الحديث القدسي يعلمنا
من المعروف أن كلام الله سبحانه وتعالى هو القرآن الكريم ولكن الحديث القدسي ايضا هى كلام الله
تعريف القرآن الكريم :
هو كلام الله سبحانه أوحى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظه ومعناه
القرآن الكريم جميعه منقول بالتواتر
القرآن الكريم متعبد بتلاوته
وتحدى به رسول الله العرب جميعا بل الإنس والجن أن يأتوا بمثله
القرآن الكريم من قرأه كان له بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها
تعريف الأحاديث القدسية :
هو الحديث الذي يسنده النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله عز وجل والقدسى نسبة للقداسة
وهي تحمل معنى التكريم والتعظيم والتنزيه ولعل من مناسبة وصف هذا النوع من الأحاديث بهذا الوصف
أن الأحاديث القدسية تدور معانيها في الغالب على تقديس الله وتمجيده وتنزيهه عما لا يليق به من النقائص وقليلاً ما تتعرض للأحكام التكليفية .
الحديث القدسي لم يحدث له التحدي والإعجاز ما حدث للقرآن الكريم
الاحاديث القدسية أخبار ظنية الثبوت ولذلك فإن فيها الصحيح والحسن والضعيف
الحديث القدسي غير متعبد بتلاوته ولا يجزئ في الصلاة ولا يصدق عليه الثواب الوارد في قراءة القرآن
ويرد الحديث القدسي بصيغ عديدة كأن يقول الراوي مثلاً :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه
أو أن يقول الراوي : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله تعالى ، أو يقول الله تعالى
مجموع الأحاديث القدسية المروية يتجاوز المائة حديث
تعريف الأحاديث النبوية :
هو ما أسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير ونحوها ونقله عنه الصحابى والتابعين
وهذه بعض الأحاديث القدسية مع الشرح لنتعلم منها
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه
قال اللهُ تبارك وتعالى :
أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي
وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ
وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا
وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ))
راوي: أبو هريرة - المحدث: البخارى- المصدر: صحيح البخارى
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
معاني المفردات
حسن الظن بالله :حسن الرجاء فيما عند الله سبحانه
ملأ :المَلأ أشراف الناس ورؤَساؤهم ومقدموهم الذين يُرجع الى قولهم والمقصود بهم في هذا الحديث الجماعة .
هَرْوَلَةً : مسرعا
معنى الحديث
هذا الحديث من أحاديث الرجاء العظيمة التي تحث المسلم على حسن الظن بالله جل وعلا
والإكثار من ذكره وبيان قرب الله من عبده إذا تقرب إليه العبد بأنواع الطاعات
الحديث يدعو العبد إلى أن يحسن الظن بربه في جميع الأحوال
فبين جل وعلا أنه عند ظن عبده به أي أنه يعامله على حسب ظنه به ويفعل به ما يتوقعه منه من خير أو شر
فكلما كان العبد حسن الظن بالله حسن الرجاء فيما عنده فإن الله لا يخيب أمله ولا يضيع عمله
فإذا دعا الله عز وجل ظن أن الله سيجيب دعاءه وإذا أذنب وتاب واستغفر ظن أن الله سيقبل توبته ويقيل عثرته ويغفر ذنبه
وإذا عمل صالحاً ظن أن الله سيقبل عمله ويجازيه عليه أحسن الجزاء كل ذلك من إحسان الظن بالله سبحانه وتعالى
ومنه قول رسول الله عليه الصلاة والسلام :
(ادعوا اللَّهَ وأنتُم موقِنونَ بالإجابَةِ، واعلَموا أنَّ اللَّهَ لا يستجيبُ دعاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ)
الراوي: أبو هريرة - المحدث: الالبانى - المصدر: صحيح الترمذى
خلاصة حكم المحدث: حسن
وهكذا يظل العبد متعلقا بجميل الظن بربه وحسن الرجاء فيما عنده وقد قال بعض السلف الصالح :
(وإني لأدعو الله حتى كأنني أرى بجميل الظن ما الله صانع)
وبذلك يكون حسن الظن بالله من مقتضيات التوحيد لأنه مبني على العلم برحمة الله وعزته وإحسانه وقدرته وحسن التوكل عليه
فإذا تم العلم بذلك أثمر حسن الظن .
