معنى سبحان الله
معناها: التنزيه والإعلاء والتقديس للباري جل وعلا بكل ما لا يليق بقدره، فيسبح الله عن كل شرك، أو عبودية لغيره، ويسبح الله عن أن يوصف بغير ما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من صفات الكمال.
وتسبيح الله -أيها المسلمون- ليس مقتصراً على جانب التنزيه فحسب، وإنما هو مرتبط كذلك ارتباطاً وثيقاً بجانب الخشية من الله، كأن المرء يراه، وإنه إن لم يكن يراه فإن ربه يراه، فلا ينبغي أن يصدر من العبد ما لا يرضى به ربه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، وأن المرء المسلم إذا نأى بنفسه عن أن يقع في زلة أو هفوة، بسبب تسبيحه لله، فهو ممن أدى حق الخشية والتنزيه والإعلاء.
التسبيح بحمده سبحانه في القرآن
فإن الله تعالى يذكر في غير موضع "التسبيح بحمده". كقول "الملائكة": { وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ} (البقرة: من الآية30).
وقوله: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} (غافر: من الآية7).
وقوله: { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا}(طـه: من الآية130).
وقوله: { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} (الطور: من الآية48).
الصلاة تتضمن التسبيح بحمده
ولا ريب أن الصلاة الشرعية تتضمن ما أمر به من التسبيح بحمده.
كما قد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في مثل حديث جرير المتفق عليه(1): كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، إذ نظر إلى القمر ليلة البدر ، قال : (إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر ،لا تضامون في رؤيته ، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس ، وصلاة قبل غروب الشمس ، فافعلوا).
تفسير التسبح بالصلاة
ولا ريب أن حمد الرب والثناء عليه ركن في الصلاة، فإنها لا تتم إلا بالفاتحة التي نصفها الأول حمد لله وثناء عليه وتحميد له، وقد شرع قبل ذلك الاستفتاح، وشرع الحمد عند الرفع من الركوع، وهو متضمن لحمد لله تعالى.
- وذكر طائفة من المفسرين كالثعلبي وغيره قولين:
- قالوا: واللفظ للبغوي: { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ } أي: صل بأمر ربك.
- وقيل: صل له بالحمد له والثناء عليه.
- وقيل: "سبحان الله وبحمده" سبحناه، أي: هو المحمود على ذلك، كما تقول: فعلت هذا بحمد الله وصلينا بحمد الله، أي: بفضله وإحسانه الذي يستحق الحمد عليه، وهو يرجع إلى الأول، كـنه قال: تحمدنا لله، فإنه المستحق لأن نحمده على ذلك، وإذا كان ذلك بكونه المحمود على ذلك، فهو المحمود على ذلك؛ حيث كان هو الذي أمر بذلك وشرعه، فإذا سبحنا سبحنا بحمده.
- فأما هذه الآية: { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} (طـه: من الآية130). فلم يذكر البغوي وابن الجوزي إلا أنه الصلاة كما ذكرنا.
- قال ابن الجوزي: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ}أي: صل بالثناء على ربك والتنزيه عما يقول المبطلون، فذكر الثناء والتنزيه عما يقول المبطلون تفسيرا للحمد.
التسبيح يراد به جنس الصلاة وصلاة النافلة خصوصا.
- ولفظ "التسبيح" يراد به: جنس الصلاة.
وقد يراد به: النافلة خصوصا، فإن الفرض لما كان له اسم يخصه جعل هذا اللفظ للنافلة.
- كما في حديث: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبح على راحلته حيث توجهت به" .
- و"كان يصلي سبحة الضحى" (2).
التسبيح يراد به جنس ذكر الله
يقال: "فلان يسبح" إذا كان يذكر الله، ويدخل في ذلك التهليل والتحميد، ومنه سميت السباحة للأصبع التي يشير بها وإن كان يشير بها في التوحيد.
التسبيح يراد به قول العبد سبحان الله
ورد في "السنن": لما أنزل الله تعالى:{فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} (الواقعة:74) قال: "اجعلوها في ركوعكم" ولما نزل: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}(الأعلى:1) قال:"اجعلوها في سجودكم".
- وفي "الصحيحين" عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان؛ سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم".
لماذا سميت الصلاة تسبيحا
- وقد قيل:إن الصلاة إنما سميت تسبيحا لاشتمالها على التسبيح، كما سميت قياما وقرآنا لاشتمالها على القيام والقراءة.
وتسمى ركعة وسجدة لاشتمالها على الركعة والسجدة، لكن فرق بين قوله {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و{ الْعَظِيمِ }.
فهذه قد فسرت بالتسبيح المجرد: قول العبد في ركوعه وسجوده: سبحان رب العظيم، سبحان رب الأعلى، وبين قوله {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ}.
تفسير التسبيح بالكلام عند افتتاح الصلاة وعند القيام من المجلس
- وقد فسر طائفة من السلف قوله: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} (الطور: من الآية48) بالتسبيح بالكلام.
وذكروا أنواعا: التسبيح عند افتتاح الصلاة، والتسبيح عند القيام من المجلس.
- فروى ابن أبي حاتم عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} قال: "إذا أراد أن يقوم الرجل من مجلسه قال: سبحانك اللهم وبحمدك". هكذا رواه وكيع.
- وقال طائفة: {حِينَ تَقُومُ} إلى الصلاة.
- وكذلك: قال الضحاك: {حِينَ تَقُومُ}: "إلى الصلاة المفروضة".
- وقال أبو الجوزاء: {حِينَ تَقُومُ} من منامك من فراشك.
يتبع>>>
الروابط المفضلة