خاطــــــــــــــــرة الشمـــــــــــــــــــــــــــــعة
تسلل ذات يوم على خاطرتي سؤال, لماذا الشمعة ؟؟؟ . و يلح علي بإصرار أن أجد الإجابة, فوجدت نفسي أطلق عنان الفكر بلا وعي مني و سرحت و سافر فكري لبلاد بعيدة و اجتاز حدود كثيرة و وقف عند محطات عده.
عندما عاد الفكر بعد الجموح اخبرني انه من هناك في تلك المحطات من الماضي البعيد تكمن الإجابة, و لما استحضرتها تجمدت نفسي ساكنة.
هاهي الإجابة قد ومضت لتعلن حضورها. لماذا الشمعة, لماذا الشمعة و ليس أي من المصابيح الأخرى؟؟ لماذا يفضلها الناس و لا يخلو بيت منها ؟؟
الشمعة ترمز دوما للكفاح لأجل الخير و حب الغير على الذات , فهي دونا عن غيرها من المصابيح نجدها تحرق نفسها لتضئ للآخرين الدرب و تزيح الظلمة و تطردها , و تقف هناك ساكنة صابرة . نشعر للحظة حين النظر إليها أنها سعيدة و لكن حين ننظر لخيالها فانه لا يخلو من نظرة حزن طبعت على الجدران, لكن أيا يكن فهي لم تطبع نظرة الحزن في النفوس الناظرة إليها بل طبعتها على الجدران المتصلبة الخالية من كل إحساس. لا أنكر أن بعض النفوس الناظرة إليها قد تراقبها بنظرة شفقة لكنها لم تحزن عليها مطلقا و لن تطفئ نورها لترأف بحالها المحترقة , فهي كغيرها طامعة للفائدة و المصلحة لاهثة خلف النور.
كل المصابيح الأخرى مهما كانت جميلة أو أنيقة, كبيرة أو صغيرة, قديمة أو حديثة, فهي تتغذى على مصدر خارجي كي تنير و تعطي العطاء.لكن العطاء يتوقف على المصدر و التغذية, فان تغذت أعطت و منحت و إن منعت توقفت.
لقد جمح فكري لأعمق من ذلك فلمس الواقع و قارن. نعم الشمعة ترمز لفئة من الناس قلما تمر علينا , أناس يحترقون لأجل فرحة غيرهم , أناس يضحكون برغم الألم و يضحون بكل سعادة لرؤية البسمة على وجوه الآخرين , لكن أيها الناظر إليهم أراهنك بأنك سترى تلك النظرة , نظرة الحزن في عيونهم , نظرة الحيرة و البحث في نفوسهم نظرة اللهفة , أتعرفون لماذا ؟؟؟ . أنا اطرح عليكم سؤال آخر.لماذا لا نعود للشمعة ونبحث عن الإجابة ؟؟؟ . حين تحرق الشمعة ذاتها سعيدة صابرة لأجل غيرها و يمر الوقت عليها ببطء شديد حتى تصل إلى نقطة ينتهي فيها الفتيل فتصبح كتلة من الشمع مكومة فوق السطح, أترانا نهتم لها ؟؟؟ أترانا نذكر يوم كانت مضيئة ؟؟؟ طبعا لا . نجمع أشلاءها و نلقي بها حتى دون أن نلتفت إليها و نتركها وراءنا منسية.
أترانا نهتم لهم ؟؟؟ أو نلتفت إليهم بعد أن ينفذ عطاؤهم ؟؟؟ أترانا نذكر يوما كانت دربنا و حياتنا تضئ بهم ؟؟؟ أترانا نسال عنهم حين ينضب صبرهم و يصبحوا أشلاء فكر تائه , أو بقايا نفس كريمة أبت أن ترى غيرها في الظلمة فأنارت دربهم , و رفضت بإيباء أن تنتظر منهم الوقود , فحرقت ذاتها و قدمت نفسها رخيصة لهم . أترانا .... أترانا ..... أترانا .... ؟؟؟؟؟؟؟؟
لا, لا, لا أظن أن أحدا قد ينظر إليها أو يلتفت لها. فنتركهم هناك حيث انتهى فتيلهم و نمضي إلى غير رجعة نكمل دربنا نبحث بلهفة عن أشخاص مثلهم , اقصد مثل الشمعة . فيبحث الحبيب عن شمعة أخرى و هو في قمة الشوق للقاء محبوبته ليضعها فوق طاولة العشاء ليخبرها بهمسات نور الشمعة أنه يحبها و انه صادق في حبها كما الشمعة . و يبحث ذلك الملهوف الواقف في الكنيسة عن شمعة أخرى يضعها أمام رسم سيدنا عيسى لتنير درب دعوته الصاعدة بلهفة للسماء. إنهم وحدهم بنورهم و حضورهم الهادئ و صدقهم القادرون على إخراج خبايا النفس البشرية, بذلك السر و السحر الجاذب يتفردون بالغوص إلى أعماق النفس. لكنهم دفعوا ثمن طمع الإنسان غاليا, ثمنا مدفوع الأجر مؤخرا, و أجره الصد و الهجران و حتى النسيان.
أما زلتم تسألون عن سبب نظرة الحزن في أعينهم ؟؟؟؟ أم أنكم عرفتم الإجابة؟؟؟؟؟
هذا ابداعي اتمنى ان يعجبكم؟؟؟!!!!
تقبلوا مني فائق الاحترام
اختكم ريحانة غزة
الروابط المفضلة