لاعتراف بالخطأ والإقرار بعدم العودة اليه فضيلة من الفضائل وهي من أخلاقنا الحميدة، ومن الطبيعي اصلاح العيوب بالاعتراف بالخطأ اولا ثم تقويمه وعدم محاولة تكراره وقبول النصيحة من الاخرين، حيث ان المكابرة وعدم الاعتراف بالخطأ هي الطامة الكبرى في هذا الزمان.
فالتلميذ قد يخطئ بحق زملائه او مدرسيه وكذلك المدرس والموظف قد يخطئ بحق قرنائه او الرؤساء في العمل والزوج قد يخطئ بحق زوجته وكذلك الزوجة والأخ قد يخطئ بحق اخوته، وهذه الأخطاء يكون اصلاحها سهلا اذا تدارك المخطئ خطأه في حينه وقدم اعتذاره عما بدر منه، وبالتالي يثبت للآخرين انه لن يكرر هذا الخطأ مرة أخرى، ان الاعتراف بالخطأ هو شجاعة لا يملكها الجميع اذ ان البعض يعتقد ان الاعتذار عيب من العيوب وإهانة وينقص من شأن المعتذر ولكن في الحقيقة الاعتراف بالخطأ والرجوع للحق هو من أقوى الأخلاق لذوي الايمان الصادق، وان الخطأ الفادح هو التمادي في الخطأ وعدم الاعتراف به والاصرار عليه والجدال عنه بالباطل واعتبار الامتناع عنه والاعتذار نقيصة وعيبا، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون».
وخير مثال على الاعتراف بالخطأ ان أبانا آدم وأمنا حواء حين اتبعا كلام ابليس بعد ان اقسم لهما بصدقه وأكلا من الشجرة وبدت لهما سوءاتهما فاعترفا الى الله سبحانه وتعالى بالخطأ الذي ارتكباه ثم عفا الله تعالى عنهما حين أقرا بالخطأ وان الخطأ في العقيدة كالكفر بالله والشرك به لا غفران له اما الخطأ في التصرف فإن الله غفور رحيم لأن الاعتراف بالخطأ في الوقت المناسب ينجي صاحبه حين يسامحه من أساء بحقه، ومن الأسباب التي تجعل البعض يرفضون الرجوع للحق والاعتراف بالخطأ انهم يعتبرون انفسهم أوصياء على فكرة أو مؤسسة او شركة يديرونها، وهذا الاحساس يجعلهم يرفضون من ينصحهم بالعودة للحق ولا يستجيبون لآرائهم ومقترحاتهم وهؤلاء هم صغار النفوس الذين يتعصبون لآرائهم ولا يقبلون آراء الآخرين، اما المتواضعون والواثقون من أنفسهم فهم يقبلون الرأي الآخر بسعة صدر ويقدرون آراء الآخرين والثناء عليهم متى ما كانت هذه الآراء تحمل الخير والصواب وبذلك فانهم يسيرون في قارب الأقوياء ويصححون الأخطاء متى ما ظهر لهم ذلك.
ان الاعتراف بالخطأ هو الدليل على القوة والنضج والانصاف ويعطي الشعور بالنبل والبهجة، ومن يعترف بالخطأ فانه يدل على الثقة بالنفس واحترام القيم والاخلاق وبالتالي تزداد ثقة الناس فيه ولم يمنع سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ان يعترف بخطئه على مرأى ومسمع الآخرين حين ردته امرأة عن رأيه في شأن مهور النساء فقال اصابت امرأة واخطأ عمر وكذلك وصيته رضي الله عنه لأبي موسى الأشعري حين تولى القضاء بمراجعة الحق وانه خير من التمادي في الباطل، وهكذا الأنبياء والصحابة ممن لم تمنعهم مكانتهم من الاعتراف بالخطأ والنزول على الحق عند تبيانه ولذلك فهم الأسوة الحسنة التي يجب اتباع اسلوبهم في التعامل مع أي خطأ.
لذلك لنعترف باخطائنا وعدم المكابرة وان يكون دعاؤنا دائما «اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه» وادعو الجميع لمراجعة انفسهم والاعتذار لمن اخطأوا بحقهم قبل فوات الأوان اسوة بالأنبياء والصحابة والتزاما بتعاليم ديننا وقرآننا الكريم وحتى لا تكون هناك أي عداوات او كراهية بين الناس.
منقول
الروابط المفضلة