قال الراوي :
حدثني صاحب لي قال:
كنت ذاهباً إلى دولة عربية مجاورة،يستغرق مدة السفر في هذه المهمة يوماً واحداً
ورجعت إلى المطار إستعداداً للإياب،وقد انهكني التعب، لم اجد فندقاً نظيفاً ولم أتعوّد السفر
دخلت فندقاً ولأول وهلة إذ بالنساء والرجال والفساد والدعارةفقابلني رجل فقال :ما الذي جاء بك إلى هنا
(من حسن مظهره وحسن سمته)فقال:هي والله لأوّل مرّة آتي هنا ولمهمة جئت وليس لشئ آخر، فقال:اخرج ياشيخ عن هذا المكان
فليس لائقاً بك وبأمثالك،قال: كيف أفعل والنهار يمضي والليل مقبل؟؟؟!!
يقول:فمضيت إلى حديقة أجلس فيها حتى بزغ الصباح وأنهيت مهمتي ، وعدت إلى المطار استعدادا للإياب وكلي تعب ونصب
من هذه الرحلة التي ماذقت النوم فيها إلاّ غفوات ،فإلتفت يمنة ويسرة ، وبحثت عن المسجد لأصلي فوجدت في المطار مكانا أعد للصلاة
فذهبت إليه ونمت نوما عميقا وقبيل الظهر استيقظت على بكاء شاب فوق العشرين ودون الثلاثين،
يصلّي ويبكي بكاءً مريراً، يبكي بكاء زوجة فقدت زوجها ، قال : فعدت لنومي وقد أعياني التعب والنصب، ثم دنا ذلك الباكي مني بعد لحظات
وأيقظني للصلاة ثم قال: هل تستطيع أن تنام؟؟؟!!!
قال : قلت : نعم.
قال الشاب الباكي :أما أنا فلا اقدر على النوم ولا استطيع أن أذوق طعمه، قال : قلت: نصلي وبعد الصلاة يقضي الله أمراً كان مفعولاً
قال ثم اقبلت عليه بعد ذلك ، فقلت: ما شأنك؟؟!
قال الشاب :أنا من الرياض ومن اسرة غنيّة،كل مانريده مهيأ لنا من المال والملبس والمركب، ولكنني مللت الروتين والحياة فأردت ان أخرج خارج البلاد
ثم اجلت النظر هل أذهب إلى دولة يذهب إليها الناس؟؟
وأنا أخشى أن يعرفوني فيفضحوني فأخترت بين دول عدة هذه الدولة التي أنا وإياك في مطارها حتى لا يعرفني أحد وما كان همي
فعل فاحشة ، بل لعب وضياع وقت ولهو وتفسح . ولما وصل هذا الشاب إذا برفقة سوء قد احاطت به إحاطة السوار بالمعصم
فاطمأن إليها بادئ الأمر وما زالوا معه من فساد إلى فساد ومن عبث إلى عبث حتى أتوا به موئدا إلى خطوات الزنا
مع الجواري والفتيات الغانيات الفاجرات، وما زالوا به حتى انفرد بواحدة منهن، وما زالت تلاعبه حتى وقع عليها
وزنى بها ولما بلغ به الأمر مبلغه وبلغت فيه الشهوة ذروتها وأخرج مافي جوفه ...
إذ بحرارة تلسع قلبه وتضرب ظهره
وبدا يبكي ويصيح : زنيت ؛ ولأول مرّة!!!
كيف هتكت هذا الجدار والسور المنيع من الفاحشة؟؟؟؟
إني سأحرم حور الجنّة!!!
وبدا عليه شأن وامر غريب وعجيب
وخرج من الباب باكياً وإذ بفاجر من القوادين ينتظره فقال له: مالك تبكي؟؟
قال الشاب:ولِمَ لا أبكي ؟؟؟!!!!
لقد زنيت.لقد زنيت!!
