ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




قــد فرض الله على المؤمنين ذوي الأموال الزكوية زكاة تدفع

للمحتاجين منهم ، وللمصالح العامة النفع ، كما قال تعـالى :

(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ

قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ

فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة 60 .



وفي القرآن آيات كثيرة في الأمر بإيتاء الزكاة ، والنفقة مـما

رزق الله والثناء على المنفقين والمتصدقين ، وذكر ثوابهم .


وتواترت بذلك كله الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم،

وبين مــا تجــب فيـــه الزكاة من المواشي والحبوب والثمار

والنقود والأموال المعدة للتجارة ، وذكر أنصابها ، ومقدار

الواجب منها ، وذكر الوعيد الشديد على مانعها .


واتفق المسلمون على نقصان إيمان تاركها ودينه وإسلامه،

وإنما اختلفوا : هل يكفر تاركها أم لا ؟ وذلك لما في الزكاة

والصدقة والإحسان من الفوائد الضرورية والكمالية

والدينية والدنيوية .


فمنها : أنها من أعظم شعائر الدين ، وأكبر براهين الإيمان،

فإنه صلى الله عليه وسلم قال " والصدقة برهان " (1)



أي : على إيمان صاحبها ودينه ، ومحبته لله ، إذ سخا لله

بماله المحبوب للنفوس .



ومنهــا : أنها تزكي وتنمي المعطي والمعطى ، والمال الذي

أخرجت منــه ، أما تزكيتها للمعطي ، فإنها تزكي أخلاقه ،

وتطهره من الشح والبخل والأخلاق الرذيلة .


وتنمــي أخـــلاقــه ، فيتصــــف بأوصاف الكرماء المحسنين

الشاكرين ؛ فإنها من أعظم الشكر لله ، والشكر معه المزيد

دائماً .


وتنمي أيـضًا أجــره وثوابه ، فـــــإن الزكاة والنفقة تضاعف

أضعافًا كثيــــرة ، بحسب إيمان صاحبها وإخلاصه ، ونفعها

ووقوعها موقعها ، وهــي تشرح الصدر ، وتفرح النفس ،

وتدفع عن العبد من البلايا والأسقام شيئًا كثيرًا .


فكم جلبت من نعمة دينية ودنيوية !

وكم دفعت من نقم ومكاره وأسقام ، وكم خففت الآلام !

وكـــــــم أزالت من عداوات ، وجلبت مودة وصداقات !

وكـم تسببـــــت لأدعية مستجابة من قلوب صادقات !


وهــي أيـضًا تنمي المال المخرج منــه ، فإنها تقيه الآفات ،

وتحل فيه البركة الإلهية ، قـــال صــلى الله عليــه وسلــم :

" ما نقصت صدقة من مال ... " (2)


وقــال تعــــالى ( وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ

الرَّازِقِينَ ) سبأ 39 .



وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال" ما من

يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم

أعط منفقا خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا" (3)



والتجربة تشهد بذلك ، فــلا تكاد تجـــد مؤمنًا يخرج الزكاة ،

وينفق النفقات في محلها ، إلا وقــد صــب الله عليه الرزق

صبًّا ، وأنزل له البركة ، ويسر له أسباب الرزق .


وأمـا نفعها للمعطى ، فإن الله قد أمر بدفعها للمحتاجين مــن

الفقراء والمساكين ، والغارمين ، وفــي الرقاب ، وللمصالح

التي يحتاج المسلمون إليهــا ، فمـتى وضعــت فــي محلها ،

اندفعت الحاجات والضرورات ، واستغنى الفقراء ، أو خف

فقرهم ، وقامت المصالح النافعة العمومية .


فأي فائدة أعظم مـــن ذلك وأجل ؟ فــلـو أن الأغنياء أخرجوا

زكاة أموالهم ، ووضعت في محلها ، لقامت المصالح الدينية

والدنيوية ، وزالت الضرورات ، واندفعت شرور الفقراء ،

وكان ذلك أعظم حاجز وسد يمنع عبث المفسدين .


ولهذا كانت الزكاة من أعظم محاسن الإسلام ؛ لما اشتملت

عليه من جلب المصالح والمنافع ، ودفع المضار .




كتاب الرياض الناضرة والحدائق النيرة الزاهرة فـي العقائد والفنون


المتنوعة الفاخرة(ص19) للشيخ عبدالرحمن السعدي (بتصرف)



...



(1) أخرجه مسلم في صحيحه ( ك الطهارة ، ب فضل الوضوء ،

ص 140 / ح 223 ) من حديث أبى مالك الأشعرى


(2)أخرجه مسلم في صحيحه ( ك البر والصلة والآدب ، ب استحباب

العفو والتواضع، ص1397/ ح2588) من حديث أبى هريرة


(3) أخرجه البخاري في صحيحه ( ك الزكاة ، ب قول الله تعالى

{ فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى،

وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ، وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ، ... } ...

ص 280 / ح 1442) من حديث أبى هريرة




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