المشاكل التي تحصل بين الأشقاء بسبب الميراث
بعد رحيل الوالد تحدث خلافات بين الأشقاء ، هذه الخلافات
لها أكبر الأثر في حصول تباعد و نفور بينهم .
وخاصة من قبل الشقيقات الإناث ، في كثير من الأحيان
يصيبهن الإحباط بسبب تصرفات أشقائهم الذكور .
نذكر هنا نموذجا بسيطا :
الوالد و أثناء مرضه قبل وفاته بقليل يتقرب منه بعض أبناءه
يقوموا هؤلاء الأبناء باستغلال الموقف و بطريقتهم
يحثون الوالد على التوقيع على أوراق تضمن لهم
حصة الأسد من الميراث و تظهر للجميع على أنها قانونية لوجود الأوراق الثبوتية المصدقة و الموثقة ........
هنا ما سيكون رد فعل الشقيقات ؟ بكل تأكيد
إحساسهن بالظلم كفيل بأن ينفرهن من أشقائهن
و يحصل بعدها تباعد و تفكك ومع مرور الأيام يتحول
إلى قطيعة .
أحيانا أخرى يكون التباعد أوالتفكك ناتج عن تدخلات أطراف
خارجية مثل زوجة الأخ أو زوج الأخت ،
نذكر هنا مثالا على ذلك :
ثلاثة من الأشقاء كانوا يقيمون في مبنى واحد بناه الوالد
و أسكن كلً في شقة كي يكونوا بقرب بعضهم و كي
ينشئوا أبنائهم معاً ، بعد وفاة الوالد ماذا يحدث؟
أحدى زوجات الأخوة تقوم بالتأثير على زوجها ليرحل من المبنى
ليتم تأجير الشقة للأغراب .
تبعد هذا الأخ عن أشقائه ،يرحل من الشقة التي كانت
حلم الأب أن يجمع أبناءه مع بعضهم في مكان واحد
ليكون تواصلهم ببعضهم شبه يومي وبذلك لا ينقطع
الود بينهم ، و لكن يحصل مالم يكن متوقع و يتفرق الشمل .
أحيانا أيضا و بكل أسف يكون سبب تباعد الأخوة عن بعضهم
هم الوالدين أنفسهم ،من غير قصد منهم قاموا بتفضيل
أحد الأبناء على الآخر ، هذاالتفضيل بكل تأكيد لم يأتِ
من فراغ على الأقل بنظر الوالدين كان له أسبابه
من هذه الأسباب :
أن يكون هذا الابن مطيعاً لهما وحنون عليهما أكثر من البقية.
أو متفوق دراسياً بعكس بقية أخوته ، هنا لا يمكننا أن نلوم
الوالدين ، بل لنجد لهما العذر لتفضيلهم هذا .
بنظرهم ربما كان لحث باقي الأبناء على المنافسة و التفوق
فيما بينهم أو على الأقل لتحريضهم على الطاعة و ليس لخلق العداوة والبغضاء بينهم .
قد يحصل تغير سلبي أو ايجابي بعد فقد الوالدين
أحدهما أو كلاهما ، بمعنى أنه ليس في جميع
الأحوال تكون ردة الفعل سلبية ، أحياناً يزيد الترابط و التلاحم بين أفراد الأسرة وذلك لإحساسهم بنفس المعاناة ،
الحزن و الألم الكبير بفقدهم لأغلى ما في الوجود
الأم و الأب .
على سبيل المثال
أخوة متحابين مترابطين بشكل رائع علاقتهم ببعضهم قوية
يجتمعون بشكل دائم ، يقوم الأخوة بالتواصل بعد رحيل
الوالدين يساندوا بعضهم في المناسبات الخاصة،
لا يسمحوا لأحد بالتدخل بينهم أو بتفريقهم أو بالتأثير عليهم
بعيدون كل البعد عن الحقد و الغيرة و الحسد .
فترابطهم هذا يشعرهم بعدم فقدهم للأبوين ، وبذلك
تقوى عزيمتهم على الصبر و مواجهة الحزن ، و لأنهم
تربوا على المحبة أصبح بنظرهم أن صلة الرحم تقوي النفوس .
نقول :
من الأمور المهمة التي يجب على الوالدين الحرص عليها
في تربيتهم لأبنائهم الجانب الديني و تطبيقه قولاً و فعلاً .
تعليم الأبناء وبالذات الذكور منهم بواجباتهم نحو شقيقاتهم
الإناث بكيفية التعامل معهن برفق و حنان و الحرص
على السؤال عنهن و الوقوف بقربهن في جميع المواقف
و مساندتهن وعدم التخلي عنهم مهما كلف الأمر .
تعليم هؤلاء الأبناء بأن شقيقاتهن مهما تقدم بهم العمر يبقوا ضعيفات و بحاجة أن يكون لهن سند بعد الله سبحانه و تعالى
هذا السند الذي يشعرهن بالقوة و الصمود يتمثل
بالأخوة الرجال .
هذه الواجبات كفيلة بجعل العلاقة بين الأشقاء لا تتعرض
للتباعد و التفكك بل تعطيها دافعً قوي لتبقى في أفضل حال .
من أهم الأمور التي تساعد على الترابط الأسري
بين الأشقاء بعد رحيل الوالدين أو حتى في حياتهما
هو حرص الوالدين على تربية أبنائهم التربية الإسلامية
الصحيحة و غرس المبادئ و القيم فيهم منذ الصغر
يعلموهم أن صلة الرحم بمثابة الوصل مع
الله عز و جل ، و قطعها بمثابة قطع الصلة مع الله سبحانه و تعالى .
عن أمنا عائشة رضي الله عنها : عن الحبيب المصطفى
صلى الله عليه و سلم قال :
(الرحم متعلقة بالعرش تقول : من وصلني و صله الله ومن قطعني قطعه الله ) رواه مسلم .
كلمة نتوجه بها لجميع الأشقاء ذكورا كانوا أم إناث :
احرصوا على صلة الرحم فيما بينكم ، لا تجعلوا الخلافات
البسيطة وحتى الكبيرة تفسد العلاقات الأخوية
التي لا تعوض ، تذكروا أنكم في يوم من الأيام كنتم
في نفس الرحم ، رحم والدتكم و رضعتم من نفس اللبن.
لتكن هذه الصلة فيما بينكم نوع من أنواع البر بوالديكم
بعد رحيلهما عن هذا العالم .
قال تعالى :
{ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ } محمد 22
اعلموا أن صلة الرحم بينكم تعين على الرزق و التوفيق
و طول العمر أيضاً .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
(مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ). صحيح البخاري وفي رواية:
(من سره أن يُعظم الله رزقه وأن يمد في أجله فليصل رحمه). رواه أحمد
الروابط المفضلة