حكم العزل وتنظيم النسل
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثمين- وفقه الله-:
متى يجوز للمرأة استخدام حبوب منع الحمل، ومتى يحرم عليها ذلك؟ وهل هناك نص صريح أو رأي فقهي بتحديد النسل؟ وهل يجوز للمسلم أن يعزل أثناء المجامعة بدون سبب؟
الجواب: الذي ينبغي للمسلمين أن يكثروا من النسل ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا لأن ذلك هو الأمر الذي وجه النبي صلى الله عليه وسلم إليه في قوله
( تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم)) ولأن كثرة النسل كثرة للأمة وكثرة الأمة من عزتها كما قال تعالى ممتناً على بني إسرائيل بذلك {وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا} (6) سورة الإسراء وقال شعيب لقومه: {وَاذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ } (86) سورة الأعراف ولا أحد ينكر أن كثرة الأمة سبب لعزتها وقوتها على عكس ما يتصوره أصحاب ظن السوء الذين يظنون أن كثرة الأمة سبب لفقرها وجوعها. وإن الأمة إذا كثرت واعتمدت على الله عز وجل وآمنت بوعده في قوله: {وما من دآبة إلا على الله رزقها} [سورة هود6] فإن الله ييسر لها أمرها ويغنيها من فضله. بناء على ذلك تتبين إجابة السؤال فلا ينبغي للمرأة أن تستخدم حبوب منع الحمل، إلا بشرطين:
الشرط الأول: أن تكون في حاجة لذلك مثل أن تكون مريضة لا تتحمل الحمل كل سنة أو نحيفة الجسم أو بها موانع أخرى تضرها أن تحمل كل سنة.
الشرط الثاني: أن يأذن لها الزوج لأن للزوج حقا في الأولاد والأنجاب ولابد كذلك من مشاورة الطبيب في هذه الحبوب هل أخذها ضار أو ليس بضار فإذا تم الشرطان السابقان فلا بأس باستخدام هذه الحبوب لكن على ألا يكون ذلك على سبيل التأبيد أي أنها لا تستعمل حبوباً كمنع الحمل منعاً دائماً لأن في ذلك قطعاً للنسل.
وأما الفقرة الثانية من السؤال فالجواب عليها أن تحديد النسل أمر لا يمكن في الواقع، ذلك أن الحمل وعدم الحمل كله بيد الله عز وجل، ثم إن الإنسان إذا حدد عدداً معيناً فإن العدد قد يصاب بآفة تهلكه في سنة واحدة ويبقى حينئذ لا أولاد له ولا نسل له. والتحديد أمر غير وارد بالنسبة للشريعة الإسلامية ولكن منع الحمل يتحدد بالضرورة على ما سبق في جواب الفقرة الأولى.
وأما الفقرة الثالثة والخاصة بالعزل أثناء الجماع بدون سبب فالصحيح من أقوال أهل العلم أنه لا بأس به لحديث جابر رضي الله عنه: كنا نعزل والقرآن ينزل. يعني في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
ولو كان هذا الفعل حراما لنهى الله عنه، ولكن أهل العلم يقولون إنه لا يعزل عن الحرة إلا بإذنها أي لا يعزل عن زوجته الحرة إلا بإذنها لأن حقها في الأولاد، ثم ان في عزله بدون إذنها نقصاً في استمتاعها، فأستمتاع المرأة لايتم إلا بعد الإنزال.. وعلى هذا ففي عدم استئذانها تفويت لكمال استمتاعها وتفويت لما يكون من الاولاد ولهذا اشترطنا أن يكون بإذنها.
(فتاوى المرأة)
____
تنظيم النسل
سئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان- أثابه الله-:
لدي أربعة أولاد ونحن في كربة عن بلدنا والسفر بهم قطعة من العذاب والدخل محدود فما حكم تنظيم الأسرة لي وذلك لأجل معين حتى نستقر؟
الجواب: تحديد النسل خوفاً من ضيق الرزق لا يجوز لأن الرزق بيد الله عز وجل فهو الذي قدر الآجال والأرزاق وما من مولود يولد إلا وقد قدر له رزقه كما قدر له أجله والله سبحانه وتعالى يقول:{وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ } [سورة الأنعام 151] فهذا فيه شبه من فعل الجاهلية الذين يقتلون أولادهم خشية الفقر إلا أن هذا يعتبر منعاً لحصول الأولاد خشية الفقر والجاهلية يقتلون الأولاد الموجودين خشية الفقر وعلى كل فالعلة واحدة ولا يجوز مثل هذا والأرزاق بيد الله عز وجل وتحديد النسل خوفاً من الفقر فيه إساءة ظن بالله عز وجل فعليك أن تتوكل على الله عز وجل والله سبحانه وتعالى يرزق من يشاء بغير حساب فأحسن الظن بربك ولا تتطرق إليك هذه الهواجس فأنت لا تدري الخير والمصلحة يقول الله سبحانه وتعالى: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [سورة البقرة 216] وإذا كان هذا التنظيم أو تأخير الحمل لداع صحي بالمرأة ككون المرأة مثلاً لا تطيق الحمل والولادة في حالة خاصة أو ظرف خاص لمرضها فإنه لا مانع من أن تتعاطى ما يمنع الحمل مؤقتاً حتى تزول هذه الحالة التي يشق عليها فيها الحمل والولادة فهذا يكون من باب الوقاية والعلاج لا من باب تحديد النسل أو تأخير النسل خشية الفقر.
( المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان)
الروابط المفضلة