السَّـلامُ عليكُـنَّ ورحمـةُ اللهِ وبركاتُـه ،،
)(
|| مِـن آدابِ الإسْـلام ||
{ 9 } مُراعـاةُ آدابِ الزيـارة ~
~
الزيارةُ تكونُ للوالدين والأرحامِ والمرضى والأصحابِ وغيرهم مِمَّن للإنسانِ علاقةٌ بهم من قريبٍ أو بعيد .
وقبل الدخول في آدابِ الزيارة ، أُذَكِّر بضرورةِ " تصحيح النيَّة " قبل الزيارة ؛ بمعنى ألاَّ تكونَ زيارتُكَ لِمَن تزورُه مُكافأةً لزيارتِه لك . وكُلَّما تعدَّدت النوايا في الزيارة كُلَّما زاد الأجرُ والثوابُ بإذن الله .
ومِن هـذه النَّوايـا :
- اقتداءً بالنبىِّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - الذي كان يزورُ أصحابَه وأرحامَه ، وكذلك اقتداءً بالصحابةِ رضوان الله عليهم .
- ابتغاء الأجر مِن الله جَلَّ وعلا .
- إنْ كان قريبًا ، فصِلةً للرَّحِم .
- إنْ كان مريضًا ، فعِيادةً للمريض .
- استباق الخيرات والمُسارعة فيها ، لقول رَبِّنا سُبحانه : ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ المائدة/48 ، والتزوُّد مِن أعمال الخير .
إلى غير ذلك مِن نوايا حَسَنَة .
أمَّا الآدابُ التي يجبُ مُراعاتُها عند الزيارة ، فهذه بعضها :
- الاتِّصالُ بِمَن ستزورُه قبل زيارتِكَ بوقتٍ كافٍ ، ليستعد لاستقبالِك .
- اختيارُ الوقت المُناسِب للزيارة ؛ فلا تكونُ - مثلاً - في الصباح الباكِر ، أو في وقت الظهيرة ، أو في وقتٍ مُتأخِّر مِن الليل .
- أنْ تطرقَ بابَ مَن تزوره ، ثُمَّ تنتظر واقِفًا عن يمينه أو عن يساره ، حتى لا يفتح المَزورُ فيُفاجأ بكَ أمامه .
- إنْ تأخَّرَ ولم يفتح لكَ مِن أوَّل مرَّة ، فانتظِر مُدَّةً مُناسبةً بين كُلِّ مرَّةٍ وأخرى تطرق فيها الباب ، فرُبَّما كان صاحِبُ البيت مُنشغلاً فلم يسمع طرقكِ للباب ، ورُبَّما كان يُصلِّي ، إلى غير ذلك ، ولتطرق البابَ ثلاثًا ، فإنْ لم تجِد أحدًا فارجع ، يقولُ رسولُنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( الاستئذانُ ثلاث ، فإنْ أُذِنَ لكَ وإلاَّ فارجِع )) مُتَّفَقٌ عليه .
- إنْ كان البابُ مَفتوحًا فلا تدخل بغير استئذان ، حتى وإنْ لم يُوجَد أحدٌ بالبيت ، لقول رَبِّنا سُبحانه : ﴿ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ ﴾ النور/28 .
- إنْ اعتذر صاحِبُ البيت عن استقبالكَ في هذا الوقت ، فاقبل اعتذاره وارجع ، يقولُ رَبُّنا سُبحانه : ﴿ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ ﴾ النور/28 .. والبعضُ لا يعبأ بهذه النقطة المهمة ؛ فإذا طرق البابَ على أحد الناس ولم يفتح له أو اعتذر عن استقباله ، عَدَّ ذلك طردًا ، وقال : لقد طردني فُلانٌ مِن بيته ، مع أنَّه لم يدخل البيتَ أصلاً .
- إذا سألك صاحِبُ البيت وقال : مَن أنت ؟ فلتُخبره باسمك ، ولا تقل : أنا ، فقد تختلط عنده الأصواتُ فلا يستطيع تمييزَ صوتِكَ ، فلا تعتمد على ذلك . عن جابرٍ - رضى اللهُ عنه - قال : أتيتُ النبىَّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - فدققتُ الباب ، فقال : (( مَن هذا ؟ )) فقلتُ : أنا ، فقال : (( أنا أنا )) كأنَّه كرهها .. مُتَّفَقٌ عليه .
- إذا طرقتَ البابَ وانتظرت ، وكانت هناك فتحةٌ في الباب ، فلا تنظر منها للبيت ، يقولُ رسولُنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( إنَّما جُعِلَ الاستئذانُ مِن أجل البصر )) مُتَّفَقٌ عليه .
