رفقاً بهذا المخلوق البشري
أود من هذا الموضوع أن أذكر الناس بإنسان ٍ بات منسياً في حياتنا ، مهملٌ في مجتمعنا ..
كرس نفسه لخدمتنا ونحن لم نفعل شيئاً لخدمته ،،
تهمه نظافة بيئتنا ولا يهمنا نظافتها ومن ينظفها ،،
لا نستطيع اللإستغناء عنه وفي نفس الوقت ليس له قيمة عندنا ،،
من دونه لا تستمر الحياة وفي المقابل حقوقه مهضومة ،،
نراه في كل مكان ولا يخطر ببال أحدنا أن يسلّم عليه أو يقول له : شكراً.
أعرفتم من هو ؟
إنه الجندي المجاهد عامل النظافة
يا أمة الإسلام "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء "
ألهذه الدرجة كبريائكم لا يسمح لكم بتوضيعه ؟
لماذا ؟
ألأن ملابسه بالية ؟
أم لأنه (زبال ) في نظركم يعيش بين القمامة ؟
من أنتم أصلا لتتكبروا على خلق الله ؟
هل خلقكم الله من ذهب وهو من طين ونحن لا ندري؟
من تواضع لله رفعه ومن تكبر على الله وضعه .
يكفي أن هذا الإنسان يقوم بأشرف مهنة في الوجود وهي تنظيف البيئة ، ويسعدني ويشرفني أن أقول له شكراً وأن ابتسم في وجهه أيضاً .
لا أرى في هذا العامل الشريف أي شيء يعيبه حتى ولو كانت ملابسه ملوثة ، وإن كانت ملوثة هذا لأنه نظف بيئتي وجعلها مكاناً صالحاً للعيش .
ولو كنت رجلاً لسلمت عليه يداً بيد ولوضعت يدي على كتفه ولقلت له من أعماق قلبي :شكراً لك ..
هذه أقل خدمة ممكن أن أقدمها له .
أريد منكم في هذا الموضوع أن تشعروا معي بمعاناة هذا العامل وأن تغيروا طريقة تعاملكم معه من الآن فصاعداً وأن تتذكروا بأنه في النهاية بشر ..
تخيلوا معي هذا الموقف ، ،،
ذات يوم كنت أمشي في الشارع فوجدت جميع أكياس القمامة ملقاة على الأرض رغم أن الحاوية فارغة والرائحة الكريهة تفوح منها وبعض الأكياس مفتوحة وما بداخلها من طعام وقمامة على الأرض ..
مشهد مقرف ومقزز أليس كذلك ؟
لكن لا يهمنا أبداً (لا بأس) طالما أن هناك شخص اسمه زبال هذه وظيفته فهو سيزيل هذه الأكياس .
أليست هذه وجهة نظر البعض ؟
ما هذا الإستحقار و الإستخفاف والإستهتار بقمية هذا الإنسان الضعيف؟
حاولت يومها أن ألقي الأكياس داخل الحاوية ونظفت ما حولها قدر استطاعاتي حتى إذا أتى عامل النظافة لا يرى ما رأيت ، لقد كنت أشعر بالحزن الشديد على هذا العامل المسكين .
"متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار"
هذه صور لبعض المشاهد المقرفة التي يراها العامل كل يوم بسبب إهمالنا واستهتارنا بقيمة النظافة
وموقف آخر ،،
كنت مرة خارجة من شقة أختي والتي تسكن في عمارة من أربع طوابق وفيها حارس مسؤول عن نظافتها وبينما أنا أنزل الدرج وجدت كيس قمامة ملقى على الدرج رغم أن الحاوية أمام العمارة تماماً ، هناك شخص لم يكلف نفسه بإلقاء هذا الكيس في المكان المخصص له لأنه يعلم أن هناك خادم مستعبد سيزيل هذا الكيس بنفسه .
أمسكت بالكيس وألقيته في الحاوية وأنا أحتسب على كل إنسان يرى نفسه أعلى من غيره .
ولكم أن تشعروا به وهو يقف متعلقا بسيارة المهملات يشم أسوء الروائح الكريهة طوال اليوم ، وهذا عدا عن السموم والأوبئة التي تحملها هذه الروائح معها ، كل هذا وأكثر ومع ذلك نبخل عليه بالشكر .
مسكين هذا العامل كم يتعرض لإيذاء نفسي ومادي وبصري؟
هذا بالنسبة لما يشاهده العامل كل يوم ، أما بالنسبة لراتبه فهذه قضية أخرى ،،
إن راتب هؤلاء العمال ومع الأسف لا يسمن ولا يغني من جوع ، رغم الجهد الذي يبذلونه والمشقة التي يواجهونها والرائحة الكريهة التي يعانوا منها كل يوم إلا أن رواتبهم زهيدة .
لذلك علينا أن نتعاطف معهم قليلا بأن ندعمهم ولو بالشيء البسيط ، فلو أعطى كل وفرد من أهل الحي عامل النظافة ديناراً واحداً أو جنيهاً واحداً لن يضرهم شيئاً ولن يخسروا شيئاً أبداً ، يكفي أنه كسب أجر إدخال السرور على قلب هذا الإنسان المجاهد.