وعند ذلك قال الماجن الداعر:الأمر هيّن. خذ كاساً من الخمر تنس ما انت فيه.
قال الشاب : حتى أنتم مازلتم بي حتى فقدت حور الجنّة بفعل هذا الزنا
وانت الآن تريد أن تحرمني خمر الجنّة.
قال ذلك القواد الفاجر إن الله غفور رحيم.
ونسي هذا العابث أن الله شديد العقاب..
أعد للمجرمين نار تلظّى..
لا يصلاها إلا الأشقى.
تقاد بسبعين الف زمام
مع كل زمام سبعون الف ملك
إذا رأت المجرمون سمعوا لها تغيّظاً وزفيراً وشهيقاً
ثم اخذ الشاب يبكي من حرقة ما اصابه وذهب يهيم على وجهه، ويقول لصاحبه الذي يحدثه في المطار ياليتهم
ياليتهم اخذوا مالي لقد مضوا بي إلى الزنا ..لقد أفسدوا وكسروا ديني وإيماني .
يقول هذا الشاب:
وفي تلك الحظة التي انتهيت فيها من الزنا وأنا لا ازال باكياً قلقاً حزيناً
فقال صاحبنا: أتلو عليك آية من كلام الله فلتستمع وتلا عليه قول الله جلّ وعلا:
" قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله إنّ الله يغفِرُ الذنوبَ جميعاً إنّه هو الغفور الرحيم ".
هذه أرجى آية أقرؤها عليك واراها لك، فأجاب ذلك التائب الذي بلغت التوبة في قلبه ذلك المبلغ قال:
كل يغفر له الله إلاّ أنا!!
لقد بلغ به هذا الأمر مبلغا عظيما لا يزال متأثراً به
يقول الشاب: ألا تعلم أني زنيت؟؟!!!
ألا تعلم أني زنيت؟؟؟!!!
ثم سأل هذا الشاب صاحبه: هل زنيت ؟؟!! قال : لا والله .
قال إذن أنت لاتعلم حرارة المعصية التي أنا فيها.
قال: وماهي إلا لحظات حتى أعلن منادي المطار إقلاع الرحلة التي سأعود معها بإذن الله إلى الرياض
فأخذت عنوانه ثم ودعته وانصرفت،وأنا واثق أن ندمه سيبقى يوماً أو يومين او ثلاثة ثم ينسى مافعل. ولما مكثت في الرياض قليلاً
بعد وصولي إذ به يتصل فواعدته ثم قابلته فلما رآني إنفجر باكياً وهو يقول:
والله منذ فارقتك وفعلت فعلتي تلك ماتلذذت بنوم إلاّ غفوات.
ماقولي أمام الله يوم يسألني ويقول :عبدي زنيت.أقول :نعم،زنيت وسرت برجلي هاتين إلى الزنا.
فقال صاحبه:هوّن عليك. إن رحمة الله واسعة. فقال ذلك الشاب لصاحبنا:ماجئتك زائراً ولكني جئتك مودعاً،
ولعلي ألقاك في الجنّة إن أدركتني وإياك رحمة الله
قلت إلى أين ستذهب؟؟
قال: اسلم نفسي إلى المحكمة ، وأعترف بجرم الزنا حتى يقام حد الله عليّ.
قال: قلت له: أمجنون انت؟!
أنسيت أنك متزوج؟؟
أنسيت حدّ الزاني المحصن هو الرجم بالحجارة حتى الموت.
قال: ذاك أهون علي قلبي من ان أبقى زانياً، والقى الله زانياً غير مطهر بحدٍ من حدوده.
قال صاحبه:أما تتقي الله ،استر على نفسك واسرتك وجماعتك.
قال الشاب:هؤلاء كلهم لاينقذوني من النار وانا اريد النجاة من عذاب الله
قال الصاحب:فضاقت بي المذاهب وأخذته وقلت له : أريد منك شيئاً واحداً.فقال التائب:اطلب كل شئ إلا أن تردني عن تسليم نفسي إلى المحكمة.
