من صميم واقع حياتنا اليومية الوقوع
تحت الضغوط الكثيرة
ثقلت أو خفت فهي تبقى ضغوط
تفقدنا لذة الإستمتاع بالحياة
و تجعلنا نشعر بالضيق وأحياناً بالأختناق
حينها
يبدو علينا علامات القلق وعدم التوازن
حتى لو حاولنا أن نُظهر العكس
فكم واجهتنا الضغوط منذ أن كنا صغاراً
ندرس ونجتهد خوفاً من الفشل
وحين كبرنا واجهناها أيضاً ولكن بتوسع
فكل مرحلة لها شكلها الخاص ومشكلاتها
ولكن.. يأتي السؤال
ما مدى تحملنا لمثل هذه الضغوط ؟؟
وكيف التعامل معها
بحيث لا تؤثر على حياتنا وطريقة تعاملنا مع
من حولنا, لأنها لو تمكنت منا سينعكس ذلك
علينا بصورة سلبية
وستضيق بنا الدنيا بما رحبت
في حال لم نجد أهلنا بجانبنا أو الأحبة و الأصدقاء
فما أحوجنا في هذا التوقيت بالذات إلى من يأخذ بأيدينا
لعالم بعيد عن هذه الضغوط نرى من خلاله روعة الحياة وبهجتها
في صغري كنت أرى بالشارع
سيدة شابة تهيم على وجهها , وكانت تجلس في أي مكان بالطريق
لا تدخل مسكنها إلا في الليل
وكان الأطفال ينادونها بالمجنونة
همني حالها و شعرت برغبة قوية في
معرفة الأسباب التي أدت بها لتلك الحالة
وعندما سألت و عرفت قصتها
أيقنت بأنها لم تستطع أن تواجه مشكلاتها
لقد تركها زوجها وترك في رقبتها مسؤولية
ثلاثة أطفال, أكبرهم في الثانية عشر من
عمره
والصغيرة رضيعة تحملها على يديها
لم تتحمل الوحدة فقد وجدت نفسها فجأة بدون شريك
يعولها و يقاسمها المسؤولية .. و لا أهل يساندونها في تلك المحنة,
و لكن
ماذا لو تغير الوضع ووجدت تلك السيدة
من يمسح دمعتها و يدعمها معنويا في محنتها
أحد من أهلها أو أصدقاءها
يحتويها و يهون عليها مصيبتها أعتقد بأنها ما
كانت لتصل إلى هذه الحالة الصعبة المزرية
و كثير من النساء إضطرتهن ظروفهن الخاصة لمواجهة الحياة ومشاكلها بمفردهن ..
فمنهن من نظرت للأمر من منظور ضيق فضاعت منها الحلول
ومنهن من نظرت للتجربة نظرة إيجابية و خاضتها بكل قوة و خرجت منها أكثر صلابة
و لكن تبقى هناك من لا
تستطيع تحمل فكرة أن تقع تحت ضغط مشكلة ما.. أو مجموعة من المشاكل
فكثيراً ما يحدث أن تنهال علينا المشاكل
متدافعة في وقت واحد كسيل المطر
نبدأ بعدها مرحلة التفكير الصحيح للخلاص من
تلك المشكلة أو المشكلات التي حلت علينا
فكثيراً هي المشاكل و لكن قليلة هي الحلول الصحيحة
فأين الطريق الصحيح
(الدعم والمساندة)
من منا استطاع أن ينسى الماضي أو يمحو من ذاكرته ذكرى أليمة
ألمت به, فجميعنا نحتاج لدعم معنوي من المحيطين بنا
زوج ..أهل ..أصدقاء
هم أكثر ما يهمونا ونهمهم لذلك فلابد من التصريح لهم بحجم مشكلتنا
وبمدى إحتياجنا لهم ولدعمهم لنا في تلك المرحلة
حتى لا يصل الأمر إلى الإصابة بالاكتئاب
وهو الشيء المتوقع عقب الوقوع في المشاكل و قبل الخروج منها
فالمصائب تهون علينا بفضل الله
ثم بوقوف الأصدقاء والأحبة بجوارنا
تحكي سيدة قصتها وتقول
أبلغ من العمر ثلاثة وأربعون عاماً
تعرضت لمتاعب صحية كان على إثرها
توصية من طبيبي بإزالة الرحم
وبعد مرور أشهر على العملية
لاحظت تغير كامل في تصرفات زوجي معي
شعرت أنه يتجاهلني بطريقة يصعب علي تحملها
وعندما تحدثت معه فيما أشعر به
وجدته يصارحني بكل ما بداخله
فهو يشعر الأن أنني لم أعد إمرأة كاملة
وأنه لم يعد يرغب بي
صعقتني كلماته الجارحة
فقد كنت أنتظر منه أن يعينني على التخلص
من الأثار النفسية السلبية لتلك المرحلة
ولكنني وجدته يسلك مسلكاً أخر بعيداً عني.
