أتوقع أن يُثير هذا السؤال فضول كثير ممن تعلَّقت قلوبهم بالرؤى لدرجة غير طبيعية .. نعم .. هناك شريحة غير يسيرة من البشر .. لا همَّ لهم سوى متابعة الرؤى وما استجد منها .. فهذا يقول سمعت أن فلاناً من الناس رأى أن ذاك المسؤول سيموت في الشهر المُقبل !!! .. وذاك يقول أنه سمع أن هناك من رأى في منامه أن تلك الدولة سيخسف بها الله بعد عشرين يوماً !!! .. بل وصل الأمر ببعضهم أن يجزم أن الساعة ستقوم بعد بضعة أيام أو أسابيع أو أشهر لأن فُلاناً من الناس قد رأى ذلك في منامه !!! ..
فُتن الناس بالرؤى إفتتاناً رهيباً .. وتطرَّفوا فيها تطرفاً كبيراً .. فلا تكاد تقرأ صحيفة دون أن ترى فيها زاوية مُخصصة لتفسير الرؤى ..
خصَّصوا لها برامج تلفزيونية مباشرة من أجل عرضها والرد عليها .. وكذلك الحال في المذياع ..
بل حتى الشبكة العنكبوتية لم تسلم من ذلك .. فأصبحت هناك مواقع مُخصصة فقط لتفسير الرؤى والأحلام !! ..
لا يُفهم من كلامي هذا أني لا أؤمن بالرؤى والعياذ بالله .. بل أنا أؤمن بها وأنها جزء من أجزاء النبوة .. وقد وردت في القرآن الكريم في سورة يوسف في قصة مشهورة للجميع .... وأنا هنا لست بصدد تبيان حقيقة وأهمية الرؤى .. وأن الصالح منها تُعتبر من المُبشرات في هذا الزمن .. فهذا معلوم بالضرورة .. ولكني أطرح قضية إفتتان كثير من الناس اليوم وتطرفهم في هذه المسألة ..
لا يخفى علينا جميعاً ما تعيشه أمتنا الإسلامية اليوم من حوادث عِظام .. وتكالب من أعدائها الذي لا يرقبون فيها إلاً ولا ذمة .. وبدلاً من أن يكون في ذلك الشغل الشاغل لنا كأفراد منتمين لهذه الأمة .. تجد كثيراً منا إنصرفوا وانشغلوا بأمور تُعتبر فرعية وصرفوا كثيراً من وقتهم وإهتمامهم من أجلها .. ولعل في مقدمتها الرؤى والأحلام .. فأصبح الناس يسألون عن الرؤى أكثر مما يسألون عمَّا أوجبه الله عليهم وما نهاهم عنه .. ولو أنهم اهتموا بأحكام دينهم وما شرعه الله عليهم بقدر ما عنوا بالرؤى وتفسيرها ومتابعة أخبارها .. لكان في ذلك خيراً كثيراً ..
فكيف نرجو النصر من الله وأن تقوم لهذه الأمة قائمة .. وشريحة كبيرة من أفرادها قد خدَّرتهم الرؤى وأقعدتهم عن نصرة دينهم وأمتهم ؟! ..
وإلى متى وكثير منا لا يعي ولا يُدرك الأهم من المهم ؟! ..
إلى الله الُمشكتى ..
تحياتي ،،،
الروابط المفضلة