قال غير ذلك أردت منك.
قال الشاب:مادام الأمر كذلك فأوافقك
قال صاحبه:امدد يدك عاهدني بالله أن تعمل وتصبر لما اقول قال نعم، فعاهدني ..
قلت له: نتصل بالشيخ فلان من أكبر العلماء واتقاهم لله تعالى حتى نسأله في شأنك، فإن قال : سلّم نفسك إلى المحكمة فأنا الذي أذهب بك بنفسي.
وإن قال : لا، فلا يسعك إلا أن تسمع وتطيع قال نعم.
فسالنا الشيخ، فقال: لا يسلم نفسه.
ولكن هذا الشاب لم يهدأ بل ظلّ يتصل بالشيخ مراراً يريد أن يقنعه بتسليم نفسه ويجادل ويصر ويلح على ذلك.
قال صاحبه:
فلما قابلته قلت له:لماذا أزعجت الشيخ بهذا الإتصال؟ وانا الذي قد كفيتك مؤونة الإتصال به فقال: أحاول فيه أقنعه لعله أن يأمرني أو يوافقني على تسليم نفسي.
قال:ومن كلام هذا الشاب التائب للشيخ:
"اتق الله ياشيخ ، وانا اتعلق برقبتك يوم القيامة، واقول : ياربّ، إني أردت أن أسلِّم نفسي ليقام حدّ الله عليّ،فردّني ذلك الشيخ"
فقال الشيخ:هذا ما ألقى الله به، وما افتيتك إلا عن علم ..
ثم قال الشاب التائب لهذا الصاحب:
إني أودعك.قال:قلت إلى أين؟؟؟
قال: أريد الحج(وكان الحجّ وقتها على الأبواب).
فطلب هذا الصاحب من الشاب أن يحج معه ومع إخوانه.
فقال : لا وظن صاحبنا أنه قد إختار رفقة ليحج معهم.
قال صاحب الشاب:
فحججت وحج صاحبنا الشاب وانا لا أعلم من رفقته. وفي ثاني أيّام التشريق رايته من بعيد فناديته، وكان اسمه
أحـمد
يا أحمد فالتفت إلي ورآني ثم ولّى هارباً،فقلت سبحان الله !! مالذي غيّر قلبه عليّ؟ لعلي أراه في الرياض.
قال: فلما قضينا مناسكنا، وعدنا إلى الرياض قابلته فسألته فقال: لقد حججت وحدي وتنقلت بين المشاعر على قدمي
والشاب وهو يقول ذلك إنما يقوله مقالة السر لهذا الصاحب، وما يقوله -بإذن الله - نفاقاً أو رياءً.
نعم ويقول هذا الشاب:
تنقلت بين المشاعر لعل الله أن ينظر إليّ ذاهباً من منى إلى عرفة، واقفاً على صعيد عرفة أو ذاهباً إلى مزدلفة او ماضياً إلى الجمرات، لعل الله أن ينظر إليّ فيرحمني.
قلت له : لماذا فررت يوم ناديتك في ثاني أيام التشريق؟؟!
فقال : كنت مشغول بالإستغفار ، استغفر الله من الزنا الذي فعلت.
قال صاحبه:هلاّ جئت معنا أو جلست؟؟
قال: انا اجلس معكم؟؟
أنتم أطهار ، أتريدون أن أدنسكم بالزنا؟؟
أنا رجل زانٍ..لا استطيع أن أقرب مجالسكم!!
ولقد كان التائب في حجه تارة يقول : اخشى ألاّ يغفر الله لمن حولي لشؤم ذنبي.
وتارة يقول : لعلّ الله أن يرحمني بهؤلاء الجمع السبحين الملبين.
"."."."
ي
ت
ب
ع
الروابط المفضلة