نظر العصفور إلى الحطاب العجوز وهو يهوي بفأسه على شجرة سنديان. رغم كبر سنّه إلاّ أنّه لا يزال قوياً، يتحدى الحياة… لا يزال العصفور الصغير يذكر ذلك اليوم الذي شاهد فيه ذلك الشيخ…
لا يزال يذكر ذلك الصياد الذي صوّب سهمه إليه… ولا يزال يذكر من أنقذه… من اعتنى به حتّى عاود الطيران من جديد. منذ ذلك اليوم والعصفور الصغير يطير بجانب كوخ الحطاب، يغنّي له كل صباح كأنّه يردد تراتيل شكر على معروفٍ لن ينساه…
كل صباح ينظر الحطّاب إلى العصفور الصغير، يردّ عليه بابتسامة حانية، ولا يعلم إن كان العصفور سيفهم معنى الابتسام أم لا…
حينما حانت الهجرة إلى الشمال تردّد العصفور كثيراً في الهجرة، تمنّى العيش بالقرب من ذلك الكوخ وألاّ يبتعد عنه. حينها ولأول مرة حط العصفور على يد الحطاب دون خوف… أخذه الصيّاد بين يديه ثم رفعه عالياً كمن يطلب منه أن يهاجر مع بقيّة الطيور… فلا المكان مكانه ولا الزمان زمانه…
في صباح اليوم التالي لم يكن الحطاب في كوخه، كان كوخه خالياً… بحث العصفور عنه طويلاً… لم يجده… في تلك اللحظة تمنّى أن يشاهده ليغنّي له أغنية الوداع الأخيرة قبل أن يهاجر !.
الروابط المفضلة