تُــــرى مَن يكون القمر؟..
كان يوم جنازته يوما مشهودا لم يُعهد مثله في زمانه، فقد عاش بداية حياته يتيما، وفي
مرحلة شبابه مجاهدا في سبيل الله، وأفنى عمره في طاعة الله والدفاع عن الدين بكل ما
أوتي من قوة بالسيف والسنان، وقضى معظم أيامه وآخرها مسجونا، ووافته المنية وهو في السجن رحمه الله.
رثاه خلق كثير بقصائد تقطر حزنا وتفيض ألما ولوعة على فقده.
يتجدد الحزن لفقده كلما قرأنا سيرته، والمراثي التي قيلت فيه، وإني هنا أنقل لكم ما جادت به قريحة أحد محبي هذا الشيخ وهي قصيدة رثائية من أصدق المراثي وأبلغها فيقول:
أهكذا بالدياجي يُحجب القمــــــر ويحبس النوء حتى يذهب المطر؟
أهكذا تُمنع الشمس المنيـرة عن منافــع الأرض أحيانــــــا فتستَتِرُ؟
أهكذا الدهــر ليــــلا كله أبــــــدا فليس يُعرف في أوقاتـه سحـــــر؟
أهكذا يترك البحـــر الخضــم ولا يُلوى عليه، وفي أصـدافــه الدرر؟
أهكذا (بتقـي الديـــن) قـد عبثت أيدي العـدى وتعدى نحوه الضرر؟
ألابن تيميــــة تُرمـى سهـام أذى من الأنام ويدمـــى النــاب والظفُر؟
بذّ السوابق ممتدَّ العبــــــادة لا يناله مـــــللٌ فيها ولا ضجـــــــــر
ولم يكن مثله بعد الصحابة فـــــي علم عظيم وزهدٍ ماله خطـــــــــــر
مثل ابن تيميــة يُنســى بمحبسه حتى يموت ولم يُكحل به بصــــــر
مثل ابن تيمية تـذوى خمــــائلــه وليس يُلقط من أفنانه الزهــــــــر
مثل ابن تيمية شمس تغيب سدى وما تـــرق له الآصال والبــــــــكر
طود من الحلم لا تُرقى له قُنــــن كأنما الطـود من أحجاره حجــــــر
بحرٌ من العلم قـد فاضت بقيتـــه فغاضت الأبحر العظمى وما شعروا
ياليت شعريَ هل في الحاسدين له نظيره في جميع القوم إن ذُكـــــروا
لهفي عليك أبا العباس كم كــرم لما قَضَيتَ قضى من عمره العمــــر
لفقد مثلك يا من ما له مثــــــــل تأسى المحاريب والآيات والســــور
يا وارثا من علوم الأنبياء نُهــى أورثتَ قلبيَ نارا وقدُها الفِكَـــــــــر
سقى ثراك من الوسمي صيّبـــه وزان مغناك قطْـــرٌ كله قـــــــــــطر
*************************************
.. فحق علينا جميعا أن نذكر شيخ الاسلام ابن تيمية في دعائنا.. رحمه الله ورفع قدره في الدنيا والآخره، ورد كيد شانئيه في نحورهم وجمعنا به والمسلمين في الفردوس الأعلى .آمين..
الروابط المفضلة