- إذا طرقتَ بابَ مَن تزوره فاطرقه برِفق ، حتى لا تُزعِجَ صاحِبَ البيت ، وقد يظنُّكَ شُرطِيًا فيشعرُ بالخوف ، يقولُ نبيُّنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( إنَّ الرِّفق لا يكونُ في شئٍ إلاَّ زانه ، ولا يُنزَعُ مِن شئٍ إلاَّ شانه )) رواه مسلم .
- إذا فتح لكَ صاحِبُ البيت ، فسلِّم عليه بقولك : السَّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه ، يقولُ رَبُّنا سُبحانه : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ النور/27 ، وعن كِلدةَ بن الحنبل - رضى اللهُ عنه - قال : أتيتُ النبىَّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - فدخلتُ عليه ولم أُسلِّم ، فقال النبىُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( ارجِع فقُل : السَّلامُ عليكم ، أأدخل ؟ )) صحيح أبي داود .
- إذا دخلت ، فاجلِس في المكان الذي يختارُه لكَ صاحِبُ البيت ، فهو أعرفُ بعوراتِ بيته .
- لا تنظر داخل البيت نظرَ المُتَفَحِّص له مُحاوِلاً كشفَ عوراتِه .
- إذا سمعتَ مَن يتحدَّث داخل البيت فلا تتنصَّت عليه .
- إذا قدَّم لكَ صاحِبُ البيت مَشروبًا مُعينًا ، فلا تسأل عن تفاصيله ؛ كطريقةِ صُنعه أو مَن أعدَّه لك ، أو مِن أين اشتراه . وإنْ وجدتَ طعمَه غيرَ مُستساغٍ لديك ، فاكتفِ بالسكوت وعدم الشُّرب منه ، ولا تُعِبه أمام مَن قدَّمه لك ، لئلا يشعرَ بالضيق مِن ذلك .
- إذا خيَّركَ صاحِبُ البيت بين عددٍ مِن الأشربة ليُقدِّمَ لكَ واحدًا منها ، فاختر ما تُحِبُّه وترغبه ، لئلا يُحضِرَ لكَ شيئًا لا تُحِبُّه ، فيشعر بالحرج عند رفضكِ شُربَه .
- لا تُطِل الجلوسَ عند مَن تزورُه ، لئلا يَملّك ، ولئلا تُعطِّله عن مصالحه .
- أقصِر الحديثَ مع مَن تزوره على ما يهمكما مِن أمور ، ولا تتدخل فيما لا يَعنيك ؛ كسؤاله أو الحديث معه عن شئونه الخاصة ، أو الغِيبة لأشخاصٍ تعرفهم .
- إذا أنهيتَ زيارتك وقررت الرحيل ، فاستئذن بشكلٍ لطيف ، ولا تنسَ كفَّارة المَجلِس قبل الخروج ، (( سُبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أنْ لا إله إلاَّ أنت ، أستغفرك وأتوبُ إليك )) صحيح أبي داود للألبانىّ ، وقُل : " السَّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه " ، واذهب ، ولا تقف مع مَن تزورُه خارجَ البيت لتُكمِلا حديثكما .
واعلم - أخي في الله - أنَّ زيارتك هذه يُثيبك اللهُ عليها ، عن النبىِّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - أنَّ رجلاً زار أخًا له في قريةٍ أخرى ، فأرصد ( وكَّل بحِفظه ) اللهُ تعالى على مَدْرَجَتِهِ ( طريقه ) مَلَكًا ، فلمَّا أتى عليه قال : أين تُريد ؟ قال : أُريدُ أخًا لي في هذه القرية ، قال : هل لَكَ مِن نعمةٍ تربُّها عليه ( تقومُ بها وتسعى في صلاحِها ) عليه ؟ قال : لا ، غير أنِّي أحببتُه في اللهِ تعالى ، قال : فإنِّي رسولُ اللهِ إليكَ بأنَّ اللهَ قد أحبَّكَ كما أحببته فيه . رواه مُسلم .
وهل هناك أعظم مِن حُبِّ اللهِ تعالى للعبد ...؟!!!!
اللهم إنَّا نسألُكَ حُبَّك ، وحُبَّ مَن يُحِبُّك ، وحُبَّ عملٍ يُقرِّبُنا إلى حُبِّك .
بقلم /الساعية إلى الجنة
1431 هـ
الروابط المفضلة