قصة قصيرة بعنوان
♥ غَادَرَتْ لِتُسَاعِدَ الآخَرِينْ♥
كتبتها لكم وأتمنى تعجبكم
بسم الله ,,
لم تكن تنوي فعل شيء,لكن الشعور بالملل جعلها تبعثر سلة الألعاب القديمة التي تقبع
في زاوية غرفتها..لقد كانت ترغب في التخلص منها,لكنها كم فكرت مرارا وغيرت رأيها.
وبينما هي تقلب نظراتها يمنة ويسرة.لفت انتباهها تلك الدمية الجميلة التي أهدتها إياها
والدتها,,صاحت فرحة:رباه..لقد وجدتها ..ماما ماما
تناولت الدمية وأخذت تنفض عنها الغبار..ثم تسارعت خطاها نحو الباب..تاركةً ألعابها
المتناثرة التي ملأت المكان.
"ريـــــما"وما أروعه من اسم عندما تنطقه شفتاها البريئة,لقد أتمت الخامسة من عمرها قبل
أيام وهاهي الآن تنطلق نحو والدتها لتخبرها بمدى سعادتها بعودة "ســــوزي"
**سوزي :الدمية..
كانت تنادي بصوت مرتفع:مـــــاما ماما.. استقبلتها الأم بابتسامةٍ هادئة
وقالت:
- ماذا هناك يا عزيزتي؟
- ماما لقد وجدت سوزي ..أنظري لم تتغير..
لم تبدو الأم سعيدة لكنها تظاهرت بذلك وردت:
- بالفعل لم تتغير !!
لم تكن الأم لتسأل ريما أين وجدت الدمية فهي من أخفاها في سلة الألعاب القديمة
لاحظت ريما شرود والدتها المفاجىء..فتذكرت فورا تلك الحادثة ..وتمسكت بثيابها
- ماما لا تحزني ذهب "سامي" لكن سوزي لازالت معي..
لفت الأم طفلتها ريما بذراعيها..وفي عينيها دمع يحكي حكاية ألم أبى الفؤاد
نسيانها.
إنها قصة ابنها سامي الذي تعرض لحادثة اختطاف أودت بحياته..في ذلك اليوم
أهدت الأم ريما تلك الدمية "سوزي"حتى لا تشعر بالوحدة,لذلك تبدو ريما مهتمة
لأمرها كثيراً.
سألت الأم بعفوية:
- ريما ماذا سيحدث إن فقدت سوزي إلى الأبد؟!
تشد ريما بيديها على سوزي وتقول:
- كلا لن يحدث هذا أبدا ..
ثم تغادر متجهة إلى غرفتها ..حاملة بيدها دميتها الصغيرة ..
في ذهن ريما الصغيرة أفكار كثيرة ..يمتزج بعضها بالألم كلما تذكرت "سامي"
لقد تساءلت ,لماذا لا يعيش الأطفال بحرية كما يفعل من هم أكبر منهم سنا..
لم يجب عليهم الحذر في كل خطوة لتجنب بطش من نصبوا أنفسهم كــ مسئولين
أو ربما كــ كبار لا يمكن أن ترفض أوامرهم..وقد كان السؤال الأصعب ..
لمَ يرحل سامي للأبد..لأنه تجول في أحد شوارع المدينة وهو يحمل بعض الحلوى
في يده؟!!
لقد تمنت أن تغيرشيئا من هذا الواقع..لكن ما عساها أن تفعل وهي مجرد "طفلة"
لاتملك حتى من أمرها شيء؟!!
في روضة الأطفال تجلس ريما وحيدة مع سوزي..تراها المشرفة أو المعلمة
أو "سموها ما شئتم"..
فتتجه نحوها بتأنٍ ..
- ريما صغيرتي .. لم تجلسين وحدك هنا؟!
تجيب ريما
- ليس لأمر مهم ..فقط شعور غريب يخبرني بأنني سأفارق سوزي عما قريب
أخبريني يا معلمة ماذا أفعل إن واجهت في طريق عودتي رجلاً غريباً عني؟!
- يجب ألا تقتربي منه ..الأفضل أن تبتعدي عنه ..
