بسم الله الرحمن الرحيميقول الله سبحانه وتعالى :-
( ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) . [ النحل : 125 ] .
* ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم :-
( بلغوا عني ولو آية ) . صحيح البخاري – كتاب أحاديث الأنبياء – باب ما ذكر عن بني إسرائيل ، "3461 " . السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهالإسلام ، ذلك الدين العظيم الذي أنزله الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، هو رسالة هداية ورحمة للعالم كله . والرسول صلى الله عليه وسلم هو خاتم الرسل والأنبياء وقد بُعث إلى الناس كافة ، ولذلك أحاطت الشريعة الإسلامية بجميع أفعال الإنسان إحاطة تامة شاملة . قال سبحانه وتعالى : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإسلام دِينًا . [ المائدة : 3 ] .
ونتيجة لتطبيق الأحكام الشرعية ، بما فيها أحكام الزواج ، وصل المجتمع الإسلامي إلى قمة الرقي التي لم يصلها أي مجتمع آخر في التاريخ . ذلك أن الإسلام ، نظر إلى جميع ما في الإنسان من غرائز وحاجات وأشبعها الإشباع الصحيح دون إفراط ولا تفريطوفي ظل تطبيق الإسلام ، تيسرت كافة الوسائل المتعلقة بالزواج ، واختفى التبرج من المجتمع الإسلامي ، واختفت الفواحش واختفت الدعوة إليها أيضا . كما أن نظرة المجتمع إلى الزواج ، ومنه تعدد الزوجات ، كانت إيجابية جدا ، وسهلة سلسة ، نظرة تحث كثيرا على النكاح ، نظرة لا ترى غضاضة في زواج المطلقة والأرملة فور انتهاء العدة ، وسواء أكان لهم أطفال أم لا ، بل وأكثر من ذلك أنها تسمح بالتعريض والتلميح بالزواج أثناء العدة لكل من المطلقة طلاقا بائنا والأرملة . نظرة تقر للرجل أن يجمع بين أكثر من زوجة إلى أربع في وقت واحد ، كما تسمح له أن يعرض ابنته أو أخته على الرجال المسلمين للزواج منها سواء أكانوا متزوّجين أم لا ، نظرة تقر للمرأة أن تتحرك في طلب النكاح فتعرض نفسها على أهل الصلاح من المسلمين ، عزابا كانوا أم متزوّجين ، نظرة تشجع على تخفيف المهور وتيسير أمرها ، حتى لو كان المهر حفظ سور من القرآن الكريم عن ظهر قلب ، أو تعليمها شيئا منه ، نظرة تحضّ على تكثير النسل وتفخر به ، نظرة تأمر الحاكم والجماعة والأفراد بالحثّ على النكاح والسعي فيه . كل ذلك ساهم في الإقبال على الزواج ، وعلى التعدد ، وانتشاره على أوسع نطاق ، وبذلك وبتطبيق بقية أحكام الإسلام ، سادت السكينة والطمأنينة في المجتمع كله .
2- استمر تطبيق الشريعة الإسلامية منذ أن نزلت أحكامها من عند الله سبحانه وتعالى ، إلى أن أصابنا الضعف والوهن الذي توج بقيام الغرب بفرض أنظمته وقوانينه على الأمة ، وإقصاء الإسلام عن الحياة الدولة والمجتمع وحصره في دائرة ضيقة جدا سموها " الأحوال الشخصية " .
وفي الوقت نفسه كانت ولا تزال هناك في الغرب أوساط كثيرة استشراقية وتبشيرية وسياسية وغيرها ، تقوم بهجوم مكثف على الإسلام وأحكامه بما فيها أحكام النكاح . ومن ذلك تصويرهم تعدد الزوجات تصويرا بشعا ، وجعله منقصة في الدين . ومن أساليبهم في ذلك الحط من شأن الإسلام ، وتشكيك المسلمين بأحكامه ، والزعم بأنه سبب تخلف المسلمين وتأخرهم ، وتمجيد الحضارة الغربية ، ودعم دعاة وجمعيات تحرير المرأة المسلمة من دينها . فكان نتيجة كل ذلك أن تم إبعاد المسلمين عن الإسلام الذي هو وحده مصدر عزتهم وقوتهم ونهضتهم .
كما استطاع الغرب ، خفية وعلانية ، بث أفكاره وحضارته الهابطة داخل مجتمعات المسلمين ، وتضليل كثير منهم وتشويه أحكام الزواج الإسلامي في أذهانهم ، بل وجعل بعضهم ينفرون من بعض أحكامه كالزواج عند البلوغ ( أو ما يسمونه الزواج المبكر ) ، والجمع بين أكثر من زوجة ( تعدد الزوجات ) ، وأصبح الذوق العام لهم - تبعا للذوق الغربي - معارضا لها نافرا منها ، مع أنها أحكام شرعية عملية جاءت تعالج مشاكل الناس بما يحقق لهم السكينة والطمأنينة والحياة الكريمة .
كما حملت الدعايات الغربية بعض المسلمين ، من الذين لا تزال مشاعر الإسلام تتحرك عندهم ، على الدفاع عن الإسلام وتأويل مسألة التعدد ، وغيرها من الأحكام ، تأويلا باطلا لمنع التعدد أو لتقييده بما لم يقيده به الله سبحانه وتعالى ، تأثرا منهم بتلك الدعايات الباطلة .
وقد أصبح الزواج في وقتنا الحاضر همّا كبيرا ، وارتفع سنّ الزواج ، وانتشرت العنوسة والعزوبة ، وفسدت وسائل الإعلام وأفسدت الناس بما تبثه ليل نهار ، من برامج ومسلسلات وأفلام ساقطة تهدم الفضيلة والأخلاق والأفكار أيضا ، وما تنشره من مجلات خليعة تحض على الرذيلة ، وإشباع الميول الجنسية بكل السبل التي حرّمها الشرع ، وفشا التبرج والتعري وكشف العورات في الشوارع ، كما فشا النظر المحرم ، وعدم المبالاة بالحلال والحرام ، وفتح الباب على مصراعيه أمام كافة أنواع الفواحش بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ المسلمين . كما كثرت معاناة الشباب والشابات الملتزمين بدينهم بسبب الإثارة الصارخة والفساد الحاصلين في المجتمع ...
وفي السنوات الأخيرة اشتدت الهجمة الغربية الشرسة على الإسلام وأهله وعلى البقية الباقية من أحكام الإسلام ، المتعلقة بالأسرة والمرأة ، ومن ضمن ذلك محاولات تعديل قوانين الأحوال الشخصية كما يسمونها ( وهو تعبير مترجم عن الغرب ، ولم يستعمله أيّ من الفقهاء المسلمين في العصور السابقة ) . ومن ذلك أيضا اشتداد الهجمة على مسألة تعدد الزوجات ، وكذلك الهجمة الشرسة التي تُشن على ( الحجاب ) التي بدأت بفرنسا وبعض الدول الأوروبية الأخرى ، بالإضافة إلى بعض البلاد الإسلامية كتركيا وتونس .
الروابط المفضلة