«كما درسنا على الشموع، سنفطر على الشموع...».
قالتها طفلة فلسطينية والفخر يبدوو على محياها ،
فهي لا تخشى الحصار ،وكثيرون من يشاركونها تلك المشاعر
بل إن بعضهم يشكر الحصار على ما قدم لهم
لكنّ تساؤلات كثيرة تدور في أذهانهم
إنها تساؤلات الحياة تحت الحصار !!!!!
نعم إنه الحصار،
وهو إما أن يكون نفسيا في مجتمع طبيعي فيحاصر فيه الشخص ذاته، فلا يفكر
في المستقبل، ولا التطور ، ويبقى اسيرًا للحصار النفسي والفكري.
وإما حصار عدو، يمنع الغذاء وحرية الحركة والتداوي .
والحصار دائما له تبعات نفسية ،واجتماعية واقتصادية وتربوية على المجتمع.
الحصار يعني:
إنعدام الأمن والأمان، قلة في الأدوية ،وقلة في المواد الغذائية ،
ومواد البناء، تقييد للحركة انقطاع للكهرباء.
فكيف يا ترى تواجه النساء تلك العقبات ،كيف تدبر أمور بيتها
وكيف تتخطى كل تلك العقبات ؟؟؟
تمر الساعات فيأتي الزوج متعبا، وقد أهلكه البحث عن فرصة عمل ،لكنه لم يجد، لم
تسأله زوجته فقد علمت الجواب، أخبرها وجهه العابس بذلك .
فلا يكون منها إلا أن تعينه، وتثني على محاولاته وتخفف من قلقه،
تخبره أن من خلقهم لن يضيعهم أبدًا:
لا باس فغدًا لنا جولة أخرى
وعندما تخلو بنفسها تتذكر أن القوة لا تنحصر بالسلاح أبدا:
فالثبات على المبدأ قوة، والإيمان الصادق قوة ،العزيمة
القوية والإرادة قوة ،واستحضار معيةَ الله ونصره قوة ،والصبر
على المحن والحصار قوة.
ثم تذكرت
أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها فهي أيضا عاشت في
حصار وألم لمدة 3 سنوات، فما كان منها إلا أن تصبر، وتعين
زوجها وهو نبي الامة،تركت بيتها وأموالها لتكون مع
المصطفى،صبرت وصمدت أمام تعنّت الوثنية وجبروتها،
فحصدت انكسار الحصار الذي لم يتمكن من الصمود أمام قوة الإيمان والعزيمة ،
فهل ترضى أن تكون أقل منها؟؟
ولا تنسى أم المؤمنين صفية التي صنعت
معبرًا بين منزلها
وبين منزل أمير المؤمنين عثمان، فكانت تنقل لهم الطعام
والماء وهم في محنةالحصار.
وكان لها وقفة مع السيدة نائلة زوجة سيدنا عثمان رضي الله عنه ،
حيث حوصرت وزوجها في بيتهما ،وخيِّر رضي الله عنه بين التنازل
عن الخلافة وبين تسليم مروان وبين حياته،
فكانت معه
نِعم السند، تذود عنه سيوف أعدائه، حتى وإن أصيبت
وترفض أن تتركه وحيدا وهي تعلم أنه اختار حياته حقنا لدماء غيره رضي الله عنهم.
تصحو أم أحمد من سرحانها على صوت زوجها يناديها ليقرآ القرآن معا،
تجمع أولادهم حولهم ، وقرأوا معا سورة الكهف ،
ثم قامت وأحضرت القليل من الطعام لتطعم أطفالها،
فيبتسمون حامدين الله تعالى على فضله ، شاكرين له رحمته بهم ،وتوفيره لهم الطعام.
لقد أيقنت المرأة أن تغلبها على الحصار لا يكون إلا بالتوكل على
الله والصبر ، فعملت
على نفسها وأعانتها لتكون إلى الله
أقرب،حفظت الكثيرات كتاب الله ، ولجأن له بالدعاء والاستغفار،ولم
تنس أن أولادها بحاجة لهذا السلاح ليتغلبوا على مارد الحصار ،
فربت أولادها تربية إسلامية ،وزرعت فيهم مخافة الله وحبه
وحب رسوله والإقتداء به،فنتج جيل رباني لا يعرف اليأس طريقه إليه
نعم
إنه إنتاج أمهاتنا اللّواتي لا حول لهن ولا قوة.
تواجه النساء يوميا الكثير من التحديات:
تحدي قلة الغاز وانقطاع الكهرباء ، تواجه تحدي انعدام الدواء
وسماع صراخ المرضى من أطفالها أو جيرانها أو مرضاها إن كانت طبيبة .
تلك الأم كيف يفترض بها أن تعيش !
ألا تؤثر تلك الأحداث في سير حياتها؟؟
ألا تكتئب وتعاني خوفا على أولادها ونفسها وزوجها؟؟
نداءات متواصلة تسمعها كل الأمهات لكن رد فعلها يختلف من أم لأخرى،
فنجد أن الأم العادية تحضر لطفلها غطاءًا سميكا يقيه البرد،
وتلك تحضر له سندويشة تقيه ألم الجوع،
وتلك تغلق بابها ليشعر طفلها بالأمان،
لكن هناك أمهات عاجزات
فلا يملكن بطانية ولا سندويشة ولا بابا
فكيف ترد على طفلها ؟
الحصار أمر لا يد لهم فيه فهم يعيشونه ليلا ونهارا
ولا يعاني تبعاته إلا هم
حيث تكثر نسبة العنف في المجتمع فالغضب كبير وقلة ذات
اليد تزيد من التوتر والقلق والخوف وقلة الوعي عند البعض
في كيفية التعامل مع الأطفال تجعل الأمر صعبا
وقد أجريت دراسة عن "أثر الحصار على الوضع النفسي للأسرة":
فأعربت نسبة (61 %) من النساء المبحوثات عن
إعتقادهن أن
معدل العنف ضد المرأة داخل أسرهن قد ازداد في فترة
الحصار، بينما أعربت نسبة (60.2 %) منهن عن إعتقادهن أن
العنف ضد الأطفال داخل أسرهن قد ازداد في فترة الحصار .
وقد اضطرت بعض الاسر لتزويج إحدى بناتها لتخفيف العبء عنها
وقد انتبهت المرأة لتلك الصعوبات فكانت لطفلها طبيبا نفسيا،
ولزوجها صدرا حنونا وبلسما يخفف توتره وقلقه ولجيرانها معينا
تقول إحدى النساء المقتدرات في غزة:
«الإبتسامة على وجه جيراني الفقراء أحب شيء إلى قلبي في رمضان... فليس بالأموال وحدها يمكن أن نتصدق، بل سأوزع وجبات الإفطار طيلة الشهر على الأسر المعوزة حتى أُشعرهم أنهم ليسوا وحدهم، بل نحن أسرة واحدة ومعاناتنا واحدة».
وعند وقوفنا على أرض الواقع كان لنا عدة مقابلات مع أخوات لنا
كان الحصار جزء من حياتهن إلا أنهن تألقن وتغلبن عليه
توجهنا لتلك الأخوات لنعرف كيف تعيش في ظل الحصار فكان لهن معنا وقفة مشرفة
تابعونا
الروابط المفضلة