قبل العيد بأيام بسيطة أحبت أمي أن تعطي لعامل النظافة مبلغاً من المال كعيدية بسيطة بمناسبة قدوم العيد فوقفت أمام المنزل تنتظر مجيئه ، لا تتخيلوا كم كانت فرحته كبيرة عندما شكرته أمي على جهده وأكرمته بهذا المبلغ .
تقول أمي: من شدة فرحته نظف جميع الشارع الذي أمام بيتنا بكل سعادة وامتنان ولم يترك ورائه غبرة صغيرة ، كل هذا لأن أمي قدرت جهده وأكرمته فهو أحب أن يخدمها مقابل ما أعطته .
لو كل شخص أعطى هذا العامل قيمته وقدر جهده لأحب كل عامل نظافة مهنته وعمل بجد ورح معنوية عالية .
كما أننا نحب أن يقدر جهدنا الآخرين كذلك هم أيضا يحبوا أن يقدرهم الناس ويشعرو بهم .
وطبعاً لا يوجد هناك قدوة ومثل أعلى أفضل من الحبيب صلى الله عليه وسلم .
ففي عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانت هناك إمرأة تكنس مسجد الرجال ،غابت ، فعندما سأل عنها الرسول قالوا الصحابة : كنت يا رسول الله نائم وقد توفت فلم نشأ إخبارك .
فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها صلاة الغائب.
انظروا إلى رسول صلى الله عليه وسلم كيف احترم هذه المرأة حتى بعد موتها ، وكأن هذه كانت إشارة منه صلى الله عليه وسلم أن نحترم هؤلاء العمال ونقدرهم ونعطيهم قيمة ونحفظ كرامتهم حتى بعد موتهم .
تخيلوا معي رسول الأمة محمد صلى الله عليه وسلم صلّى على إمرأة كانت تنظف المسجد عندما علم بموتها . .
يا حبيبي يا رسول الله
الآن يجب أن نعرف واجبنا تجاه عامل النظافة :
-بداية وقبل كل شيء انسوا كلمة (زبال) والغوها من ذاكرتكم تماماواحترموا هذا الإنسان قليلا ونادوه بعامل النظافة وعلموا أولادكم أن هذا الانسان هو عامل نظافة وليس( زبال) هذا من الذوق والأدب .
- ثانياً أقل شيء ممكن أن نقدمه لهؤلاء العمال هو أن نبتسم في وجوههم نشكرهم على جهدهم أن نسلم عليهم إذا رأيناهم لأنهم ليسوا حشرات بل بشر ، فهذا أضعف الايمان .
- تذكروا بأنكم لا تستطيعوا العيش بدونهم وأنكم بحاجتهم أكثر من حاجاتهم لكم فهم سبب نظافة بيئتكم وبيوتكم وبلدكم ، لذلك هم يستحقون أفضل معاملة وأفضل تكريم .
- أعطوهم مما تجود به نفوسكم من مال أو طعام ، أكرموهم وادعموهم يبارك الله لكم في مالكم وصحتكم وأولادكم ، جربوا العطاء يوماً وتذوقوا طعمه ستشعرون بالسعادة الحقيقية .
- احترموا مهنة عامل النظافة وخففوا عنه الجهد في التنظيف ،على الأقل بإلقاء أكياس القمامة في مكانها وليس على الشارع .
- علموا أولادكم احترام هذا العامل وتقديره وأن يبتعدوا عن الإستهزاء به وأن يتعاملوا معه بذوق وأدب .
- نبهوا أولادكم أن لا يلقوا أكياس القمامة على الشارع بل في داخل الحاوية ، هناك العديد من الأولاد لا يهتموا أين يلقوا أكياس القمامة فيلقوها في أي مكان وهذا خطأ الأهل وليس الطفل .
- عودوا أنفسكم وأولادكم أن تفرغوا علب العصير واللبن والغازات مما في داخلها قبل إلقاءها لأن الرائحة الكريهة تخرج من هذه السوائل .
- معظم عمال النظافة يكونوا من خارج الدولة وهؤلاء تركوا زوجاتهم وأولادهم وبيوتهم
من أجل لقمة العيش الصعبة ، فلماذا لانشعر بهم قليلا ونشتري لهم بطاقات اتصال دولية كي يتواصلوا مع أهلهم ويطمئنوا عليهم؟
العامل لا يستطيع أن يدفع ثمن البطاقة كل أسبوع ، ربما تمر شهور دون أن يتصل بأولاده .
- من الجميل أن نتذكرهم في العيد بأن نعطيهم مالاً كعيدية رمزية أو نحليهم من حلوى وكعك العيد ، لأن من حقهم أن يشعروا بالعيد معنا ويفرحوا به .
- احسبوا حسابهم في الصدقات ومن مال الزكاة في رمضان وفي غيره .
- وأخيرا وليس آخراً أترككم تتخيلوا الحياة بدون عمال النظافة وأنتم وحدكم ستعرفون قيمتهم .
الروابط المفضلة