِ ! لَو أنَّ فاطمةَ بنتَ محمَّدٍ سرَقَت لقطعتُ يدَها)
الراوي: عائشة أم المؤمنين - المحدث: الالبانى - المصدر: صحيح الترمذى
خلاصة حكم المحدث: صحيح
اللهم أقم علينا من يقيم العدل فينا
ولنا لقاء قادم بمشيئة الله
فتابعونا
تمت الاستعانة ببعض المواقع الاسلامية
الروابط المفضلة