إنتظاراً لأعيادنا
عندما كنت صغيرة كنت أنتظر العيد بفارغ الصبر
وكان العيد عندي هو الفستان والحذاء
شريطة أن يبيتوا بحضني طوال الليل
وأحلم بأن يسطع أول ضوء من نهار العيد
(هذا إن نمت)
وعندما أصحو ... أذهب لصلاة العيد مع أمي وإخوتي
أجدني وقد دب في أوصالي النشاط بطريقة للأن أتعجب منها
وكأني قد إستعددت بأكثر من طاقتي للعب والمرح
ولكن تغير كل هذا عندما بدأت أكبر وأتحمل المسؤليات
وبدأت أشعر بأن العيد لم يكن يتلخص في تلك الأشياء البسيطة
فستان ...وحذاء يلمع... وعيدية
أشتري بها الحلوى
أو أذهب بها إلى الملاهي
بل إتضح بأنه يحمل في طياته أشياءً وأشياء لم تكن تخطر ببالي
فلم أكن أتخيل بأن يأتي علي العيد في يوم من الأيام
وقد فرغ من محتواه الرئيس و هما
الفرح والسعادة.
لن يختلف إثنان على معنى كلمة (الأعياد)
فهي واضحة وضوح الشمس
لأنها المعنى الحقيقي للفرحة ولم شمل الأسرة والأحباب
وهي فرصة لعودة الغائبين, ووصل ما قطعته الأيام
فالأعياد تعتبر دعوة صريحة وحقيقية للسعادة
لجميع الناس بلا إستثناء
أما إن إختلفت تلك المعاني
فهذا هو الغريب بالأمر!!
ولكن لِما الغرابة فأغلب ما حولنا فقد معناه الحقيقيِ
وأصبح كالمسخ
حتى الفرح والسرور فقدوا معناهم أيضاً
كذلك الأعياد الباعثة على السعادة فقدت بهجتها وملامحها .
لو بحث كل منا بداخله لوجدنا ذكريات جميلة
وكأنها كانت لنا عيداً خاصاً بنا
بل لو إجتمعت كل الأعياد حينها فلن تضاهي بهجتها وجمالها
بهجة وجمال تلك الذكرى
ولذلك فلكل منا عيده الخاص به
فنرى الطفل يسعد بلعبته وكأنه بالعيد
والأم تنتظر نجاح أبنائها كما تنتظر العيد
والأب يسعد بوصول أبنائه لبر الأمان وتأسيسهم لحياتهم الجديدة
ويشعر بأنه أتم رسالته معهم
وكلما رأى بعيونهم ملامح الفرح والأستقرار العائلي
كلما شعر بالفرح الغامر وكأنه بالعيد
ونجد الزوجة تفرح وتنتشي من السعادة
كلما همس زوجها إليها بكلمات الحب الدافئة وتشعر بأنها في عيد حقيقي
وكذلك عندما نرى فرحة العائد لوطنه
وفرحة أهله بعودته
وكأن العيد قد حل على الجميع بلا إستثناء.
إذن فلكل هؤلاء عيده الخاص به , من وجهة نظره
وأصبح تفسير كلمة العيد بالنسبة لكل منهم
معناها الخاص به
ولكن الغريب بالأمر هو أن يأتي العيد وقلوبنا مهمومة
وملامحنا تكسوها الحزن
وكأن الأعياد ليست داعية لأي بهجة أو سعادة
بل أيضاً أصبحت فرصة لاستعادة الأحزان
*********
البيت الأبيض
*********
عندما كنت أذهب لقرية زوجي كان يلفت نظري
سيدة عجوز تجلس القرفصاء أمام بيت كبير
وفخيم ,له أعمدة خارجية كأعمدة البيت الأبيض بواشنطن
والغريب بالأمر أنه خالي من ساكنيه
عدا تلك العجوز التي تجلس أمامه كالحارس الأمين
وتمر عليها الأيام ولم تتغير جلستها
وكأنها قد صب عليها الجص وتحجرت مكانها
راع انتباهي فخامة ذلك البيت وجلسة تلك العجوز
وفي أخر زيارة للقرية لم أجدها تجلس كعادتها
أثارني الفضول للسؤال عنها
سألت جارة لها تسكن بالجوار
فقالت لي ..
تقصدين الحاجة ثريا.... رحمة الله عليها
لقد توفيت منذ شهرين
حزنت جداً
ولكني وددت أن تخبرني جارتها بسبب جلستها
التي كانت دائماً ما تجلسها
ردت علي قائلة ..
لقد كانت تجلس هكذا إنتظاراً للعيد !!!!
دهشت لكلماتها ...فأكملت حديثها وقالت
الست ثريا لها ولدان بالغربة
كانوا مهما يرسلون لها من أموال أو هدايا
كانت لا تهتم فقد كانت تنتظر شيئاً واحداً
أن يعود أبنائها لحضنها مرة أخرى وتكتحل عيناها برؤيتهم
أرسلوا لها الأموال كي تؤسس لهم بيتاً كبيراً
يلتمون به جميعهم
وبالفعل تم تأسيس البيت
وكان حديث القرية لجماله وسعته وفخامته
وانتظرت كثيراً حتى يعودوا ليلتئم شمل العائلة
ولكنهم لم يأتوا
وماتت الحاجة ثريا وهي جالسة أمام البيت
ماتت إنتظاراً
خسارة يا حاجة ثريا
فقد ماتت قبل أن يأتي عيدها الحقيقي
لم يكن العيد بالنسبة للحاجة ثريا هو
عيد الفطر , أو عيد الأضحى ولكن
كان عيدها الوحيد هو عودة أبنائها لها
لماذا تأخرت علينا أعيادنا؟
لماذا أصبح أغلبنا مثل الحاجة ثريا ننتظر وننتظر؟
هل من المفروض علينا أن ننتظر عاماً كاملاً حتى يأتي العيد؟
أنا لن أنتظر فأنا من سوف يذهب للأعياد
فلم يعد بالعمر الكثير من الوقت لأضيعه بالإنتظار ولن أدع طيور الحزن تعشش فوق رأسي
فلنحاول جميعاً أن نجعل كل أيامنا أعياد
وذلك بطاعة الله ومخافته وإتقان العمل
بمحاولة النجاح في كافة نواحي الحياة
العمل على تربية أبنائي التربية السليمة
وتعويدهم على طاعة الله ورسوله ثم طاعتنا نحن والديهم
بمساندة الكبار وودهم
بوصل صلة الرحم
إدخال السرور على قلوب المحتاجين
التسامح فيما بيننا
مازال بالدنيا خير كثير وفرح وسعادة
فلا تدعوهم يمروا عليكم مرور الكرام
بل عيشوا كل لحظة كما يجب أن تعاش
فما أحوجنا إلى السعادة بتلك الأيام
وتذكروا معي
كم أن البهجة يسعد لها القلب والروح أيضاً
مما يجعلنا بأعياد دائمة وما أبسط من ذلك
فلعبة صغيرة أو حلوى بسيطة
نعطيها لطفل صغير
ترسم على وجهه أنقى إبتسامة نستشف و نقتبس منها بعضاً من السعادة
التي تعود بنا إلى سنوات السعادة الحقيقية إلى أيام طفولتنا البريئة
وقت أن كنا لا نحمل أية هموم
سيمر علي العيد حتماً وإن لم يأتي سأنثر البهجة في كل مكان أمشي به
كي لا أمر في طرق الأحزان ,كي أظل في دروب السعادة
طفلة سعيدة وبريئة مهما كبرت ومهما فعلت بي الأيام
[/CENTER]
الروابط المفضلة