للبحث في شبكة لكِ النسائية:
|
(13)
هذا ما تعنيه كلمة ضياع
لقد عشتها بالكامل وابتلعتنى داخلها تماما
أنا وحيدة .. تائهة .. وضائعة فى تلك الحياة الكبيرة .. لا أعرف أين سأذهب ولا كيف سأعيش .. لا أحد أعرفه ولا أحد يعرفنى .. حتى أنا لم أعد أعرف نفسى .. تلك الشريدة المحطمة لا تشبهنى .. فكرت فى البحث عن عمل .. ذلك الثوب الأنيق والحذاء المحترم والجمال الفاخر جعل الأمر سهلاً .. لكن كل وظيفة تتطلب أوراقاً رسمية لا أحملها .. ولا أفكر فى ذلك .. ما دُون فيها لا يخصنى .. لذا فكرت فى وظيفة متواضعة لا تتطلب ذلك .. ولم أجد سوى ذاك المطعم المتواضع لأنزوى فى مطبخه أنظف أطباق الزبائن وأستشعر الحياة التى ربما كنت سأعيشها لو لم يمد أبى يده الحانية وينتشلنى منها ويحملنى إلى حيث العالم الآخر الذى لم أكن لأراه حتى فى أحلامى .. هل أنا ممتنة له أم لا؟ .. لا أعرف .. ربما لو كان تركنى لتلك الحياة من البداية ما كانت لتؤلمنى بهذا القدر .. لو لم أجرب الحياة الفاخرة لكنت رضيت بما أنا فيه الآن وتقبلته ببساطة .. ليتك تركتنى حيث أنا .. ليتنى ما عرفتك وأحببتك وتعلقت بك وبعائلتك بهذا القدر .. تلك الحياة التى عشتها معكم مازالت عالقة بى .. لا أستطيع نزعها منى .. تتمثل أمامى كل لحظة وتمنعنى من تقبل ما سواها .. فلا أنا يمكننى العودة إليها ولا هى تتركنى لأرضى بحالى .. ماذا فعلت بى يا أبى .. هل يرضيك ما أنا فيه الآن .. لم تخليت عنى .. لم خذلتنى .. لم تركتى أسقط من سماء سابعة لأتحطم على أرض الواقع القاسى .. مازال حلم السقوط يراودنى .. أهوى من فوق حافة الجبل وأتناثر كشظايا الزجاج .. أظننى سأظل هكذا للأبد .. أتحطم وأتحطم إلى ما لانهاية .. أى عذاب قرر ملاحقتى ما بقى لى من عمر .. أى عذاب!!
***
قد أصدق أن الصدفة تجعلك تفتح باب بيتك كلما مررت من جواره صعوداً وهبوطاً فتبتسم وتلقى التحية .. وقد أصدق حاجتك الملحة لسؤال والدتك عن شىء ما حين تقوم هى بزيارتى فتدق بابى بخجل لهذا السبب .. وقد أصدق مرورك الذى يتصادف مع موعد خروجى من العمل لتعرض علىّ بكرم أن تقوم بتوصيلى بسيارتك الأجرة لبيتى الذى لا يفصلنى عنه سوى بضعة أمتار .. لكن أن تقرر فجأة العمل بذات الكافتيريا التى أعمل بها بغرض تحسين دخلك بالرغم من عملك كسائق للسيارة الأجرة التى تملكها .. فهذا كثير .. كثير جداً .. يكشف كل ما تحاول إخفاءه .. كل ما كنت تظن أننى من السذاجة بحيث لا أنتبه له .. يا للفضل المسكين .. لقد سقط فى تلك الهوة العميقة التى لا قرار لها والتى تدعى الحب .. لقد ترك كل فتيات الأرض وتعلق بى أنا .. يالسوء حظه .. يالشقاء قلبه النقى الطيب .. ياللجرح العميق الذى ينتظره فى زاوية مظلمة لم تبلغها خطواته بعد .. ماذا فعل المسكين ليلقى هذا العذاب
أحاول بلطف ألا أجرح مشاعره .. أحاول ببطء أن أسرب لعقله فكرة كونه بمثابة الأخ .. هو لا يستحق أن أعامله بقسوة ربما ما كنت لأتردد للحظة فى ذلك لو كنت قابلته فى الحياة الأخرى التى ما كان لأحد فيها أن يجرؤ على تجربة أى مما يفعله فضل الآن .. لكن الأمور تغيرت كثيراً .. تنازلت عن الكثير من غرورى .. نزعت ثوب الكبرياء الذى كان يلفنى منذ صغرى .. تخليت عن حدة طباعى وقلمت أظافر النمرة الشرسة التى كانت تسكننى وأصبحت هرة وديعة لا تحب جرح أحد ولا تستمع بذلك .. لذلك لم أستطع مواجهة فضل بالحقيقة .. وظللت ألعب دور البلهاء التى لا تفهم شىء
قبل مدير الكافيتريا أن يعين فضل نظرا لكونه موسم للعمل وهو بحاجة للمزيد من العمال .. عمل كنادل هو الآخر .. طبيعته الخجول سببت له بعض المتاعب فى البداية .. لكنه تجاوزها بعد فترة صحيح أنها تعود من حين لآخر حين تلاحقنى عينيه فلا ينتبه لما أمامه فيتعثر بإحدى المناضد مرة ويكاد يُسقط ما يحمله من طلبات الزبائن مرة أخرى
