::
بدأ جهاز العرض يعمل
وظهرت شرائح المحاضرة على الشاشة
شرعت في إلقاء محاور المحاضرة في غرفة المعلمات
وكعادة بعض من المعلمات ــــ وليس الكل ـــــ معلمة مشغولة بالحديث مع صديقتها
أخرى ترتب حاجياتها وبعض أشغالها ..
وبدأت بإلقاء محاضرتها المقررة ضمن برامج المصلى
والمحاضرة كانت ضمن برنامج البر بعنوان :
{ كيف نربي أبنائنا على البر }
لم تتمكن من إلقائها على الأمهات لعدم عقد مجلس للأمهات في الفصل الثاني
فكان أقرب حل لتنفيذها أن تلقيها على المعلمات وأمهات الطالبات من المعلمات
تضايقت قليلا من ردة فعل زميلاتها لكنها تذكرت أن مهمتها البلاغ ، وهداية التوفيق بيد الله
أكملت المحاضرة وأغلقت الجهاز
وشعرت بأن هما انزاح عن صدرها لأن ضميرها كان يلومها لعدم إلقائها في الأيام السابقة ..
~ وفي اليوم التالي
أتتها زميلتها المعلمة التي كانت منشغلة ببعض الأعمال ولم تلق بالا للمحاضرة
وقالت لها والدموع تسكن مقلتيها :
لقد سمعت أمس أثناء مروري جملة في حديثك وُجهت إلي وكانت سببا في الإصلاح بيني وبين والدي
وذكرت أنها كانت تحمل هما كبيرا في صدرها انزاح البارحة فقد كانت بينها وبين والدها مشكلة كبيرة
تقاطعت معه بسببها لمدة أسبوعين
وبعد سماعها لتلك الجملة كانت رزقا و سببا أجراه الله لأن يذهب كل مافي صدرها
وذهبت إلى والدها وانطرحت أمام ساقه المتعبة وأخذت تدلكها له
فقال لها : أرأيت ياابنتي لقد طابت الان ..*
وانصلح ماكان بينهم بفضل الله ورحمته ..
والآن غاليتي مشرفة المصلى أصغي لكلماتي لعل الله ينفعك بها
كلنا نعلم ياغالية أن الجهد كبير والتكاليف شاقة
لكن تاكدي أنك إن صدقت مع الله فسيبلغك ماتريدينه بأبسط الوسائل والكلمات
فقط المطلوب :
صدق + إخلاص + بذل الأسباب الصحيحة (مادة علمية قوية وعميقة من مصادرها الصحيحة ) + فهم للواقع
والتوفيق والهداية بيد ملك القلوب
فسبحان من رزق تلك المعلمة سماع تلك الجملة منك
فكنتِ سببا لصلح وأي صلح ..!!
كنتِ سببا في سد باب للعقوق ليس من طالبة بل من معلمة وصديقة لكِ
فانتبهي ياغالية أن يأتي الشيطان ويزهدك في هذه المهمة ويحبطك أو يثبطك
فساعة يهمس لك : بأنه لافائدة من كلامك فهم يعرفون الحق ولا يحتاجون تنبيهك
ومرة أخرى يوسوس لك : اتركي هذه المهمة فالكل مرتاح إلا أنتِ
هذه تشرب القهوة وتلك تكمل أعمالها وأنت فقط من تقوم بمهمة يومية تقريبا
المعلمات لايقمن إلا بالقليل من الأنشطة وأنتِ كذا وكذا .. إلخ
الشيطان أجلب عليك بخيله ورجله فماذا أنت فاعلة ؟
كيف تواجهين فتنته وربما كان معه شيئا من شياطين الإنس !!
تذكري ياحبيبة أنك تقومين بمهمة جليلة
إنها مهمة الرسل
إنها مهمة لا يطلب فيها درجات ولا علو ولا مرتبة
بل من طلبت ذلك فقد فسد عملها وقال لها ربنا سبحانه وتعالى في الحديث القدسي :
{ تركته وشركه }
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قال الله تبارك وتعالى :
( أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه )
رواه الإمام مسلم
فالإخلاص الإخلاص
هو النجاة
هو المركب الذي تسيرين عليه بأمان
الإخلاص هو الإكسير الذي إن تناولتيه كما ينبغي
هون عليك كل الصعاب
وذلل أمامك كل العقبات
فماهو الإخلاص في هذا الموطن ؟
إنه الهم الذي تحملينه في قلبك وأنت تمارسين مسئولياتك
ماهو هذا الهم وحول ماذا يدور ؟
إنه هم لقاء الله
هم / أن ينظر الله إليك نظرة الرضا عن عملك
ينظر إلى قلبك فلا يجد فيه مقصد إلا رضاه
فيرضى عنك *
وإذا رضي فلا تسألي حينها عن طيب الحياة ولذتها ..
إن رضي عنك فماذا تريدين بعدها ؟
مع هذا الإخلاص
ستحلو الحياة ـــــ بإذن الله ـــــ وتحل البركات
ويصبح لأيامك وعمرك وساعاتك لذة ومعنى آخر ..!!
كيف لا وهناك من له علاقة بك وليس من بني آدم !!
يشكر لك ، يثني عليك ، يدعو لك ويستغفر لك فتأملي :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين حتى النملة في حجرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير)،
رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب صحيح وصححه الشيخ الألباني
لأنك تقومين بعمل نفعه متعدي
لأنك أصبحت مباركة ـــ بإذن الله ــــ تزيلين الغمة عن القلوب والبصائر
وتأخذين بأيدي طالباتك ورفيقاتك ومن حولك إلى حيث النور والهدى تُعلِّمين العقوله عن خالقها وتحببينها فيه
وتُرضِّين النفوس عن أقداره وتسيرينها إلى رضاه
وأي نفع وخير أعظم من هذا إن رافقه الإخلاص والصدق مع الله ؟
وفي الختام :
لاتظني أن هذا المركب لايتعرض لأعاصير ورياح وعقبات الطريق بأنواعها وأشكالها المختلفة فلكي ينجح العبد لابد من اختبار يزيده صلابة ويظهر معدنه ..
فتأهبي للاختبار واستعدي للبلاء
فاليوم طالبة تصد عنك وغدا المديرة لا تأبه بك وآخر زميلة تظن بك سوءا
و.....
ولن تنتهي ..
في كل مرة تذكري انكِ أجيرة عند رب العالمين .. فقط ..
قال تعالى :
{ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9)}
سورة الإنسان
ولكي تحققي الإخلاص وتتخلصي من العقبات لترضي ربك ولايرى إلا هو سبحانه وتعالى في قلبك فليس أمامك إلا الانكسار بين يديه
وطلب العون منه فلا حول ولاقوة إلا به
فيبقى القلب كسيرا على عتبة :
{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (4)} الفاتحة
وحينها ستجدين الطريق مفتوحا أمامك لو صدقت مع الله إلى الهداية والثبات بإذن الله وحوله وقوته :
{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (4) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (5)} الفاتحة
بورك فيك يا أخية وزادك ربي من فضله
::
الروابط المفضلة