مَوْلَانَا وَخَالِقَنَا : لَقَدْ اعْطَيْتَنَا الْكَثِيْرِ مِنَ الْنَّعَمِ الَّتِيْ لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَىَ ، وَخَلَقْتَنِا مِنْ الْحُبِّ ، يَوْمَ أَحْبَبْتَ أَوَّلَ خَلْقِكَ أَبُوْنَا آَدَمُ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ ، فَنَفَخَت فِيْهِ مِنْ رُوْحِكَ ، وَلَقَدْ فَضَّلْتَنَا عَلَىَ سَائِرِ مَخْلُوْقَاتِكَ ، وَأَكْرَمْتِنا بِالْكَثِيْرِ وَالْكَثِيْرِ مِنَ الْنَّعَمِ ..!
وَمَنْ الْوَاجِبِ عَلَىَ كُلِّ مُسْلِمٍ الْإِعْتِرَافِ بِتِلْكَ الْنِّعَمِ ، بَلْ وَالْتَّحَدُّثِ عَنْهَا مِنْ بَابِ الْشُّكْرُ وَالْعِرْفَانُ وَلَيْسَ مِنْ بَابِ التَّعَاظُمِ ، فَالْعَظَمَةُ لِلْخَالِقِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَامَّا الْمَخْلُوْقِ ، فَيَطْمَعَ فِيْ رَحْمَةٍ رَبِّهِ ، رَاجِيَا مَغْفِرَتِهِ، سَائِلَا الْمَوْلَىْ الْرِّزْقِ الْحَلَالِ ، وَسَكِيْنَةٌ الْرُّوْحِ ، وَالْمَزِيْدُ مَنْ الْهُدُوءْ وَالاسْتِقْرِارِ الْنَفْسِىَ ، وَسَكِيْنَةٌ الْرُّوْحِ .. وَسَكِيْنَةٌ الْعَقْلِ ، وَالْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ ..!
فَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْطَانَا وَأَكْثَرُ الْعَطَاءِ ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ الْغَنِيُّ وَنَحَنُ الْفُقَرَاءُ إِلَيْهِ ، وَهُوَ جَلَّ شَأْنٍ الَّذِىْ يَرْضَىَ عَنَّا إِذَا أَكَلْنَا أَوْ شَرِبْنَا فَحَمَدْنَاهُ عَلَىَ ذَلِكَ .
وَهْنَا يَجِبُ أَنْ تَكُوْنَ لِكُلِّ مِنَّا وَقَفَةً مَعَ نَفْسِهِ ، وَيَسْأَلُهُا :
هَلْ تَأَمَّلْتُ تِلْكَ الْنِّعَمِ الْكَثِيْرَةِ ، وَمَا مَدَىْ شُكْرِهَا لِهَذِهِ الْنِّعَمِ ، وَهَلْ عَلِمْتِ أَيَّتُهَا الْنَّفْسُ الْبَشَرِيَّةُ :
أَنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَقّا فِيْ كُلِّ نِعْمَةٍ أَصَابَتْنَا ..؟
وَوَقْدَ يُسْأَلُ الْبَعْضُ كَيْفَ يَكُوْنُ ذَلِكَ وَهُوَ الْعَاطِي سُبْحَانَهُ لِتِلْكَ الْنِّعَمِ ..!
وَالْرَّدِّ فِيْ مُنْتَهَىَ الْبَسَاطَةٍ لَوْ فَكَّرْنَا قَلِيْلا .. فَاللَّهُ خَلَقْنَا وَفَضْلٍ بَعْضُنَا عَلَىَ بَعْضٍ فِيْ الْرِّزْقِ وَالْغِنَى وَالْفَقْرَ ، وَالْقُوَّةَ الْضَعْفَ ، وَفِيْ الْصِّحَّةِ ، وَفِىُّ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ ...... أُلَخِّ ..!
لِــــــــــــــــــــــــــــــــــذَا ..
فَلْلفَقِيّرِ حَقٍّ فِيْ مَا اعّطَانَا الْلَّهِ مِنْ أَمْوَالِ .
وَلِلْعَاجِزِ حَقٍّ فِيْ الْقُدْرَةِ الَّتِيْ مَنَحَنَا الْلَّهُ إِيَّاهَا .
وَلِلَضَّعِيْفِ حَقٍّ فِيْ أَبْدَانِنَا الْصَّحِيْحَةِ وَالِسَلِيمَةً .
وَلَلْجَاهِلُ الَّذِىْ حُرِّمَ مِنْ الْعِلْمِ حَقُّ فِيْ مَا تَعَلَّمْنَاهُ .
فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِىْ اعّطَانَا الصِّحَّةِ وَالْمَالِ وَقُوَّةُ الْبَدَنِ وَالْعِلْمِ الْنَّافِعِ .. وَهْنَا يَجِبُ انْ نُكْثِرَ مِنَ الْشُّكْرِ الْدَّائِمُ لِمَنْ أَعْطَانَا تِلْكَ الْنِّعَمِ الْكَثِيْرَةِ ، فَمَنْ يُدْرَىِ فَالَدُّنْيَا دَوَائِرُ وَلَا تَدُوْمُ لِأَحَدٍ ، فَقَدْ تَرْحَلُ الْنِّعَمِ عَنَّا فَجْأَةً لِأَنَّنَا لَمْ نُحَافِظُ عَلَيْهَا بِجَانِبِ تَكَبَّرْنَا وَتُجْبِرُنَا .. ( إِلَا مَنْ رَّحِمَ رَبِّيَ ) ، وَحَتْمَا سَنَرْحَلُ نَحْنُ عَنْ تِلْكَ الْنِّعَمِ ، فَهَلْ قَدِمْنَا مَا يَنْفَعُنَا فِيْ أَخَّرْتَنَا ..؟؟
أَنَا وَأَنْتُمْ نَعِيْشُ فِيْ نَعِيْمٍ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ، نَعِيْمٍ الْأَمْنِ وَالْأَمَانَ .. نَعِيْمٍ وُجُوْدِنَا وَسَطِ الْأَسِرَّةِ مَعَ الْأَبِ وَالْأُمُّ وَالْأُخْتُ وَالاختِ ، وَنَعِيْمٍ وُجُوْدِ الْقَرِيْبِ وَالْصِّدِّيقِ وَالْجَارِ ..!
وَهُنَاكَ مَنِ فَقَدْ تِلْكَ الْنِّعَمِ ، هُنَاكَ مَنْ لَا يَجِدُ الْطَّعَامَ وَالْشَّرَابَ إِلَا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ ، وَهُنَاكَ مَنْ يَعِيْشُ ظَلَمَ وَقَسْوَةِ الْإِحْتِلالِ ، وَهُنَاكَ مَنْ هُوَ مَحْرُومٌ مِنَ الْكَهْرَبَاءِ وَوَسَائِلِ الْإِتِّصَالِ ، وَهُنَاكَ الْمَرِيْضِ الَّذِىْ يَتَأَلَّمُ وَلَا يَجِدْ مَنْ يُسْعِفُهُ أَوْ يَقْدَمَ لَهُ الْدَّوَاءُ ، وَهُنَاكَ مَنْ فَرَّقْتَ الْحَرْبِ وَظُرُوفٌ الْإِحْتِلالِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُسْرَتِهِ فَعَاشُوْا الْحِرْمَانِ وَكُتِبَ عَلَيْهِمْ الْشَّتَاتِ .. وَهُنَاكَ مَنْ لَا يَمْلِكُ قُوْتَ يَوْمِهِ فِيْ الْوَقْتِ الَّتِيْ تَمْتَلأ فِيْهِ صَنَادِيْقُ الْقُمَامَةَ فِيْ الْكَثِيْرِ مِنَ دُوَلِنَا الْعَرَبِيَّةِ بِفَائِضِ الْأَطْعِمَةِ الْمُخْتَلِفَةِ وَالْفَاكِهَةُ الْمُتَنَوِّعَةِ وَأَصْنَافِ الْحَلْوَىْ ..!
فَهَلْ شُكْرَنَا الْلَّهِ ..؟ وَهَلْ عَلِمْنَا انَّهُ بِالْشُّكْرِ تَدُوْمُ الْنِعْمَ ..؟ وَهَلْ فِكْرِنَا أَنَّ نُعْطِيَ لِلْسَّائِلِ وَالْمَحْرُوْمِ مِنْ تِلْكَ الْنِّعَمِ ..؟
وَهَلْ قُمْنَا بِزِيَارَةِ مَرِيْضٌ لِنُسْتَشْعِرَ نِعْمَةً الصِّحَّةِ .. ؟ وَهَلْ أُعْطِيَنَا حَقَّ الْسَّائِلَ وَالْمَحْرُوْمِ وَالْيَتِيْمِ مِنْ أَمْوَالِنَا حَتَّيَ يُبَارِكُ فِيْهَا الْلَّهُ ..؟
هَلْ .. وَهَلْ .. وَهَلْ .. ؟ يَجِبُ عَلَيْنَا انْ نَتَدَارَكَ تَقَصُيرْنا فِيْ حَقِّ الْلَّهِ وَحَقَّ عِبَادَ الْلَّهِ ، قَبْلَ فَوَاتِ الْأَوَانِ ..!
الروابط المفضلة