انا منذ خمسين عام أراقب حال العرب
وهم يرعدون ولا يمطرون
وهم يدخلون الحرروب ولا يخرجون
وهم يعلكون جلود البلاغة ولا يهضمون
انا منذ خمسين عام أحاول رسم بلاد
تسمى مجازا _بلاد العرب
رسمت بلون الشرايين حينا
وحينا رسمت بلون الغضب
وحين انتهى الرسم سألت نفسي
اذا أعلنوا يوما موت العرب
ففي أي مقبرة يدفنون ؟
ومن سوف يبكي عليهم ؟
وليس لهم بنات
وليس لهم بنون
وليس هناك حزن ولا من يحزنون
أحاول منذ أن بدأت شعري
قياس المسافات بيني وبين جدودي العرب
رأيت جيوشا ولا من جيوش
رأيت فتوحا ولا من فتوح
وتابعت كل الحروب على شاشات التلفزة
فقتلاء على شاشات التلفزة
وجرحاء على شاشات التلفزة
ونصر من الله يأتينا على شاشات التلفزة
أيا وطني جعلوك مسلسل رعب
نتابع أحداثه في المساء
فكيف نراه اذا قطعوا الكهرباء
أنا بعد خمسين عام
أحاول تسجيل ما قد رأيت
رأيت شعوبا تظن بأننا رجال المباحث
أمر من الله مثل الصداع والزكام
ومثل الجذام ومثل الجراب
رأيت العروبة معروضة في مزاد الأثاث القديم ........ولكني ما رأيت العرب

من شعر نزار قباني أرجو أن ينال اعجابكم