~×××.....مشهد عابر....×××~
نزل سعيد من عمارته...متوجهاً الى البقالة المتواجدة في نهاية شارعهم ليلبّي
بعض متطلبات...البيت ...وطلبات اخته الحامل... وكم يكره زوجها النذل والخسيس
ارتكب جرماً لكي يكون خالياً من المسؤولية تجاهها واطفالها.. وها هو سجن ليترك خلفه زوجة حبلى وطفلين صغيرين لم يتجاوزا الخامسة...
.اما جرمه فكان التحرش باحدى الفتيات في احدى المراكز التجارية المستقطبة لهذه الشريحة المتدنية من المجتمع..
وايضاً ليغير جواً في السجن...يبدو انه اشتاق
لتلك الجدران المتشققة والعفنة..والتي تحمل شعارات وتواقيع المساجين..فلكل منهم توقيعه وبصمته..
منهم من خربشها بخط جميل..فاولاءك القذرين المجرمين ذوو خطوط جميلة...ومنهم من نقشها باداة حادة..على جدار كان من المفروض ان يكون ابيضاً...استحال للاسود..!!!
اكمل مسيرته سيراً على الاقدام فهو ليس بحاجة الى سيارة لقرب البقالة...وهي فرصة للتنزه في شارعه وتمرين جسدهالمصقول والمشدود ليظهر بنيته القوية...ويفرض هيبته على كل
من يراه....يكره الناكرين للجميل...وللاسف زوج اخته منهم..فبعد ان ربطهما رباط صداقة هش...انقطع بعد مشادات كلامية لا نهاية لها..ولا حقيقة تثبتها...
اخته..تكبره بسنة..."تتوحم" دوماً باشياء غريبة..تطلب المثلجات في ذروة الشتاء...وكما تريد بطيخاً.. تشتهيه..من اين يحضر لها بطيخ؟؟
غريب امر تلك النسوة...يعتقد بانهن كاذبات وما الوحام سوى خدعة جربتها احداهن في القدم لتلبية طلباتها كما علمتها لبناتها من بعدها..لتصبح الوصية المنقولة بين الاجيال..
والحجة "طفلك في احشائي يريد...اتريد ان تنتصف وحمه في وجهه لتشوهه؟؟؟"....
لا يكره النساء وانما يكذب اقاويلهن..فهو اكبر ابناء امه وبعده دستة بنات لينتهي اخر العنقود بولد...ابوه لم يقصر وعمل بواجبه..تزوج امه لتكون اداة بشرية لمخرج للاطفال..انجبتنا
ليتزوج بعدها بواحدة اخرى..لا يقل حالهم ولا وضعهم عنا...ورحمة بتعداد السكان ...توفي...والله اعلم لو بقي حي كم سيكون عدد افراد سلالتهم...؟؟ فهم ينامون
متراصين على ارضية الصالة يكاد يصل قطار فراشهم الارضي للنوم لبداية المطبخ...ومع اطفال اخته تجاوزوه...
دخل البقالة بكل ثقل..ونطق بسلام للبائع القارئ لجريدته...فهو يعرفه..وهو من عادته التسليم حتى لمن لا يعرف...سعيد:السلام عليكم عمي صالح..
العم صالح يزيح نظره للمتكلم: وعليكم السلام...اهلاً سعيد..كيف حالك؟؟
سعيد: اهلا بك...حالي كما هو والحمد لله..انت عمي ..كيف صحتك؟؟؟
العم صالح بابتسامة تكشف اسنانه الصفراء اثر التدخين: الحمد لله والشكر له...هل تريد شيئا معيناً احضره لك؟؟
سعيد: لا عمي..شكرا..ابق مستريحا..فانا اعلم باغراضي اين ..واماكنها ادري بها..
تركه العم صالح واكمل قراءة مقاله..بينما ذهب سعيد متوجهاً لثلاجة البقالة..احضر مثلجات بعدد افراد عائلته...فهو يعلم اشد العلم ماذا يحصل لو اغفل بعضهم...صراااااخ...واااااااع..لاااااا..كلااااا..اي ن مثلجاتي؟؟
ليتجنبها كلها احضر لاخواته ايضا...بعد ذلك اتجه لقسم المعلبات...واخذ ما يبغي منها...جمع الاغراض للمحاسبة وقبل ان يصل لفت انتباهه ..يد صغيرة..سمراء..تخطف حلوى لتضعها في جيبها المبلل الممزق..
