جميعنا نتعامل مع نوعيات مختلفة من البشر
أحياناً لا تعجبنا تصرفاتهم أو أقوالهم ، و مع ذلك لا نقاطعهم و لكن
نكون شديدي الحذر في تعاملنا معهم و بكل أسف هم من يرغمنا على ذلك .
سوف نتحدث عن عالم خاص
إنه عالم النساء الملئ بكل ما هو غريب من المعتقدات ، أقوال و أفعال
ما أنزل الله بها من سلطان .
سَنلقي الضوء على عدة صور و مشاهد من هذه المعتقدات .
الصورة الأولى: إلتقيتها في إحدى المناسبات بعد غياب طويل ،كانت في سفر ، تصافحنا
وهنأتها بسلامة العودة ، و بشكل عفوي جداً سألتها ....
متى عدتِ من سفرك ؟
أجابت منذ خمسة عشر يوماً .
بادرتها بالسؤال وكم من الوقت مكثتِ هناك ؟
أجابت خمسة أشهر ( مع الإشارة بأصابعها لرقم خمسة )
أنهيت حديثي معها سريعاً ثم ودعتها ومضيت و كلي تعجب لما بدر منها
من تصرف لم أكن أتوقعه ، تعجبي لم يكن من الحركات التي فعلتها
لأني أفهم معناها جيداً ، ولكن العجيب أن تصدر هذه التصرفات
من سيدة في عمرها و على خلق و دين أحسبها كذلك و الله حسيبها، فما الذي يجعلها تتصرف بهذا الشكل .
الصورة الثانية :
سيدة في مقتبل العمر تقرر أن تتبع نظام غذائي جديد بعيد عن جميع أنواع اللحوم ، بمعنى آخر تريد أن تصبح نباتية بين يوم و ليلة .
بعد عدة أسابيع يصيبها الوهن و الإرهاق ثم تصاب بحالة مرضية لفقدها
الكثير من الفيتامينات التي كان جسدها معتاداً عليها، هى لم تنتبه
إلى السبب الرئيسي الذي أدى بها لهذا الوهن و الضعف بل حللته على أنه
عين وحسد ، وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها تحليلها للأمور على أنها عين
بل جميع تعاملاتها ومشاكلها تفسرها على أنها بسبب الحسد .
الصورة الثالثة:
سبحان الله هى دائمة الشكوى ، دائماً تشتكي القلة و عدم التوفيق برغم أن دخلهم المادي يعتبر جيد جداً و مع ذلك لا يمكن أن تشكر الله .
في اعتقادها أنها إن شكرت وأظهرت عدم حاجتها أو أنها تعيش بنعمة
فإن الناس سوف يحسدونها على ذلك ،نست أو تناست قول الله تعالى :
( و إن شكرتم لأزيدنكم ) ( و أما بنعمة ربك فحدث )
و هذا الشيئ تتبعه مع الأمور
الأخرى إن أحد سألها عن صحتها تدعي التعب و الإرهاق
و أنها لا تنام جيداً في اعتقادها أن الناس سوف يحسدونها إن قالت أنا بخير من الله .
الصورة الرابعة :
يا للعجب ، إن أصابها صداع تقول :أحدهم حسدني ، و إن أحدهم مدح لبسها أو تسريحة شعرها على سبيل المجاملة ، تقول : لم أرَ الخير بعد أن رأتني فلانة
و أثنت على مظهري ، فلانه زارتني في بيتي و بعد أن ذهبت مرضت مرضاً شديداً
بكل تأكيد أنها حسدتني ،
نسيت أو تناست أن أبنائها كانوا مرضى و انتقلت العدوى إليها .
الصورة الخامسه : هذه لديها وسواس من أي إمرأة لم تنجب، تعتقد أن من لم ترزق بالأطفال
حسودة ، و بأنها بمجرد أن ترى طفل تحسده ، تجدينها بعد كل كلمة
تقول ما شاء الله ، و في كل عبارة تدخل رقم خمسة مع الإشارة بأصابعها
هذه السيدة باعتقادها أنها بذلك ترد العين ! ياللعجب هى لا تعلم
أن من لم ترزق بأطفال قد يكون لديها من القناعة و الرضا
الشيئ الكثير ، هى لا تعلم أن من حرمها الله الذرية لديها من الصبر واليقين
التام بأن الله لم يحرمها هذه النعمة إلا لخير لها وهذا الشعور و حده كفيل بأن
يجعلها لا تبالي بمن رزقهم الله هذه النعمة ، هى لا تعلم بأن الله حين يحرم البعض
من نعمة ما يعوضه بأحسن منها و يجعله قريباً من ربه و هذا بدوره
يجعله بعيد كل البعدعن النظر بعين الحسد .
