من الجاني ..؟؟
استوقفتني كثيرا هموم الأمة الإسلامية وما وصلنا إليه من تخلف عن قافلة الناجحين ..فقد تلاشى مصطلح البنيان المرصوص والجسد الواحد..تفكك اسري .. ظلم ..حسد ..غيرة ..قطيعة رحم..تفنن بأساليب العقوق ..نكران الجميل .. مقابلة الإحسان بالإساءة..لا يعرف الجار جارة إلا في العزاء..لا النصيحة تقبل ولا النقد البناء..تسارع عجيب ومخيف نحو تمزق الوحدة ..
لكن السؤال الذي يطرح نفسه :من الجاني ..؟؟
حتى نأخذ بيده لنرشده للطريق الصواب فلا يهلك ونهلك معه..ومن هنا بدأت رحلتي في البحث عن المتهم ..!!
المتهم الأول:
لم ولن يتوقف يوما ما ..وسيستمر قدما لقيام الساعة ..خلق صافيا كالزلال ..خالي من الأكدار..ومع هذا لم ينجو من ظلم البشرأشاروا إليه بأصابع الاتهاموالصقوا به كل الهفواتونعتوه بأبشع الأوصافوهو منهم برئانه الزمـــــــــــــــان..!!!نعيب زمـانـنا والــعــيب فــينـا .... ومــا لـزمانـنا عيــب ســــــواناونـــهـجـو ذا الـزمان بغير ذنـب .... ولــــو نــطق الــزمان لنا هجانا
بالفعل المتهم الأول برئ كبراءة الذئب من دم يوسف عليه السلام..أليس الزمان هو الزمان منذ خلق الله البشرية..؟؟ومع هذا شتان بين حال امتنا سابقا وحاليا..الاختلاف الجذري للأفعال والتصرفاتبالتالي النتائج ..وكل جيل سيحصد ما زرع وسيجني ثمار ما بذرقال تعالى : ((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ))[الرعد:11]وليس من الإنصاف أن يوضع في قفص الاتهام بتاتالهذا سيطلق صراحه..
المتهم الثاني :الطرف الآخر والذي دوما يلقى عليه كل الزلاتانه مجرم شرس فيه كل العيوب ..مخلوق معدوم من الإنسانية والرحمة..هو بلا جدال الجاني في كل الأحوال..ولكن ..!!أيعقل أن يكون دوما هو الجــــــــــــــــــاني..؟؟أيعقل أن يكون دوما مخطئ بنسبة 100%..؟؟اذا لا نستطيع تحميل هذا المتهم كل الاخطاء بل ستقل نسبة الخطأ إلى 50 % ..
هنا وجب علينا أن نكمل مشوار التحقيق وننتقل للمتهم الثالثحتى نتمكن من الإلمام بأطراف القضية فنتوصل بكل عقلانية للمتهم الحقيقيفالمتهم الثالث يتحمل نسبة من الخطأ في اغلب الأحيان ..وبكل صراحة سنتواجه معه ونناظره لعل وعسى أن نساهم في دفع عجلة النجاح لامتنافنواكب المحلقين المبدعين في هذا الكون الفسيحلنحلق جميعا ونعمر الأرض بالخير والفلاح ..
المتهم الثالث :أنـــــــــــا وأنت أختي الغالية ..نعم أنــــــــــا وأنت ..انه الطرف الوحيد الذي دوما يفوز بالبراءة بنسبة 100%بل لم يدخل قفص الاتهام في كثير من الأحيان
إنه الظلم بعينه أن يظلم الإنسان ربه ونفسه وغيرة
في الوقت الذي يندب حظه ويرثي حاله..!!
فكم مرت علينا أيام قاسية ظُلمنا وحُرمنا ..!!وكم جحد الأصحاب معروفنا .. !!كم أحزننا تغير مودة الأحباب .. !!بكينا ورثينا أنفسنا بتقلب الأحوال .. !!ولم نفكر يوما أننا قد نكون ظالمين بجلباب مظلومين ..فلماذا نتهرب من الإقرار بان علينا نسبة من الخطأ ..ولم لا .. ومن منا لا يخطئ ..؟؟فكلنا ذو خطأ وليس عيبا أن يخطأ المرءولكن العيب كل العيب أن يتمادي المرء في خطأه وهو يعلم ..
قال الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام " كل ابن آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون" رواة الترمذي وحسنة الألباني
فليس من المنطق أننا ملائكيون و لم نساهم في استمرار الخطأ ولو بنسبة 1%..
قال تعالى :{ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم:32].أيعقل أننا لم نتمكن من دحر فتنة الظلم و واستمرار الخطأ ..؟؟
المسألة لا ضرر ولا ضرار إنما إنصاف وإعادة الحق لأصحابهقوله تعالى: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِإِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) الشورى: 40،
فالظلم ظلمات يوم القيامة
قال تعالى : (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ).وقال تعالى : (وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) المائدة:87.
ولنفترض أنك بريئة ولم تقترفي أي ذنب ..
ألا تلتمسي عذرا للطرف الأخر ونتركي الظن والتخمين في إصدار الأحكام .. !!فعن أبي هريرة قال، قال رسول الله :
"إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث،
ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا"
رواه الإمام مالك والبخاري ومسلم واللفظ لمسلم.
ألا نساهم في وقف نزف الجراح .. !!
ألا نعفو ونصفح .. !!
ألا نبدأ بالإصلاح لننال اجر المبادرة.. !!قال ابن القيم رحمه الله : ( يا ابن آدم إن بينك وبين الله خطايا لا يعلمها إلا الله
فان أحببت أن يغفرها لك فاصفح أنت عن عباده
وان أحببت أن يعفوها لك فأعفوا أنت عن عباده
فإنما الجزاء من جنس العمل تعفو هنا ويعفو هناك
وتطالب بالحق هنا ويطالبك بالحق هناك
وإلاَ ..قال الله عز وجل ( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم )
متى سينتهي الخطأ .. ؟؟
متى ستنتهي القطيعة .. ؟؟
متى ستتوقف سلسلة رد الإساءة بأخرى..؟؟
حينها وبكل تأكيد سيعود الاتزان والأمن والاستقرار فتهدأ النفوس وتقر العيون ..
همسة للجادين فقط :مواجهة الأخطاء والاقرار بها امر غاية في النبل..
ولا يقدر عليه إلا الشجعان الأبطالبه نختصر الوقت ونقلل من حجم الخسائر التي يجرها علينا الإنتصار بالنفس
بل إن حصيلة ما سيجنية المرء من المواجهة والاعتراف بكل انصاف تفوق ما قد يحصل عليه من دورات تربوية ..
إنه عسير إلا على من يسره الله عليه
ولكنكم أمل الأمة وينتظركم الجميع على أحر من الجمروجزاءكم عند اللهجنة عرضها السموات والارض ..فـــمــن لــهــا يـــا أحــبــة ..؟؟
الروابط المفضلة