الأمانة
--------------------------------------------------------------------------------
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الأمانة
الحمدلله الذى عرض الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الأنسان انه كان ظلوما جهولا والصلاة والسلام على النبى الأمى القائل " أد الأمانة الى من أئتمنك ولا تخن من خانك " ان مراعاة الأمانة مما نعبد الله تعالى به وأئمننا عليه قال تعالى ( ان الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الى أهلها ) وذكر فى سورة المعارج ما يعالج به مرض الهلع الخلقى وهو منع الخير عند توفره ووجوده والجزع الشديد عند فقده وعدم حصوله اذ قال تعالى ( أن الأنسان خلق هلوعا) وفسر الهلع بقوله تعالى ( اذا مسه الخير منوعا واذا مسه الشر جزوعا) هذا المرض الخطير المهلك للأنسان والمردى له ذكر الله تعالى له علاجا متى استعمل فى ايمان واخلاص واحسان شفى المريض به بأذن الله تعالى وهذالدواء من ثمانية عناصر اولها ادامة الصلاة وآخره المحافظة عليها ومن بين تلك العناصر المحافظة على الأمانة ورعايتها قال تعالى
( والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) وذكر تعالى فى فاتحة سورة المؤمنون صفات ورثة الفردوس وهو أعلى الجنة وذكر من بينها أداء الأمانة ورعايتها والمحافظة عليها
أن للأمانة شأنا عظيما وحسبنا دلالة على ذلك قول تعالى من سورة الأحزاب( انا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الأنسان انه كان ظلوما جهولا) فانظروا كيف خاف من الأمانة وأبى حملها وتحملها أعاظم المخلوقات وحملها أصغر المخلوقات وأضعفها وذلك لغريزة الجهل والظلم فيه
أن الأمانة تقف الى جانب الصراط يوم القيامة تطالب بحقها ممن أضاعها أو خانها قبل أن يعبر الصراط فكيف يعبر من تطالبه الرحم والأمانة بحقهما؟ فقد روى مسلم هذا عن أبى هريرة رضى الله عنه فاحذروا أيها المؤمنون هذا الخطر واحفظواالأمانات وادوها كما أودعتموها وأتمنتم عليها أن امانة الله أعظم الأمانات انها التكاليف الشرعية انها
فعل الأوامر وترك المناهى انها الأمانة التى خانها وأشفق منها السموات والأرض والجبال أن كل فريضة فرضها الله وكل محرم نهى الله عنه أمانة حتى الغسل من الجنابة أمانة فمن حافظ على ما أتمن عليه وأداه لمولاه فاز بالنجاة من النار ودخول الجنة ومن أضاع الأمانة أو خانها خاب وخسر بحرمانه من الجنة ودخلوه النار
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " آية المنافق ثلاث اذا حدث كذب واذا وعد أخلف واذا أؤتمن خان " ويقول " أربع من كن فيه منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها اذا أؤتمن خان واذا حدث كذب واذا عاهد غدر واذا خاصم فجر " انظروا كيف بدأ بأسوا خصلة وأقبحها وهى خيانة الأمانة تحذيرا منها لقبحها وشدة ضررها ان اضاعة الأمانة فى شدة ضررها كالكذب الذى سئل عنه الرسول الكريم هلى يكذب المسلم يا رسول الله " فقال لا يكذب فكذلك الأمانة لايضيعها ولا يخونها مسلم " وقد اخبر الحبيب عليه افضل الصلاة واتم التسليم أن الرجل ينام النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيصبح الناس يتتابعون فلا يكاد أحدهم يؤدى الأمانة حتى يقال ان فى بنى
فلان رجلا أمينا أى يحفظ الأمانة فلا يضيعها ويؤديها فلا يخونها وها نحن نعيش هذه الأيام وكلنا يعرف كيف ضاعت الأمانة فقلما يقرض مسلم أخاه قرضا فيرده فى موعده وبكماله وقلما يشترك مسلم مع أخيه فى تجارة ثم تربح تجارتهما ويتم صفاؤهما ومودتهما الحمدلله الذى أمر بأداء الأمانات الى أهلها وواعدنا بحسن المثوبة ان أديناها وواعدنا بشدة العقوبة ان أضعناها والصلاة والسلام على رسول الله الآمر بأداء الأمانة الناهى عن الخيانة ولقد علمتم عظم شأن الأمانة باعتذار أعظم المخلوقات عن تحملها لما فى اضاعتها من مر العقاب واليم العذاب فما من أحد منا الا وهو مؤتمن ان حفظ أمانته وأدها فاز برضا الله والقرب منه ومن أضاعها وخانها خاب فى سعيه فلم يظفر برضا ربه
ولا بجواره فكان من الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة وذلك الخسران المبين أن المصلى مؤتمن على اداء صلاته فى وقتها فى جماعة المسلمين مستوفاة الشروط والأركان والواجبات والسنن , والصائم مؤتمن على صيامه فلا يتعاطى ما يفسده والمزكى مؤتمن على اخراج زكاته فلا ينقصها ولا يصرفها فى غير مصارفها , والحاج
مؤتمن على حجه فلا يخن فيه بترك واجب ولا بفعل محظور, والجندى المرابط والمقاتل مؤتمن على ماالتزم به فأن أخل بنظام رباطه أو قتاله فقد خان أمانته وناله جزاء الخائنين والموظف مؤتمن فى وظيفته وسواء كان معلما مربيا أو كاتبا أو أمين مكتب أو صندوق أوسر فعليه أن يرعى ما أسند اليه ويحافظ عليه ولا يفرط فيه والا خان أمانته وناله جزاء
الخائنين والمرأة مؤتمنة فى بيت زوجها مؤتمنة على عرضها ومال زوجها وأولاده فأن زاعت وحفظت نالها جزاء الموفين وان لم ترع ولم تؤد نالها جزاء الخائنين والتاجر كالصانع والعامل كلهم مؤتمنون على ما يقومون به فأن راعوا الأمانة وأدوها ولم يخونوها فالتاجر صدق ولم يكذب ولم يغش والصانع نصح ولم يهمل ولم يضع
ولم ينقص والعامل لم يفرط ولم يغش ولم يضيع ربحوا فى أعمالهم وفازوا برضا ربهم والقرب منه فى دار السلام اذا لم تقف الأمانة فى طريقهم على الصراط لتوقفهم حتى يؤدوا حقوقها وبذلك يتم خسرانهم حيث يحرمون من الجنة ويلقون فى النار دارالبوار
اللهم انا نعوذ بك من النار وما قرب منها من قول أو عمل ونسألك الجنة وما قرب منها من قول وعمل .
منقول
للشيخ: أبو بكر الجزائرى
الروابط المفضلة