يقول رسول الله - صلى الله عليه و سلم - :
(تهادوا تحابّوا)
صدق عليه الصلاة و السلام
في هذا الحديث الشريف الموجز دلالة على أهمية الهدية في حياتنا
و أثرها الايجابي العميق في تقوية الروابط المعنوية بين الناس
حيث جعل جواب الشرط مباشرة دون أي فاصل بينهما
فجعل المحبة نتيجة حتمية للتهادي
و كانت الهدية سببا لقذف الودّ و زرعه في القلوب
عرفت الهدية شرعا على أنها : دفع عينٍ -سواءً كانت مالاً أو سلعة- إلى شخصٍ معين -الذي يراد بالهدية هذا الشخص المعين- لأجل الألفة والثواب، من غير طلبٍ ولا شرط.
فالهدية مشروطة بأن لا تنتظر مقابلا و إلا خرجت عن معناها و تحولت إلى رشوة يراد منها خدمة معينة
و قد حثنا ديننا على قبول الهدية ؛ فكما في إهدائها متعة ففي قبولها فرحة
وللهدية قيمة معنوية عظيمة بخلاف القيمة المادية
فالهدية تعني أن هناك شخصا قد فكر بك و أحب إهداءك ليدخل السعادة إلى قلبك
و فيها تعبير عن الحب و المودة ممن يهديك
و فيها تآلف للأرواح و تجديد للعلاقات و إزالة للخصومات و الرواسب السلبية
و الهدية تلعب دورا هاما في جميع العلاقات الانسانية
فتوثقها و تزيدها ترابطا و قوة ...
*** الهدية بين الأزواج ***
تعتبر الهدية بين الأزواج من أحب سبل التقريب ين الزوجين و إصلاح الخلافات
و تجديد الحب بأسلوب رومانسي جميل ...
و تشتكي كثير من الزوجات من جفاف أزواجهن من تلك الناحية
فتراه لا يهديها أي هدية إلا نادرا
رغم أنه غير مقصر ماديا في البيت و يقوم بواجباته و مستلزماتها كاملة
و يشتري كل ما يلزمها باهظا أو عاديا
لكن بعد أن تطلبه منه
و قد يكون لهدية بسيطة يحضرها الزوج مفاجأة لزوجته دون علمها و بتفكير شخصي منه
قيمة تفوق كل الأشياء الثمينة التي اشتراها لها بطلب منها
ذلك أن هذا الأمر يعطي للزوجة إيماء أن زوجها يحبها و يفكر بها حتى و هي ليست معه و حتى و هي لم تطلب منه
و تعتبره تصرفا رومانسيا رقيقا
عكس الرجل الذي لا يفهم سبب رغبة الزوجة في هدية بسيطة لو طلبتها منه لكان أحضرها دون نقاش
و يعتبر تذمرها تمردا عليه و لاداعي له طالما أن كل ما تطلبه مجاب
ذلك أن الرجل بطبيعته عملي في تفكيره
و لا ينتبه لتلك التصرفات الناعمة و اللفتات الرقيقة التي تأسر قلب الزوجة
ففي التفكير البسيط بالهدية أيها الزوج .. الفائدة الكبيرة
و لو كانت وردة أو حلوى تحبها الزوجة
ستشعر بها كبيرة و تسعد بها سعادة تفوق تصورك
وتستطيع الزوجة أيضا كسب قلب زوجها بالهدية
فالرجل يحتاج لتلك المفاجآت و التغييرات الإيجابية عكس ما قد يظهر
و الهدية تتنوع و تتغير بحسب إبداع الزوجة
فلا قيود و لا حصر لأنواع الهدايا
فقد تكون ليلة رومنسية ببيت مزين و شموع و ورود
و قد تكون شيئا يحتاجه الزوج أو رسالة على الجوال
أو حفلة تقيمها تقديرا له و تعبيرا عن مكانته في قلبها
أمور بسيطة الا أنها تدخل البهجة على القلب و تزيد الحب و الترابط
فالهدية تشمل كل ما يسعد المرء و لا يتوقعه فيأتي مفاجئا دون مقابل
تعبيرا عما في القلب و رسالة تنفذ الى الروح و العقل بسهولة
