تدخل انتفاضة الأقصى عامها الثامن وسط حالة من الانقسام الفلسطيني الداخلي وتصاعد لعدوان الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة وما يرافقه من نشاطات استيطانية واسعة، فيما يبقي الحديث عن عملية السلام دون أفق حقيقي يبشر بأي أمل بحل قريب.
فالانتفاضة / المقاومة الفلسطينية باعتبارها غدت طقساً يتجدد مادام الاحتلال قائماً للأرض والحياة والوجود … وفي إطار التجربة التاريخية، واستناداً إلى المبادئ الدينية والإنسانية والشرائع الدولية ومبادئ الحق الطبيعي في الوجود …
وكانت انتفاضة الأقصى اندلعت شرارتها 28-9-2007 عقب اقتحام رئيس وزراء الاحتلال السابق "أرئيل شارون" زعيم الليكود آنذاك لباحات المسجد الأقصى وامتدت لتصل داخل أراضي عام 48 المحتلة مسجلة مقتل استشهاد خمسة آلاف فلسطيني وغياب أبرز القيادات التاريخية للشعب الفلسطيني خلال المرحلة الفائتة.
ومن هذا كله انبثقت آفاقها بعد أن عرض البحث لأبعادها ونتائجها … فمن أبعادها أن انتفاضة الأقصى (28/9/2000م) أعادت باندلاعها الزمن النضالي العربي كله إلى الظهور وظهر معها صحوة سياسية ونضالية، حين استندت إلى مفاهيم الشهادة الراقية باعتبارها دفاعاً عن الوجود ضد محتل صهيوني غاصب للأرض والحياة … مما جعلها تسقط مزاعم الكيان الصهيوني حين صور نفسه للعالم بأنه المعتدى عليه، وبأن المقاومة تنشر الإرهاب ضد أبنائه … ولهذا فمن حق الكيان الصهيوني – كما يزعم قادته - أن يقوم باجراءات أمنية مهما بلغت وحشيتها للدفاع عن نفسه …
ولكن انتفاضة الأقصى في عامها الخامس أخذت توضح بأن إسرائيل إنما هي دولة إجرامية تتحايل على القانون الدولي ومن ثم فهي التي تصنع الإرهاب وتزرع الرعب الذي امتد إلى أبنائها فأخذوا يفكرون بالهجرة المعاكسة بعد أن أصيب كثير منهم بالأمراض والشذوذ، بل شرع بعضهم يقدم على الانتحار … ولا سيما بعد تراجع التنمية لدى الكيان، وازدياد الفقر، وسقوط مفهوم الأمن القومي (الإسرائيلي) … واختلال البنية الديمغرافية للسكان حيث أثبتت المرأة الفلسطينية أنها أهم عنصر في معادلة الصراع.
أما على الصعيد الفلسطيني فقد تعمقت هوية الإنسان الفلسطيني طفلاً أم شيخاً وأدرك أن المقاومة الشعبية النضالية وحدها من تحقق له تطلعاته ولذلك لا بد من التضحية. ولهذا دخلت المرأة في عمق الصراع العربي الإسرائيلي، وطورت المقاومة أنظمتها وخططها، وأخذت ترسم آفاقها المستقبلية بخلق الوعي والخبرة والحنكة في التعامل مع الكيان الصهيوني والدول الداعمة له، ومن ثم تنمية آليات الحفاظ على الوجود والأرض بتربية وطنية ترتبط بالعمق العربي والإسلامي والإنساني، وتعرية طروحات الصهيونية حول أرض الميعاد والأرض الخالية، وخرافة شعب الله المختار، وفضح كذبة هيكل سليمان بعد أن أثبتت المكتشفات الأثرية اختلاقها.
ولكي تصل إلى ذلك لا بد من وعي وخبرة وثقافة تؤصل لذلك كما تؤصل للثقافة العربية الإسلامية … واتخاذ القدوة النضالية الحسنة … والإسهام الحقيقي في تبني آليات إعلامية وتقنية فضائية لإيضاح حقيقة الكيان الصهيوني، لكسب الرأي الدولي والوقوف من الآخر داخلياً وخارجياً موقف الواعي المنفتح على أفكاره دون اتهام أو محاباة…..
وبهذا كله تنتصر الانتفاضة / المقاومة، وإن استطاعت قوى داخلية وخارجية أن توقفها إلى حين … إنها الطقس المختزن في داخل كل فرد فلسطيني وعربي منذ اليبوسيين إلى ثورة البراق ثم انتفاضة الحجارة …. حتى اليوم، إنها المعادل الوجودي للحياة في الرَّدّ على كل حيل الصهيونية وغدرهم و …. واغتصابهم للأرض … فالضحية لا تعيش مع المفترس.
الروابط المفضلة