قبل أعوام كتب رسالة خاصة لفتاة مجهولة ... كانت مليئة بمشاعر صادقة ... وضع تلك الرسالة في زجاجة والقاها في البحر ... كان البحر مفتوح على محيط كبير ... كانت امواج البحر العاتية تحمل الرسالة بكل الحب ... وكان نسيم البحر حنون ... كانه استشعر بما احتوته تلك الرسالة الغامضة ... بقيت تلك الرسالة في البحر عشرات السنوات ... وفي كل يوم يتفقد صندوق بريده ... عساها تكون قد وصلت ...
في أحد الايام كان جالسا على شرفة منزله ... يتأمل نجوم السماء وأنوارها ... لاحظ نجمة صغيرة تنسج من ضياء حزين نور يصل للقلب برموز دافئة حاكية ... بالمشاعر ناطقة ...
تذكر رسالته التي لا تفارق فكره ... واعتقد أن هذه اشارات ... تعني أن رسالته قد وصلت لتلك الانسانة ... وان هذا تخاطر ما بين النجمة والمرسل والمرسل اليها ... مرت تلك الليلة أطول من باقي الليالي ... كانت الدقائق كساعات ... وعقارب الساعة بطيئة ثقيلة ... بزغت خيوط يوم جديد ... ومع اشراقة شمس الصباح ... وقف متسمرا امام مكتب البريد ... مرت ساعات وهو يتفكر في الرد ... في وصول الرسالة ... ومن هي الفتاة ... وهل تحمل صورة لها ... وهل من المعقول بعد هذه السنوات تكون قد وصلت ... ولاي بلد وصلت ... وماذا ... وماذا ... عشرات الآسئلة انهالت على مخيلته وهو ينتظر ... اااهاااااا ... أأأأهاااااا ... ما أصعب الانتظار ... انتظر عشرات السنوات ... ولكن هذه الدقائق اكثر قسوة وايلاما في حرقة الشوق والانتظار ...
أخير ... لاحت موظفة البريد ... وفتحت أبواب تلك القلعة ... لذلك الصندوق ... ذهب مسرعا لصندوق بريده ... وصرخ فرحااااا ... نعم هذا رد ... الله ... الله ... الله ... أمسك الرساله بيده ... كأنه يحتضن قلبه الذي القاه في البحر قبل سنوات ... روحه الهائمة بين النجوم ردت اليه ... عيونه تشع نورا وفرحا وسعادة ... قدميه بالكاد تلمس الارض من سعادته الغامرة ...
وفجأة شعر بكأبة وحزن ... يا ترى ماذا يحمل الرد ... وهل هي فتاة ... هل هي جميلة كما رسم صورتها في سماء المحبة ... وكيف يكون الحب حبا من رسالة ... ولماذا كل هذه السنوات ليصل الرد ... امواج من الحيرة ... وعواصف من التردد ... هل يفتح تلك الرسالة ... هل تلك الرسالة بمستوى اشواقه وتطلعاته ... ذهب الى ركن هادئ قبيل مغيب الشمس بقليل ... وحسم اخيرا امره ... سيفتح الرسالة ... أسند ضهره الى جذع شجرة الياسمين ... على تلك الربوة المطلة بلدته ... تأمل المغلف تارة ... وخطوط الكتابة تارات اخرى ... كان يشم رائحة المغلف مع تناهيد عميقة ...
اخيرا جاءت لحظة الحسم ... فتح مغلف الرسالة ... جاء في الرد هذه الكلمات ...
( انا امل ابنة السيدة ميريام ... وصلت رسالتك لامي قبل 23 سنة ... وكانت حاملا بي ... من ابي الشهيد ... وقد كانت رسالتك هي عيون الامل لوالدتي التي توفيت قبل اسبوع ... كانت تطالعها كل صباح ومساء ... كانت رسالتك تعطيها القوة والنشاط ... كانت رسالتك طاقات ايجابية لها لمواجهة أعاصير الحياة بكل ما فيها ... لم تتمكن والدتي رحمها الله من الرد اليك ... لانها اختارت ان تحيا مع قلبك وروحك بفيوض رسالتك ومشاعرك الصادقة ... وان الحب الصادق ان وجد ... من الصعب ان يحيا بين البشر ... سلام ) .
امسك الرسالة ... بدمعة حارقة ... وتنهيد عميقة ... وقال :
كنت اعلم ان هناك من تستحق حبي ... بكل الوفاء والامل .
الروابط المفضلة