*** الهدية بين الأصدقاء ***
لا تقتصر الهدايا على الأزواج أو الأقارب بل تشمل الأصدقاء
لتقرّب بينهم و تزيد أخوتهم و محبتهم
و يتضاعف الثواب ان كانت النية توثيق المحبة و التآخي في الله
فالإنسان تأسره المعالمة الطيبة
و تأخذ لبّه و قلبه الهدية التي يسعد بها و يزيد الرصيد المعنوي لمن أهداه عنده تلقائيا بشكل كبير
قد تكون الهدية كتيبا أو شريطا دينيا يتضاعف معه الأجر
أجر الهدية و إسعاد أختك و أجر تقديم النصيحة أو المعلومة الدينية و تفقيهها في أمور الإسلام
*** هدية أهل الزوج ***
تعتبر علاقة الزوجة بأهل زوجها من أكثر العلاقات حساسية و توترا
و هذا أمر مسلم به على مر العصور إلا في حالات قليلة
و بهذا فإن مداومة الزوجة على إهداء حماتها و أخوات زوجها مثلا
تساعدها في دخول قلوبهم و إزالة الحواجز و الخلافات
مع إخلاص النية بأنها تفعل ذلك لإرضاء زوجها
و كسب أهله و توطيد العلاقات و إزالة اي مشاعر سلبية
فتهاديهم باستمرار كل ما سنحت لها الفرصة و كانت مناسبة
و لا تبخل أو يمنعها الشيطان أو يوغر صدرها تجاههم
فتكسب نفسها و تكسبهم و زوجها .. و تجني ثواب إسعاد مسلم و تأليف القلوب
و بذلك فهي تعين زوجها أيضا على بر أهله
*** هدايا الوالدين ***
يعتبر إهداء الوالدين من أعظم الهدايا و أكثرها فضلا
فهو من البر بهما أي البر بأعظم من وصانا الله عليهما
و كسب لرضاهم و إسعاد لقلوبهم و إشعارهم بأهميتهم عند أبنائهم
و وصلهم و إدخال البهجة عليهم
و فرحة الوالدين بهدية أبنائهم مهما كانت لا تعادلها فرحة
فكم من إنسان نسي أو تناسى هذا الاحتياج البديهي لوالديه أو أحدهما
فيرى أنه قد فات الأوان و انتهى عهد الهدايا لأب قد هرم أو أم بلغ العمر فيها مبلغا
و يتساءل بماذا ستنفع الهدية أمثالهم ؟
و ماذا يمكن إهداءهم ؟
فهم في نظر البعض أشخاص قد أنهوا مهمتهم في الحياة
لا يحبون ولا يكرهون و لا يرغبون و لا يفرحون أو يحزنون
بل يكفيهم أن يقتاتوا بما يكفل لهم الحياة انتظارا لأجلهم
و ينسى أو يتناسى أن هؤلاء أهله
من تعبوا و ربوا و كانوا شبابا يفنون شبابهم و صحتهم من أجله
هم ما زالوا و سيبقون بشرا يحسون و يفرحون و لهم من الاحتياجات مثلما لغيرهم بل أكثر
و فرحهم بالهدية سيفوق فرح الآخرين فهم أكثر احتياجا لها من ناحية معنوية
فلا نجعل الحياة تأخذنا و تشغلنا عنهم
و ليبقوا في قلوبنا قبل أذهاننا و لنختر لهم الهدايا و نتفنن بها
فهم أكثر من يستحقها على الإطلاق
وختاما فإن الهدية التي تأتي من رغبة لها من الفرحة و الثواب الكثير
بعكس الهدية الإجبارية أو الإلزامية
تلك التي تتوجبها العلاقات و المجاملات الاجتماعية
كما في هدايا المناسبات و هي هدايا مردودة معروف أنك كما تهدي فيها تهدى
و تكون لتؤدي الغرض فقط فلا تعبر عن ذوق أو تفكير بما نقدم
لذلك فلنحاول أن نحتسب ما نقدم لوجه الله و ندخل نية صالحة مثل إسعاد مسلم أو محبة في الله أو كسب قلوب جديدة
لتكسب الهدية معنى و هدفا جديدا يستحق ....
الروابط المفضلة