تبتسم ريما ..
- شكرا لك .
غادرت ريما مع بقية الأطفال حيث تنتظرهم الحافلة لتعيدهم إلى منازلهم.
انطلقت الحافلة وجاء دور ريما للنزول..كانت الحافلة تتوقف عند أول الشارع
حيث يبعد عن منزل ريما بضع كيلومترات,غادرت الحافلة تاركة ريما ذات الست
سنوات تعود وحدها إلى المنزل.
كانت ريما تمسك دميتها بحذر, وتمشي وعيناها تتلفت هنا وهناك..
وفجأة,,
وعند آخر مبنى ينتهي به الشارع ..تسمع ريما صوت صراخ يعلو ثم ينخفض
فتقرر المغامرة والذهاب..
إنه هناك عند آخر الزقاق رجلٌ كبير يقف امامه طفل لربما كان في الخامسة ..
كانت ريما تستمع إلى الرجل وهو يهدد الصغير باختطافه إن أصدر أي صوت..
تماما لقد عادت الذاكرة بريما حيث الأحداث التي أودت بحياة أخيها سامي.
ماذا عساها أن تفعل؟ هل ستصرخ بشدة؟!لكنها تخشى أن يصبح الطفل
كــ سامي ..
إذاً لقد فكرت بحزم..وقررت أمراً لربما سيكون أعظم تضحية ستقوم بها ريما.
حاولت لفت إنتباهه ,,فلم ينتبه فتقدمت بخطى واثقة نحوه ..
التفت لها أخيراً,ياللعجب ماذا تظنون أن باستطاعة طفلة أن تفعل؟!
نظر الرجل إليها ,فقالت:
- أيها الرجل دع هذا الصغير يعود وسوف أعطيك كنزي الثمين
إنه أغلى ما أملك ويتمنى كل شخص أن يحصل عليه..
ضحك الرجل بسخرية ..
فأجابت بشيءٍ من الجدية :
- قلت إنه ثمين لدي ..ألن تصدق ؟!!
فقال:
- هات ما عندك..
تقدمت ريما بفخرٍ نحوه وقالت بتباهٍ:
- خذها,,إنها لك .صحيح أنك لم ترها من قبل
لكنها ثمينة ,,
وقف الرجل مندهشاً إنها تقدم له دميتها ,,وهي تظن أنها ثمينة
بل وكنزٌ أيضاً..
ابتسمت ريما,,
- ماذا الآن هل هي جميلة إلى هذا الحد الذي يجعلك مندهشا
منها..
تقدم ريما الدمية للرجل وتقول :
- حافظ عليها إنها كنزي الثمين..
وسط دهشة ذلك الرجل..تأخذ ريما الطفل ويعودان معاً..
نعم,لقد ظنت ريما أن دميتها سوزي هي كنز بالنسبة لكل الناس ..
لقد ضحت بالفعل بأغلى ماتملك وبفعلها هذا تحول سوزي من دمية
رخيصة إلى أداة لإنقاذ طفل بريء..
شعر ذلك الرجل بالخجل من نفسه ,دمية يحملها في يده
وضعتها طفلة صغيرة أرادت حماية طفلٍ آخر..كان من الواجب عليه أن
يعود إلى رشده في الحال..ودون أي تردد..وكان ذلك ماحصل بالفعل.
أما ريما فقد عادت سعيدةً إلى أمها وعندما سألتها عن سوزي
ولم لم تعد معها ..
ارتسمت ابتسامة عريضة على وجه ريما وقالت:
ماما .. لقد "♥ غَادَرَتْ لِتُسَاعِدَ الآخَرِينْ♥"
إنتهى,,
عندما تكون براءة الأطفال هي الصفعة التي تعيدنا للحقيقة,فمن
الاحرى علينا أن نفكر ملياً ونعلم أن بإستطاعتنا التصرف
بــ عقلانية حتى لا نضطر لأن نقع في مواقف حرجة توقظنا
من سبات عميق ..
بـــ قلمي,,
* شكرا لكل عين قرأت ,,
تحياتي لكم
.♥أنـــامل كـــاتبة♥.
الروابط المفضلة