فى غياب دولة القانون: جيل اليوم حائر بين الفوضى والقيم
مع غياب دولة القانون وعدم وجود نظام اجتماعى يحترمه الجميع، إنتشر أسلوب جديد يتبعه بعض الآباء فى تربية أبنائهم وهو "خذ حقك بذراعك" اعتقادا منهم أنهم يحققون لهم الحماية والشخصية القوية واحترام الغير لهم، لكن هذا الأمر يزيد من صعوبة التربية لدى بقية الأسر التى مازالت تؤمن بأنه لا يصح إلا الصحيح وأن الأخلاق والقيم لا تتجزأ. فكيف يحافظ هؤلاء على نفسية أطفالهم فى ظل ما يواجهونه من انفلات أخلاقى خاصة مع تخلى المؤسسات مثل المدارس والنوادى وغيرها عن القيام بدورها؟
د. طارق عكاشة أستاذ الطب النفسى كلية الطب جامعة عين شمس يوضح: النمو الأخلاقى لدى الطفل يبدأ فى سنواته الأولى، فحتى ست سنوات يكتسب الأخلاقيات من إرضاء الأب والأم، ثم تبدأ المرحلة الثانية وهى تلبية وإرضاء المجتمع فتوجد قواعد يتعلمها من خلال المدرسة والتعامل مع أصدقائه، ثم يبدأ فى فهم تعاليم الدين، وبعد ذلك يستطيع أن يُكوّن لنفسه منظومة أخلاقية خاصة به تعتمد على المنظومات السابقة والخبرات الخاصة.
والآن أصبح لدينا فى مصر عدة مشاكل تؤثر سلبا على إرساء القيم والأخلاق لدى النشء، أولها أن الأباء فى المرحلة الأولى ليس لديهم وقتا كافيا بسبب العمل، وأصبح الطفل يكتسب القيم من العمة أو الجدة أو المربية. ثم تأتى مشاكل التعليم حيث تطغى الرغبة فى إنهاء المناهج الدراسية على التعليم مما يجعل إرساء التقاليد والقيم ليس من أولويات المدرسة فتفقد نصف الرسالة التعليمية وهى التربية. أما المشكلة الثالثة فتتمثل فى قضائهم بعض الوقت على مواقع التواصل الاجتماعى واكتساب الأخلاقيات، وهو الأمر المرفوض وغير الصحى، فهى لا تعبر عن أخلاقيات المجتمع بل عن أخلاقيات العولمة التى لا تتماشى مع قيم مجتمعنا. أما المشكلة الأخيرة فهى عدم وجود قدوة، فكيف يجدها مع إزدياد ظاهرة عدم احترام القانون؟
أخيرا يؤكد د. طارق عكاشة: إن أردنا أن ننشئ جيلا جديدا بأخلاقيات سليمة فيجب أن تقوم الأسرة بدورها وكذلك المدرسة والمجتمع مع وجود القدوة، وحتى مع تدهور أداء المؤسسات المختلفة يجب أن نتذكر دائما أن المرحلة الأولى هى الأساس، أى أن الأسرة تحمل العبء الأكبر من تلك المسئولية، فلا تشجع - ولو بشكل سلبى - على الفوضى سواء بتشجيع الإبن على السلوك الخاطىء بهدف الحصول على ميزة أو حتى حق، كأن تدعو الأم مثلا لإبنها بأن تتسهل له لجنة الإمتحان كى يستطيع أن يغش بدلا من تشجيعه على الإستذكار، وعدم الانسياق للغش حتى ولو أقدم عليه كل المحيطين به، كذلك على الآباء أن يدافعوا عن السلوك السليم ويقاوموا الخطأ فى أى مجتمع يتواجد به الأبناء، فإن وقع أى سلوك خاطىء فى المدرسة أو النادى وغيرهما ولم يتصرف المسئولين بالأسلوب المطلوب عليهم بالتدخل ولفت النظر إلى خطورة هذا التخاذل لدى جميع الأفراد، فذلك يقوّم سلوك الآخرين ويعطى للإبن مثالا إيجابيا للتعامل مع الخطأ الموجود بالمجتمع.
المصدر: الأهرام اليومى
بقلم: ماجى الحكيم
الروابط المفضلة