بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اليوم موعد زفاف نورة ، نورة الصديقة المقربة و الجارة الصالحة ، لا أعرف لماذا كادت الدمعات تسقط من عيني ،
هل لفراق نورة ، أم لفقدان حصة رحمها الله ابنة عم نورة التي توفيت قبل شهران ، حصة التي كانت سعيدة بزواج
نورة ، و كانت تعد الأيام حتى تدخل السرور لقلب ابنة عمها المقربة .. توفت رحمها الله قبل شهرين و نصف بحادث
سيارة ، توفيت و توفي معها طفلها الرضيع ، حصة تلك المرأة الصالحة التقية السابقة للخير ، منذ عرفتها و
الابتسامة لم تفارقها ، كانت أول من تؤدي الواجبات من زيارة مريض و صلة رحم و سؤال، رحمها الله رحمه واسعه
لم أسمع عنها إلا كل خير و لم أرى منها إلا كل خير.
دخلت على والدتي و العبرة تخنقني و أنا أرى الاستعدادات لحفل زفاف نورة ، قلت لها : أمي الناس خلاص نسوا
حصة ، و كأني مستغربة سرعة الانخراط في الأفراح و نسيان من مات قريباً مع علمي علم اليقين أن هذا قضاء الله
و قدره و أن هذا حال الدنيا يوم لك و يوم عليك و أن علينا اتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فالحزن لا
يعيد الميت و لا ينفعه ، و لكن ذكرى هاجت في نفسي لقلب أحببت طيبته فتذكرته، صمتت والدتي قليلاً ، ثم أردفت
قائلة لها : لا إله إلا الله ، الميت هو المسكين ، الناس يذكرونه يوم و يومين و بعدين خلاص ، و هذا حال الدنيا ،
أحسست أن والدتي متأثرة و قالت لي : و ما أدراك ما في القلوب ، اليوم هناك قلوب متألمة و صابرة ( و كانت
تقصد العروس نورة ) ، لا يشعر بالوجع إلا المتألم، رحم الله حصة و أسكنها فسيح جناته ، عندها لم أتمالك نفسي
من البكاء فحصة كانت تتوقع أن ترافق ابنة عمها و لكن قدّر الله و ما شاء فعل ..
التاريخ : 1- ذي الحجة – 1425 هــ
الحالة : اليوم زفاف ابن عمي سالم، الكل منشغل في التجهيزات و الإعدادات لحفل العشاء، و لكن قلبي اتجه إلى
مكان آخر ، تذكرت خالي رحمه الله ( خال والدي ) ، توفي ثاني أيام عيد الفطر المبارك ، سبحان الله ، كنا مجتمعين
ذالك اليوم للعزاء، و اليوم مجتمعين للفرح ، الفترة قصيرة ، ودعناه رحمه الله بعد عيد الفطر ، و احتفلنا قبل عيد
الأضحى ، رحمه الله رحمة واسعة و أسكنه فسيح جناته ، تذكرت طيبته و قلبه المحب للناس، لا أعلم حين سمعت
خبر وفاته أحسست أن عيناي خاوية من الدموع ، أول مرة يمر علي مثل هذا الموقف ، لم أستوعب نبأ وفاته رحمه
الله إلا بعد اسبوع من وفاته رحمه الله ، حينها انخرطت في البكاء و شعرت بأن كل جزء من جسدي يبكي معي، لم
أشعر بالوحدة كما شعرت بها اليوم ، خالي ذالك الرجل المعروف بإدخاله السرور لقلوب الصغار قبل الكبار ، كم
اجتمعنا حوله ليقص علينا بعض الحكايات الممتعة، كل يوم أقوم في الصباح و أتذكر أن خالي رحمه الله ليس معنا و
أن رحلته في الدنيا انتهت فتسقط الدمعات من عيني، اليوم زفاف سالم، في العشاء كنت كأني أتفقد أوجه الناس و
استرق النظر من بعيد لأرى هل هناك من يحس بالحزن مثلي ، لم أجد عائلة خالي رحمه الله ، لا زالت زوجته في
العدة صبرها الله ، لا أعلم لماذا شعرت أني لم أعد أشعر بطعم الفرح، أبهذه السرعة تنسى الناس حبيبها، تعوذت
من الشيطان و دعوت لخالي بالرحمة ، فهم السابقون و نحن اللاحقون ، و تذكرت أن الدور آتي لا محالة علينا،
فنموت و تبكي علينا الناس يومان أو أكثر ، ثم يعود كل شيء إلى طبيعته ، و يعود كل منهم إلى عمله و واجباته
اليومية ، فالحزن لا ينفع الميت ، و الحي لا يموت بموت الميت ..
اللهم ارحم موتانا رحمة واسعة ، اللهم و أسكنهم فسيح جناتك ، اللهم و أبدلهم داراً أحسن من دارهم و أهلاً أحسن
من أهلهم ، اللهم جازهم بالحسنات إحسانا و بالسيئات عفواً و غفرانا ، اللهم و أدخل على قبورهم الضياء و النور ،
و الفسحة و السرور ، اللهم و ارحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه ، تحت الجنادل و القبور وحدنا ، من لنا يا
مولانا .. ليس لنا رب سواك فنرجوه .. اللهم آمين
((م ن ق و ل))
الروابط المفضلة