أيُعقلُ أن يقُومَ بمَهامِه دُونَها و قد اعتادها لهُ حياة ؟!
تسلّل خلفها و قد علم أمرها
لطالما تعلّقَ بصرُها ببابِ تلكَ الرّوضةِ المُشرقة ..
فطأطأ رأسهُ و تنهيدةٌ عميقة تسبَقُ هَمْسَه .
إيــــه !
كنّا نسكنُ تيكَ الرّياض
و آمالُنا تعلو الثريّا ؛ ترجو العليّ توفيقا و تيسيرا !
و استمرّ الخافقُ يتبعها ..
ظلّت نبضات تلحظُُ خروجَ رفيقاتها و قد تمتّعنَ بالنسيمِ العليل و جَنَـيْنَ أطيبَ الثَّمرِ و أصواتُ ضحكاتهنّ تملأ أرجاءَ المكانِ
و سَكينةٌ في القلوب سَكينَة و انشراحٌ و مساحات نديّة تَحتضِنهنّ ..
فتملأها الغبطةُ و يسبحُ فِكرها لماضٍ قريبٍ ؛ للحظاتٍ جمعتها بهنّ , تبادَلْنَ فيها الوداد و تَشاركنَ المآرب ..
استرق الخافق النظر إليها , و رغم احتياجه الشديدِ لها لم يُشعرها بوجوده
..استمرَ لبُرهة ..
و فجأة لمحَ بسمتها و تهلّل وجهها فرحا
فأسرع إليها في اشتــياق ..
و عندما لمحته سارت نحوه تحملُ لهُ أعذارا و حنينا .
قال لها :
- رُزِقتِ ما تأملين ؟
قالت :
- بلى :" )
نظرتُ إلى الأرضِ فلمحتُ نملةً تلتصقُ لصغرِ حجمها بالتراب و هي تسير و قد حملت فوق ظهرِها
بذرةً تفوقُ حجمها أضعافا و كلّما أوقعتها عادت لأخذها و إكمالِ المسير
فتذكرتُ همسة صديقتي لي ذات يوم ؛ أنّ من أعظمِ الدروس المشهودة في عالمِ النجاح النّملة و كيفَ أنها تُعيدُ مُحاولتها مرّات و مرّات
حتّى تصلَ إلى غايتها ؛ فهيَ تتسلّقُ الشَّجرةَ فتسقُط , ثمَّ تُعاود الصُّعودَ فتسقطَ و هكذا , حتّى تنجحَ في الصُّعودِ
و الحصولِ على المطلوبِ من دونِ كلل و لا مللٍ , و إذا أُغلقت عليها طرقها أخذتْ ذاتَ اليمينِ و ذات الشِّمال ,
و إذا صعُبَ عليها الصُّعودُ تأخَّرت ثمَّ عادت أقوى مما كانت , و ربَّما تبتعدُ عن طريقِها الأوَّلِ لبعضِ العوارِضِ ,
لكنَّها تعودُ في نفسِ الإتِّجاهِ حتَّى تصل .
و لها قُوَّةٌ عجيبة في الإصرارِ على المطلوبِ و عدمِ اليأْسِ , حتَّى ضُربَ بها المثلُ .
و أكملت النبضاتُ قائلة :
- سنستعينُ بالله يا خافقي و سنواصلُ مسيرتنا , سنعودُ بإذن الله أقوى من ذي قبل
أشدُّ صمودا و أعلى همّة
سنملأ صدورنا بآيِ النّورِ
و نسعى لتحقيق المُنى ؛ لبزوغِ فجرٍ يلتحفُ السّعد , تَحْويهِ بَركة .
فابتسم الخافقُ و حمدَ الله ..
و سارا نحوَ تلكَ الرّياض
يسكنانها من جديد .
()
و أنتِ يا من تَقْرئِــين , هل لروضِ الذِّكــرِ ستعوديــن ؟!
الروابط المفضلة