وقد ذم الله في كتابه طائفة من الناس أساءت الظن به سبحانه وجعل سوء ظنهم من أبرز علامات نفاقهم وسوء طويتهم
فقال عن المنافقين حين تركوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في غزوة أحد :
{ ...وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ...}
(آل عمران: 154)
وقال سبحانه عن المنافقين والمشركين :
{ الظانينَ بالله ظنَّ السَّوء . عـليـهـم دائـرةُ السَّوء }
( الفتح : 6) .
هذه الدعوة من الله تبارك وتعالى تجعل المؤمن يختار لنفسه حسن الظن بالله
وهو ظن الثواب والعفو والمغفرة وإيقاع الوعد وهذا هو الرجاء وخصوصاً في حال الضعف والافتقار
كحال المحتضر فإنه أولى من غيره بإحسان الظن بالله جل وعلا ولذلك جاء في الحديث
(سمعتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، قبل وفاتِه بثلاثٍ ، يقول " لا يموتنَّ أحدكم إلا وهو يحسنُ باللهِ الظنَّ )
الراوي: جابر بن عبدالله - المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فينبغي للمرء أن يجتهد في القيام بما عليه موقنًا بأن الله يقبله ويغفر له لأنه وعد بذلك وهو لا يخلف الميعاد
فإن ظن أن الله لا يقبله أو أن التوبة لا تنفعه فهذا هو اليأس من رحمة الله وهو من كبائر الذنوب
ومن مات على ذلك وُكِل إلى ظنه
بين اليأس والغرور
إن حسن الظن بالله يعنى حسن العمل ولا يعني أبداً القعود والركون إلى الأماني والاغترار بعفو الله
ولذا فإن على العبد أن يتجنب محذورين :
الأول : هو اليأس والقنوط من رحمة الله
الثاني : هو الأمن من مكر الله
فلا يركن إلى الرجاء وحده وحسن الظن بالله من غير إحسان العمل فإن هذا من السفه ومن أمن مكر الله
وفي المقابل أيضاً لا يغلِّب جانب الخوف بحيث يصل به إلى إساءة الظن بربه فيقع في اليأس والقنوط من رحمة الله
وكلا الأمرين مذموم
بل الواجب عليه أن يحسن الظن مع إحسان العمل قال بعض السلف :
" رجاؤك لرحمة من لا تطيعه من الخذلان والحمق "
جزاء الذاكرين
فذكر الله عز وجل أنه مع عبده حين يذكره وهذه المعية هي معية خاصة وهي معية الحفظ والتثبيت والتسديد
وأفضل الذكر ما تواطأ عليه القلب واللسان وتدبر الذاكر معانيه
وأعظمه ذكر الله عند الأمر والنهي وذلك بامتثال الأوامر واجتناب النواهي
جزاء القرب من الله
بين سبحانه سعة فضله وعظيم كرمه وقربه من عبده وأن العبد كلما قرب من ربه جل وعلا ازداد الله منه قرباً
إن الله قريب من عبده فقال تعالى :
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}
( البقرة 186)
كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم :
( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد . فأكثروا الدعاء)
الراوي: أبو هريرة - المحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم
خلاصة حكم المحدث: صحيح
في هذه الجمل الثلاث في هذا الحديث وهي قوله تعالى :
( وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعا ، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة )
ما يدلنا على هذا المعنى العظيم
وهو أن عطاء الله وثوابه أكثر من عمل العبد وكدحه
ولذلك فإن الله يعطي العبد أكثر مما فعله من أجله فسبحانه ما أعظم كرمه وأجل إحسانه
وعلى ذلك أخوتى فى الله يجب علينا أن :
نحسن الظن بالله
بحسن العمل ولا يعني هذا القعود والركون إلى الأماني والاغترار بعفو الله
وأن نكون دائما من الذاكرين
ذكرنا لله يكون فى السر والعلن
ولنعلم أن الله يعطي العبد أكثر مما فعله من أجله فسبحانه ما أعظم كرمه وأجل إحسانه
اللهم أجعلنا من الذين يحسنون الظن بالله
آمين
الروابط المفضلة