لأنني روح سئمت الحزن
وارتوت منه حد الثمالة ..
قررت .. أن أستنطق الفرح - رغماً عنه -
وأطلق مسماه على كل الأشياء ؟!
فممتلكات الدنيا أخذت غصبا ..
...
في ليلة العيد ,, جاء الأطفال إليّ مسرعين ,, و نداءاتهم تسبق بعضها :
" ياااا عموووو .. سويلي نقشة العيد "
حسناً ,, هذا عمل قمت به مرة من محض الصدفة , فستحسنوا هذا ,
وأصبح العيد لايكتمل لهؤلاء الصغار دون أن أضع بصمتي على أيدهم
بنقوش ورسومات بسيطة ..
ينظر إليها الصغار بفرح ,, وكأنها مرسومة بيد أمهر الفنانين ؟!
بعد أن وضعت لمساتي الأخيرة على أيدهم والتي حرصت هذة المرة
أن تكون أكثر إتقاناً ,, عكفت على يدي ارسم نقوش تشعرني بأن الغدَ سعيد ...
" لا أنكر بأن هذا العمل البسيط بدأ يشعرني بتميز هذه الليلة ,,
وجعلني أقـتبس شيئاً من فرحة الأطفال "
...
غفوت في ليلة العيد ,, بعد أن أخذت موعداً مع الفرح !!
وقطعت عهداً أن أكسر الفتوور الذي أصبح يلازم الجميع في يوم العيد
" قد لا يكون لي سلطان على غيري , لكن لي سلطان - وإن لم يكن قوي - على نفسي
سأحرم الحزن عليها لو ليوم واحد فقط "
كعادتي .. أسبق الموعد بقليل أوكثير ,, أستيقظت ساعة السحر ,, قبيل فجر العيد .
لم يأتي الفرح بعد - لاضير- فالعيد لم يأتي ايضاً !!
وصلتني رائحة العود ,, تبعتها لم تكن بعيدة كانت تنبعث من جميع
أرجاء المنزل ,, وبالتحديد من الصالة المجاورة لغرفتي ,, حيث كانت تمكث
أختي هناك وقد وضعت العود والقهوة وسلة الحلوى ..
" هذا هو العيد ,, كل شئ بدأ لي على ما يــرام "
لحظاات ويرتفع آذان الفجر ,, وجاء العيد ؟!! وأزدادت سرعة الحركة في المنزل ,,
أخذت أصفف شعري بعناية ,,مع بعض المشاجرات المعتادة بيني وبين أخواتي على المرآة ,,
وكأن المنزل يخلو من غيرها ؟!!
طًرِق الباب بقوة ,, إنهم أطفال أخي عادوا من جديد :
" عمووو .. شوفي فستاني ,, الله حلو ,, عممو شوفي نقشة الحناء ,,حلللوه مرة ,,
عممو تسريحتك حلوة سويلي زيها ,, نفشتك حلووه - حواار مااتع يتكرر كل عيد - "
لم أكن أنوي الخروج للصلاة العيد فالجو كان غائماً ,, لكن تذكرت حديث الرسول عليه الصلاة والسلام
وحثه على الخروج للصلاة وتأكيده على ذلك ولا حجة لدي فالمسجد قريب جداً ,, أحتسبت الأجر وخرجت
وأختي ,, كان الجو غائم و رااائع ..
كان المسجد مزدحم لكنه أقل من المعتاد ,,رائحة العود تفوح أيضاً من المسجد ,, كان أكثر هدوء ,,
لم أرى الأطفال الذين أعتدت رؤيتهم كل عيد - ربما كان هذا بسبب الأجواء الغائمة - ,, في أثناء الإستعداد
للصلاة كان بعض من المصليات بجانبي وبعض ممن هن أمامي قمن ينظرن بإستغراب للنقش الحناء على
يدي وكأنني قمت بعمل فريد من نوعه للأنني قررت أن أبتهج بالعيد !! أقتربت مني أختي هامسة :
" شوفي الكل يطالع بيدك غطيها ,, ماعليه مو إحنا بالعيد "
دقاائق وأنتهت الصلاة وبدأت خطبة العيد ,, أخذ المصلين يتسارعون في الخروج من المسجد ,, ولم يبقى
للإستماع للخطبة إلا عدد قليل أصبح المسجد المزدحم قبل قليل فاااارغ ؟!!
" لا أدري ما سر هذا النفور من الذكر والإعراض عن الإستماع للتذكير والنصح وكأنهم بلغوا من العلم والدين الكمـال ؟؟! على ما يتسابقووون أكاد أجزم بأنهم يعودون لبيوتهم ويغلقون أبوابهم وربما أستسلموا لنوووم طووووويل – يال الحمق .. دائماً ما نقـتل متعتنا بأيدينا ثم نبحث عنها !!! - "
....
عند عودتي كان المنزل ممتلئ بالزائرين " الذين لا يروا إلا بالعيد فقط " ,, الكل يتصافح ويتبادل عبارات
المعايدة على عجل – وكأنه واجب يؤدى على إكراه - وفناجيل القهوة بدأت تطووف على المهنئين ..
وقـُبلة جااافة على جبين أبي ,, ومثلها لزوجته ,, وأخرى بلا معنى لعمي ...
وتحية حب وإكبار بعثتها لأخي الأكبر الغائب في مهمة عمل للحج ..
ضجيــــــج هدأ سريعاً ,, سريعاً !!
في تمام الساعة الحادية عشر صباحاً ,, ذهب كل من إخوتي إلى غرفته وأغلق بابه ,,
بقيت وحدي !! شعرت بشيء من الملل – لكن لأنني قررت أن أحارب كل شعور سيئ في هذا اليوم –
قمت بترتيب الفوضي من حولي وجمع فناجيل القهوة المنتشرة في كل مكان ,, من يشاهد المكان
في ذلك الوقت يعتقد بأننا أنتهينا للتو من حفلة صاخبة دامت طوووويلاً ,, لا يعلم بأنها لحظااات
وصلت فيها مشاعرنا للدرجة التجمد ,, لم يعد يذيبها الشوق ؟؟!
....
الروابط المفضلة