اتبع اليد ليبصر..وجه الطفل يتصنع البراءه...هي موجودة على وجهه ولكن يضيف منها جرعات مضاعفة ليخبئ فعلته وجرمه الصغير...
ابتسم مسترجعاً لنفس المشهد له وهو طفل..نفس الحركة..نفس النظرات الخائفة والمراقبة لمن لعله يكشفه... موزعاً الالتفاتات بين البائع وبين الحلوى..ليخطف ضحيته ويخبئها في جيبه
في احد المرات امسكه والده وعمل له المطلوب بطريقة تربيته الهمجية بالضرب...بالرغم من انه مهمل لاولاده الا انه يكره الحرام..فلو تعود الطفل على السرقة..بداية يسرق حلوى..يليها
عبوة اكبر..يليها سيارة..وبعدها ما هو اكبر واكبر وافحش...
يومها عاد للبيت مذلولاً..ليستقبل صفعات امه الرنانه على اسف ظهره....يتذكر جيدا تلك الصفعات وذلك الضرب...وقد يكون لا يزال يشعر بها كلما حاول اعادة الكرة...
وضع سعيد الاغراض طالباً من العم صالح المحاسبة ..وسيعود اليه بعد لحظات..ليتتبع خطوات السارق الصغير...رأى بانه ليس وحيداً..بل ترافقه فتاة دامعه اصغر منه
قام بمناولتها الحلوى من جيبه لتتلألئ عيونها بدموع وثغرها بابتسامة...اذاً ليست له...توجه لهما بكل ود وقال للطفل:
يا صغيري...ما اسمك؟؟
الطفل: لا يعنيك...امسك بيد الطفلة وهمّ بالذهاب..
استوقفه سعيد: مممم يهمني...فلقد اختفت حلوى من دكان عمي...كنت اريدها..لكنها اختفت..اتعلم اين ذهبت؟
الطفل بذنب: ماذا؟؟
سعيد: ممم انها مشابهه لتلك التي بين يدي اختك..
الطفل: انها ليست اختي...انها صديقتي..
سعيد بباله" يا حبيبي...عاشق من الحين": نعم صديقتك...اتعلم اين هي؟؟
الطفل: سأقول لك..لكن لا تأخذها لو كانت معها..!!
سعيد بابتسامة: حسنـــــاً..اخبرني..
الطفل: لقد اخذتها من دكان العم صالح...وها هي مع عهود..
سعيد: أخذتها..ام...سرقتها..؟؟
الطفل بانكار: لاااا ...لم اسرقها..السرقة تكون بالليل..وانا اخذتها بـــ"النهار"..
سعيد: يا ولد...اتعلم ...انا كنت مثلك...اسرق..ولكن عندما امسكني والدي...ضربني...اتعلم لماذا؟؟
الطفل : لمـــاذا...؟؟
سعيد: لانه يخاف من ان لا ادخل الجنة ..ضربني...وانا اريدك ان تدخلها..لذا هيا اعدها للعم واعتذر..
الطفل مجبراً: حسناً..ولكن فقط لانني اريد دخول الجنة...اضاف بأمر: عهود اعطني اياها وابقي هنا...ساشتري لك عندما احصل على النقود...
اخذ الحلوى وعاد للبقالة يسبق سعيد بخطواته...قال: عم صالح..لقد اخذت يدي هذه الحلوى غصباً عني..وها انا اعيدها لك..حتى ادخل الجنة..
العم صالح: ممم يدك اخذتها....قل لها..ان لا تعيد الكرة..واذا ارادت يدك حلوى دعها تطلبها...حسنا..؟؟
الطفل.. اومأ براسه بمعنى نعم..وقبل ان يخرج...
ناوله سعيد قطعتي حلوى وقال: تفضل هذه الحلوى...هدية من يدي ليدك...واحدة لك..والاخرى لعهود..
الطفل بعد تردد اخذها وذهب لرفيقته...
ناظره سعيد بابتسامة تزين وجهه....دفع بالمقابل لاغراضه وللحلوى...حمل اكياسه...وعاد ادراج بيته..
...ليرى خيالين لطفلين بنهاية الطريق المقابل..يمسكان يدي بعضهما البعض ويلعقان حلواهما...تتبعهما بعينيه حتى ابتلعهما الشارع...
الروابط المفضلة