مشاركة خاصة من الدكتور: خالد بن عبدالعزيز الجبير
استشاري لجراحة القلب للكبار والصغار بمركز الأمير سلطان للقوات المسلحة بالرياض
مرض ومرض
عجباً لأولئك الذين يبكون على من مات جسده ولا يبكون على من مات قلبه وهو أشد, ويبحثون عن علاج سريع وبأي ثمن, وفي أي وقت, وفي أي مكان لمن مرض جسده ويتركون علاج من مرض قلبه وهو الأخطر, ويخشون انتشار أمراض الجسد فيأخذون الحيدة والحذر و بذل الجهود للوقاية وينسون - إلا من رحم ربي – الوقاية والحيطة من انتشار أمراض القلوب .
إن مرض الجسد يؤثر على صاحبه وإن تعدى أثره على مجموعة محدودة من البشر, ولكن أمراض القلوب تؤثر إذا انتشرت على الأمة بكاملها .
إخواني اعلموا أن الطاعات لازمة لحياة قلب العبد لزوم الطعام والشراب لحياة الجسد,والعاصي يا إخوان بمثابة الأطعمة المسمومة التي تفسد القلب كما تفسد الأطعمة المسمومة الجسد وقد تميته. وكما يأخذ العبد الأسباب لحياة جسده من المداومة على تناول الأغذية النافعة في أوقات متقاربة - وإذا تبين له أنه تناول طعاماُ مسموماُ عن طريق الخطأ أسرع بتخليص نفسه منه – فحياة قلب العبد أولى بالأهتمام من جسده, وهذا لايعني أن نترك الجسد بل يجب أن نهتم بعلاج القلب على قدر المساواه مع الجسد, لأن العبد وإن مات وجسده مريض وهو صابر ومحتسب فإن مصيره إلى ماذا ؟
مصيره بأمر الله ورحمته إلى الجنة, أما إن مات وقلبه مريض ولم يعالجه ومات قلبه قبل أن يموت جسده فإن مصيره إلى النار إن مات على ذلك. إخواني إنني أتعجب لكثير من الناس عندما يصابون بمرض بسيط في الجسد كوخزات بسيطة في القفص الصدري أو ألم بسيط في القلب فإنه يقلق ويبحث عن العلاج بل يبحث وبأسرع وقت عن أمهر الأطباء ويوسط من يوسط إليهم وإن كان هذا مقبولاُ ومطلوباُ ولكن إذا كان مرض قلبه فهل ياترى يبادر إلى علاج قلبه بالتوبة والندم, إخواني إذا كانت حياة الجسد تؤهله لمعيشة غير منغصة بالمرض في الدنيا وسعادة فإن حياة القلب تؤهله لحياة طيبة في الدنيا والآخرة إخواني قال عبدالله بن المبارك – رحمه الله - :
رأيت المعاصي تميت القلوب *** وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب *** وخير لنفسك عصينها
وان شاءالله تعجبكم
الروابط المفضلة