سنة أولى زواج
الخلافات خطوط عريضة للحياة الزوجية
• في البداية يظن أحدهما أن شريك حياته مرآة كاذبة
• الطرف الثالث بداية خطوات الشقاق
• عدم التوافق سمة السنة الأولى وخلافاتها تعمّق الحياة الزوجية
• في بداية حياتهما يرفض الزوجان التوجيه والإرشاد
على الرغم من أن السنة الأولى من الزواج هي أساس العلاقة بين الزوجين طيلة حياتهما, إلا أنها تشهد أكبر قدر من الخلافات الزوجية, وقد يرى الزوجان في بداية حياتهما أن أي خلاف لابد وأن ينتهي إلى اعتذار الطرف الآخر والاعتراف بخطئه والتعبير عن الامتنان والتقدير للطرف صاحب المشكلة لكونه الموجّه والمرشد, ولكن مع مرور الأيام يثبت أن الخلافات الزوجية لا شك لها أهمية قصوى في حياة الزوجين لكونها تضع حجر الأساس في العلاقة بينهما طيلة عمرهما لأنها توضح الخطوط العريضة التي سينتهجها الزوجان معا.
سنة أولى صدمات
وأولى المشكلات التي تواجه الزوجين في السنة الأولى هي عدم التوافق في أغلب الأمور الحياتية, على الرغم من اعتقاد كل منهما أنه تعرف على الآخر بشكل مناسب جدا, بل إنه قد حفظ طباعه عن ظهر قلب وعلم جيدا كيفية التعامل معه, وأنه أصلح إنسان يمكن أن يتعامل معه نظرا لقدر التفاهم والعمق الذي توصّل إليه كل طرف وذلك لأنهما يظنان أن فترة الخطوبة الطويلة أو القصيرة قد نجحت في إذابة أي حواجز بينهما, ولهذا تكون أولى صدمات الزواج,لأن الحقيقة عكس ذلك تماما فكل منهما قد أتى من عالم غريب على الآخر, على الرغم من التوافق الثقافي والفكري والتكافؤ الاجتماعي بين العائلتين وبالتالي بين الزوجين, إلا أن لكل عالم سماته الخاصة ومميزاته وعيوبه وهو ما لا يظهر إلا بعد فترة التعامل العملي في الحياة اليومية ومع كثير من الخبرات والتجارب والمواقف الحياتية.
مرآة كاذبة
ولأنها صدمة على الزوجين يبدأ كل منهما مراجعة نفسه في قراراته وانطباعاته تجاه شريك الحياة, ويظن كل طرف أنه أخطأ الاختيار, إن شريك الحياة لم يكن أبدا مرآة نفسه, بل أصبح مرآة كاذبة, ويقول كل طرف "لا.. ليس هذا ما توقعت" وتبدأ الخلافات وتتعاظم على الرغم من تفاهة المشكلة الأساسية في بعض الأحيان, فغالبا ما تكون الخلافات على طريقة ارتداء الملابس واختيار الألوان والأطعمة وأماكن الزيارات والترفيه أو حتى طريقة التعامل مع الآخرين وهو ما يرفضه الطرف الآخر وينتقد فيه شريك الحياة, وتزداد المشكلة حين يقوم كل طرف بتوجيه الآخر بوصفه الأكثر خبرة وحكمة, بينما يرى شريك الحياة أنه أدرى وأعلم بتلك الأمور, فقد تربى عليها جيدا وما سواه خاطئ, أما مسألة التوجيه المباشر والإرشاد فهي مسألة يرفضها الزوجان في بداية حياتهما لأن كل طرف يظن أنها سوء ظن في خبرة ودراية شريك الحياة, ويظن أيضا أن شريكه يسخر منه لذلك يحاول توجيهه.
قوات خارجية لفض النزاع
وأولى الخطوات التي يلجأ إليها الطرفان بعد مشاجرة طويلة تبدأ من البيت وتصل أحيانا لتبادل النظرات العنيفة أمام المحيطين أو حتى الشجار أمامهم, لتنتهي بشكوى لأطراف خارجية, وهو ما يعني اللجوء إلى قوات خارجية لفضّ النزاع الأهلي والمحلي داخل حدود البيت, وهذا غالبا ما يوصف بكونه أولى خطوات الشقاق بين الزوجين, حيث تلجأ الزوجة إلى الأم أو الشقيقات أو الصديقات, كذلك يلجأ الزوج للأهل أو للأصدقاء, ومهما كانت حكمة المستشارين في الخلافات الزوجية إلا أنهما بكل تأكيد لن يحكما بين الشريكين بالشكل الذي يرضي كل طرف, فهناك أمور تحكمها التقاليد والأعراف, وهناك أمور أخرى يحكمها التحيز لطرف على الآخر.
ولا تنسوا الفضل بينكم
ولا أدري كيف يشتكي الزوجان للأهل والأصدقاء وهما أعلم الناس بأن أي طرف خارجي لن يحكم بالشكل المرضي نتيجة لأن الأطراف الخارجية لا تعرف قدر الحب والمودة والرحمة بين الزوجين, فكيف ينسى الزوجان المشاعر المتبادلة بينهما, بينما يصغي لنصائح الأصدقاء والصديقات التي تحكمها أحيانا المجاملات ومحاولة إرضاء أطراف على حساب أطراف أخرى, وكيف ننسى قول الله عز وجل {ولا تنسوا الفضل بينكم} وقوله تعالى {وقد أفضى بعضكم إلى بعض} وهي كلمات كفيلة بضمان خصوصية الحياة الزوجية, هذا في الخلافات الكبيرة والعميقة, فما بالنا بخلافات اختيار الألوان والأطعمة والمجاملات الاجتماعية.
الخلافات الجميلة
هذا بالتأكيد لا يعني أن كل من يتدخل لحل الخلافات الزوجية هو شخص صاحب مصلحة أو حكم غير عدل ولكن في كثير من الأحيان يصبح الحكم بينهما شخص أمين يبغي الخير للطرفين, ولكن لا ننسى أن الشكوى لطرف خارجي تترك أثر بغيض في نفسه عن المشكو منه أو المدعى عليه, وقد ينتهي الخلاف وتعود المياه إلى مجاريها, بل وننسى هذا الخلاف ونضحك عليه إلا أن الحكم بيننا لا ينساه, فلماذا نترك أنفسنا فئران تجارب لمن يحكم بيننا, لماذا لا نفكر ولو لحظة في حلّ الخلافات الزوجية الجميلة في السنة الأولى من الزواج بأنفسنا دون الاستعانة بخدمة توصيل النصح إلى المنازل, فهذه السنة ولا شك ستكون محل ضحك وسخرية من أنفسنا حين نتذكرها بعد سنوات من العشرة والمودة التي تجمع بين الزوجين فيما بعد.
لذا فالاختلاف في السنة الأولى أمر طبيعي يعمق العلاقة الزوجية, فهي تحتاج إلى وعي من كلا الطرفين ورغبة في الحفاظ على خصوصية العلاقة الطيبة بين الزوجين, ورغبة أيضا في خوض تجارب الحياة سويا دون أن تصبح حياتهما مسرحية يشهدها كل المحيطين بهما.
الروابط المفضلة