خاطرة
أَيُّ اللحظتين أَشدُّ تَأثيراً علي قَلْبِ المُحِبِّ : لحظةُ الفِراقِ والوَدَاعِ أمْ لحظةُ اللقاءِ بعدَ التفرُّقِ والبعادِ؟!
أمَّا لحظةُ الفراقِ : فتخلعُ القلبَ من مكانِه وتأخذه من أحبابِه وخِلَّانِه ويشعرُ بَعْدَهَا بالوحشةِ والاغترَابِ كأنَّ الحياةَ أصنافٌ مِنَ العذابِ.
يُوَدِّعُ حينهَا لحظاتِ الأُنْسِ والسرورِ والسَعَادَةِ والحُبُور ليستقبلَ لحظاتِ الهجرِ والفراقِ والحرمَان مِنَ الأحبَّةِ والرفَاقِ وحينمَا يشعرُ القلبُ بهذهِ الوحشةِ يحِنُّ ساعتهَا للرجوعِ واللُقيا لينعمَ مَعَ الخِلِّ الوفيِّ ويحيَا
فالعينُ دامعةٌ والنفسُ خاشعةٌ والقلبُ منشغلُ
ثُمَّ تَأْتِي لحظةُ اللقاءِ لتجلُو عنِ القلبِ لوعةَ الحزنِ والشجنِ وتَبُثُّ فِي حنايَاهُ نورَ السعادةِ والأملِ فيسعدُ القلبُ وتفرحُ الروحُ وتهبُّ نسائمُ الحبِّ وتختلجُ في النفسِ أحاسيسُ مرهفةٌ وعواطفُ جيَّاشةٌ وعندهَا ترنُو العينُ بنظراتِ الشوقِ لأصحابهِا وترسلُ الدموعَ سرُورا بلقيَا خِلَّانِها وأترابِهَا
فمَا أحلاهَا من لحظاتٍ تجدِّد عهد المودة والحب بيننا فدع القلوب تتحدثُ فيما بينها وتسر لبعضها بأشجان لطالما أزكي التفرُّقُ أوارهَا وأشعلَ فتيلَهَا فالآنَ تُطْفَأُ نارُ الشوقِ ويتجدَّدُ عهدُ الحُبِّ وتُنسي لحظاتُ التفرُّقِ وتطيرُ القلوبُ في سماءِ سرورِها وتسمو الأرواحُ فرحاً بأحبابِهَا
إن القلبَ يَهْفُو لتِلْكَ اللحظةِ كما تهفُو الأطيارُ لرحيقِ الأزهَارِ ويشتَاقُ لهَا شوْقَ الأرضِ الظَمْئي لقطراتِ الغَيْثِ المنهمِرِ فَلا تَعْجَب مِن قَطَراتِ الشَوْقِ تَتَنَاثَرُ عَلَي أَرْضِ الحُبَّ لَتَرْوِيَ شَجَرةَ الأُخُوَّةِ الصَادِقَةِ
فيا لله مَا أصعبَ لحظاتِ التفرقِ علي القلبِ وما أشدَّ فرحَه بلحظةِ اللقاءِ
بقلم ::
أبو أسامة المصري
عفا الله عنه
الروابط المفضلة