فأنا ما زلت على وجه الأرض
لي كياني ولي شخصيتي
أحيا وأتنفس وأعيش كما يعيش غيري
أنا إنسانة ولي وجود فكيف تعتبر
أني لم يعد لي وجود أو أهمية
لم أكن أتخيل أن يصل به تفكيره لمثل هذا
فالمرأة لا ينتقص من قدرها أن تزيل الزائدة
الدودية أو تزيل الرحم .
و هل إذا أزال الرجل جزءاً من أعضاء جسده
هل بذلك يفقد رجولته ؟؟
و هل على زوجته أن تتركه أو تغير من معاملتها له؟
كلنا معرض لمثل هذه الأزمات ونحتاج من يقف بجانبنا
ومن غير المقربين لنا ننتظر منهم
أن يعبروا بنا تلك المرحلة الصعبة
فآلامنا تهون وتتضاءل
بوجود الحضن الدافيء واليد الحانية
ويتبدل حالنا إلى الأفضل ولو قليلاً
هكذا هي الحياة ..تعطينا وتأخذ منا
وترسم على وجوهنا قسمات الزمن
وتضيف لعمرنا عمراً فوق عمرنا
حقً لقد وصلنا إلى درجة من النضج و الوعي
من خلال تجاربنا في الحياة
ورغم ذلك
نظل في احتياج لمن يدعمنا ...ويساندنا
وهكذا هو حال الانسان
خلقه الله ضعيفا هلوعا تثنيه المصاعب حتى لو كانت بسيطة
قال تعالى
" إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا، إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا، وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا " ،
منذ فترة راع إنتباهي بعض الكلمات في توقيع إحدى الأخوات
حزنت لحالها فأرسلت لها أطلب منها تغيريها
فكلماتها أوجعت القلب وأحزنت النفس
وشعرت بأنها تعاني من وحدة شديدة
على حد علمي أنها فقدت زوجها
وجدتها وقد أرسلت لي تشكرني على
إهتمامي وتقول أن تلك الكلمات هي ما تعبر
عن حالتها التي تمر بها
دعوت لها الله أن تتجاوز محنتها وتتغلب على
وحدتها
هي بضع كلمات أوجعت القلب فما بالنا بحالها
وحياتها التي تعايشها بنفسها
عندما نقع تحت ضغط مشكلات الحياة
قد لا نرى الجانب الإيجابي منها
لكن تتضح الرؤية لغيرنا لذلك لا بد من البحث
بين من نعرفهم من أهل الثقة كي يساعدونا
ويمدوا يد العون لنا في التغلب على الأثار
السلبية مما نواجهه وإبراز الإيجابيات التي من
الممكن أن تعيد لنا الأمل الجميل
و البعد عن من يمكنهم أن يعيقوا حركتنا
و يضيقوا صدورنا أو يحطموا معنوياتنا
بأفكارهم السلبية المدمرة وكما أبلغنا نبي الرحمة
عن عبدالله بن عمر ما أن رسول الله قال :
( أحب الناس إلى الله أنفعهم ، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم ، أو تكشف عنه كربة ، أو تقضي عنه دينا ، أو تطرد عنه جوعا ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إليّ من أن اعتكف في المسجد شهرا ومن كف غضبه ستر الله عورته ومن كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضا يوم القيامة ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام
وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل )
رواه الطبراني في الكبير وابن أبي الدنيا وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة
وهكذا تظل الحياة تطل علينا بحلوها ومرها
ولكن ما يزيد من حلاوتها وما يخفف عنا مرارتها
وجود من نحب بجانبنا
فكلماتهم الحانية وأحضانهم الدافئة
هي
البلسم الشافي من ندوب وجراح الحياة
الروابط المفضلة