نحن لا ننكر أن الحسد موجود ولقد حذرنا منه الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم
حين قال :( لا تَبَاغَضُوا ، وَلا تَحَاسَدُوا ، وَلا تَدَابَرُوا ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا )رواه البخاري .
نحن فقط ننكر المبالغة في الإعتقاد أن كل حركة و كل كلمة يكون مقصود منها الحسد .
لماذا البعض لديه هذا الوسواس ، كل لفتة و كل همسة يفسرها على هواه.
أين التوكل ، ألآ يعلم هؤلاء أن التخوف المبالغ فيه من الحسد قد يوقعهم
بسوء الظن بالله و يبعدهم عن التوكل قال تعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ )
الحجرات 12
لماذا هذه النوعية من البشر تفسر الأمور دائماً على طريقتها الخاصة
فتقوم بإحراج الغير ، من يتعامل معها تجعله دائماً على حذر ، تجعله
يفكر آلاف المرات قبل أن يلقي سؤال ما ، لا لشيئ فقط كي لا يحرجوا أنفسهم
بتلقي كلمات هم في غنى عن سماعها .
الغريب في الأمرأن هذه النوعيات من البشر الذين يعانوا من وسواس الحسد و العين
و يخافوا منه بطريقة مبالغ فيها ، نجدهم أكثر من يتعرض لمواقف صعبة
سبحان الله ، و التفسير الوحيد لهذه الظاهرة ،هى لأنهم بكل أسف بعيدين عن التوكل
على الله سبحانه و تعالى ،نسو أو تناسوا قول الحبيب المصطفى عليه الصلاة و السلام:
عن ابن داوود( واعلم أن ما أصابك ما كان ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك).
تقول إحداهن :
في الماضي كنت إذا رأيت إحدى صديقاتي أو قريباتي أو حتى زميلاتي
في العمل أتحدث معهن على طبيعتي أمدح هذه، و أجامل تلك ، بعضهن لم يكنَّ
بطيبة القلب التي كنت أعتقدها ،كانوا يلقون إلي بكلمات لم أكن
أفسرها كما يفسرها غيري ، حتى جاء اليوم الذي نبهتني فيه إحدى صديقاتي المقربات
أعلمتني و أفهمتني ماذا يقصدن من تلك الكلمات التي لم أكن أفهم معناها أو مغزاها
أصابني الإحباط لأني اعتقدت أن جميع من أتعامل معهم مثلي
و لكن ظهر لي ما لم أتوقعه منهم فأصبحت أتعامل مع الجميع بحذر
و أردد دائماً عبارة ما شاء الله ،
حين أرى شيئ لديهم يعجبني أو لا يعجبني حتى لا يفسروا كلامي على أنه حسد .
جميعنا يعلم أن العين حق و لكن أيضاً جميعنا يعلم كيفية الوقاية من العين و الحسد ، بكل تأكيد ليس بالرقم خمسة الذي يلقى بالوجه
ولا بالحركات و الكلمات التي تؤذي الغير و تجرحهم .
ولكن بالطريقة التي علمنا إياها حبيبنا وقدوتنا محمد عليه الصلاة و السلام :
أمور نفعلها و نقولها صباحاً و مساءاً ، إنها الأذكار المليئة بالأدعية
المأثورة ، و الآيات القرآنية التى تقي العين و الحسد كالمعوذات
و سورة البقرة ،بما فيها من وقاية للنفس من شياطين الإنس و الجن .
نبينا و معلمنا محمد عليه افضل السلام و أتم التسليم
علمنا حين نرى شيئ يعجبنا أن نقول ، ما شاء الله تبارك الله ،
لا قوة إلا بالله ،
لو أن الذين يفسرون كل همسة و حركة من حولهم على أنها حسد
لو أنهم اتبعوا سنة الحبيب المطهرة لما وصل بهم الحال لهذا الحد
من الوسواس ،ولم يتحول الأمر معهم لشبه مرض .
لو أنهم أجادوا التوكل لما وصلوا لهذاالحد من الوسواس .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا غلام (مخاطبا ابن عباس )
احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك ،إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله
واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك
ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك
رفعت الأقلام وجفت الصحف.
رواه الترمذي وقال حسن صحيح
الروابط المفضلة