،،،[/CENTER]
رانيا وعامر متزوجان منذ 7 سنوات
في يوم قال عامر لرانيا :
الحمد لله انهيت آخر قسط للقرض الذي إستدناه السنة الماضية لنمضي الأجازة خارج البلاد
هذا العام لن نستطيع السفر لأننا لا نملك مال متوفر له، ولن أقترض لأنني سددت قروض الأعوام الماضية بشق النفس.
رانيا:
تقصد أننا سوف نقضي الصيف في البيت؟
ماذا ستقول صديقاتي عني ؟
سلفاتي ،قريباتي ،وجاراتي ،أختي التي تسافر كل عام لبلد غير سابقه
نحن لسنا أقل منهم
عامر: رانيا فكري بعقلك الله يهديكِ ،
لو اقترضت هذا العام لن أستطيع سداده
لأنهم استغنوا عني في العمل وتوظفت في عمل آخر براتب أقل لن يكفي سداد قسط القرض
إحمدي الله أنني وُفِقتُ في العثور على هذا العمل وتوظفت لي شهرين وإلا لما كنت إستطعت سداد ما تبقى من قرض سفرة العام الماضي.
رانيا :لا نستطيع إلا أن نسافر هل تريد أن يأكل الناس وجهي؟ وصديقاتي يشمتن فيَ ؟ وزوجات أخواتك يتلمزن عليّ ؟
لا لن أقبل بغير أن نمضي الأجازة خارج البلاد ولمدة لا تقل عن شهر بالتمام والكمال
وافق عامر على مضض
وعاش شهور ضنك لإقتطاعه مبلغاً من راتبه لسداد القرض
مما ناء به كاهله ولم يستطع أن يوفي ما عليه من اقساط ، وكان مصيره السجن!
بكت رانيا على سوء تصرفها وعدم حكمتها وما كان يبكيها اكثر أنها كانت السبب في دخول زوجها السجن.
ما حدث بين رانيا وعامر ما هو إلا مثال لروايات كثيرة سمعناها ، لا تختلف كثيراً في تفاصيلها.
وهذه قصة من الواقع حدثت عندما كنت صغيرة ، بطلة أحداثها جارة أمي.
في الأعوام التي لم تستطيع السفر فيها إلى المصيف كانت تقول لأبنائها : إنزلوا حمام السباحة في النادي، ثم إجلسوا تحت أشعة الشمس أطول وقت ممكن حتى تكتسبون اللون البرونزي ،
حتى عندما يسألني الأقارب أين أمضيتم أجازة الصيف ، أقول لهم أمضيناها في المصيف!!
لابد أن نغير هذا الفكر السطحي ،
الذي يجر ورائه – حتماً – الكذب والخداع ،
كمن استجار من الرمضاء بالنار!
وننبذ حب المظاهر بقصد التعالي والعُجب بالنفس أمام الناس.
ولم ينتبهوا أنهم صاروا في زُمرة المبذرين الذين قال الله تعالى فيهم :
( إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا ) الإسراء 27
وقال الرسول صلى الله عليم وسلم :
( كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا مالم يخالط إسراف ولا مخيلة ) رواه الإمام أحمد والنسائي وابن ماجه.
و الإنسان الحكيم هو من يكون وسطي بلا إسراف ولا تقتير ، فديننا دين وسط.
وكما قيل :الحكمة تزيد الشريف شرفاً.
كثيراً ما سمعت عن إمرأة تتباهى بين قريناتها وقريباتها : نسافر كل عام إلى خارج البلاد وتعدد سفراتها إفتخاراً.
حتى لو بالاستدانة أو الإقتراض من البنوك!
وهذا بالتأكيد سوف يمضي الأجازة غير مسرور
فتصبح الأجازة عوضاً عن كونها وسيلة للمتعة والاسترخاء والتقرب بين الزوجين
إلى سبب في شقاقهما وتعاستهما.وبالطبع سوف ينعكس هذا الجو المبلد بغيوم التوتر والخلافات على الابناء الذين سوف يكرهون التفوه بكلمة أجازة صيفية
ويتوجسون خيفة من إقتراب يوم الاجازة والذي من المفترض أن يكون مدعاة للبهجة والسرور
يترقبونه منذ فترة بل طوال العام
وهنا يكون الأبوان مخطآن في حق أبنائهم.
لا شك أن تمضية الاجازات والسفر فيها أمر محبب ومفيد
لتجديد النشاط والنفسية
ولكن ليكن في المعقول بدون إسراف ولا تقتير..
ولا نلبس رداء غير رداءنا، ولا يناسبنـا ،صدق المثل القائل:
على قدر لحافك مد رجليك.
قصة مضيئة:
منذ زمن قالت إحدى قريباتي لأبنها : هدية زواجك هي رحلة على متن سفينة تجوب عدة مدن في العالم ،وهذه هدية زواجك.
فقال لها بارك الله فيكِ يا أمي ولكني أفضل أن تعطيني مبلغ الهدية وسوف نقضي شهر عسل رائع ،ولكن داخل بلدنا الجميل ،وسوف أوفر ما يتبقى لأفتتح به مشروع صغير أبدأ به حياتي الزوجية.
وفعلاً تمتع الإبن بشهر عسل سعيد كما إستفاد أيضاً بما تبقى من مال.
وهذا جعله يشعر بفخر لأنه فكر بذكاء ولم يحرم نفسه من السفر.
وإن سافرنا لا ننسى ضوابط السفر
لا ننسى الأذكار ولا نتعدى على حدود الله
لأنه هناك نساء فور خروجها من بلدها تخلع عنها عبائتها وترتدي ( الجينز ) أو ما يصف ويشف.
ومن الرجال من يتجاوز حدود الله في تصرفاته.
والأبناء يرثون نفس ثقافة الآباء إلا من رحم ربي.
لأن العادة طبيعة ثانية.
لنعالج موطن العلة الذي هو الرياء ، ثم نبدأ بأنفسنا و نشجع أقربائنا على السلوك الصحيح بأن نقول لهم بدون خجل أننا لن نسافر هذا العام لأن هناك أمور أهم من السفر.
فأنا على ثقة أننا لو أزلنا عنهم حرج الإعتراف بأنه ليس من الحكمة أن نسافر ونُحَمّل أنفسنا ديوناً ، لوجدوا في أنفسهم الشجاعة لمواجهة الحقيقة بدون خجل ، وبكل ثقة.
فهو فعلاً - لمن لا يستطيع - عبأ كبير يدخلهم في دوامة الدين الذي سوف يثقل كاهلهم ثم يصرون عليه،
ومن الغباء أن نصر على سلوك يتبعه تبعات كثيرة تُحَمّلنا فوق طاقتنا، حتى وإن طقنا فإنما هو رياء وتبذير بدون داعي.
اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ، ولا مبلغ علمنــا.
الروابط المفضلة