فابتلع تلك الابتسامة قبل أن تظهر على وجهى فيلمحها هو وتمنحه أمل لا وجود له
يالها من ورطة .. كيف يمكننى التصرف الآن .. كيف؟
***
أنا محاصرة
بين محاولات فضل من ناحية وتلميحات والدته من ناحية أخرى .. ماذا يظنوننى .. تلك الفتاة الوديعة رقيقة الحال المكافحة التى تعمل من أجل لقمة العيش .. هم حتى لا يعرفون عنى شىء .. ولا يعرفون لى أهل أو نسب .. ربما يحسبوننى يتيمة لا أقارب لى .. لكنى ماذا لو عرفوا الحقيقة .. أن الفتاة التى تعيش بينهم لا تعرف لها عائلة ولا تجرؤ حتى على استعمال اسمها الذى لا يخصها من البداية .. أنها ضائعة تماما وكل ما فى حياتها مبعثر .. وأن آخر ما قد تفكر فيه هو الارتباط بأحدهم ومحاولة تكوين عائلة لم تكن لها مثلها أبداً
يا للفضل المسكين .. أوتظن تلك الفتاة الجميلة الرقيقة تحمل خلف ضلوعها ما يُدعى قلب .. ألا تعرف أن هذا المكان عندها هو خاو تماماً .. أن هذا القلب قد تركته هى خلفها حين هربت من القصر .. فهو لم يكن يخصها هو الآخر .. لقد تملكه غيرك منذ زمن .. وأبى أن يجعلها تحتفظ به داخل صدرها .. وحتى هى لا تدرى أين هو الآن .. ربما كان عالقا بين أهدابه .. ربما كان يتدلى من بين أصابعه .. ربما يختفى فى جيب قميصه .. أو يستدير كطوق حول معصمه .. هو معه فحسب .. لا أعرف سوى ذلك .. وليس لى قلب آخر لتهديه مشاعرك .. وإن كان لى واحداً لتركنى وهرب إليه .. فحبه هو لا يحتمله قلب واحد .. أحتاج ألف قلب ليفعل .. أنت لم تره يا فضل .. لا تعرف كيف يكون هو .. لا أحد يشبهه .. لا شىء يماثله .. هو ليس مجرد شاب أحبته فتاة .. ما يربطنى به لا يمكننى وصفه .. شىء لا يشبهه شىء .. كما هى مشاعرى نحو أبى وتلك الأخرى نحو عادل .. غريب ما يربطنى بتلك العائلة .. لقد اقتسمونى فيما بينهم .. الروح استحوذ عليها أبى والقلب اختطفه عاصم و العقل أخذه عادل
كل ما فىّ هو لهم فقط .. لم يتبق منى شىء لما هم سواهم .. لا يغرك هذا الكيان الذى يمثل أمامك بمعجزة ما وهو فارغ تماما وتظنه أنت كاملاً لا ينقصه شىء .. هو ينقصه الكثير يا فضل .. لا يمكنك العيش مع انسان لا روح له ولا قلب ولا حتى عقل .. أنا طيف مرئى يا فضل .. شبح على قيد الحياة .. أى شىء آخر غير ما تظنه وتحلم به وتتخيله .. أرجوك أن تنسى تلك الأوهام التى تعبث برأسك .. أن تتخلى عنها تماماً .. أن تقتلعها من عقلك ولا تجعلها تسمم حياتك بأكملها .. أشعر بما تشعر به فقد عشته بالكامل .. التعلق قاتل يا فضل .. حين أحببته هو وتعلقت به حد الجنون والهوس .. وهو الذى لم يبادلنى يوما تلك المشاعر .. كان يعرف أننى لا أستحقه .. كان هو الأمير الوسيم الثرى سليل العائلة العريقة .. وكنت أنا الفتاة اليتيمة التى لا أصل لها ولا هوية .. كان يعرف كل شىء من البداية .. كان يسخر من كبريائى وغرورى دون أن يخبرنى أنهما لا يليقان بى .. كان يتجاهلنى ككائن لا يستحق الاهتمام .. لم يكن يرى أننى قد أليق به يوما ولكم كان محقاً .. ربما يكون قد وجد أميرته التى تستحق وجودها بجواره .. ربما يكون قد نسى كل شىء عنى .. ربما ما عاد اسمى يتردد بين جنبات القصر .. وربما يكون عادل قد اكتفى من الحزن علىّ .. لقد انتهيت هناك على عتبات تلك الحياة السابقة .. وما أنا فيه الآن هو موت طويل لا يمكن أن أتقاسمه مع أحد .. هل تفهم يا فضل .. هلا ابتعدت عنى الآن وبحثت عن فتاة حقيقية تعيش فى تلك الحياة التى لا أنتمى أنا إليها
#يُتبع
إ؟ن شاء الله
ما شاء الله .... القصة أصبحت مشوقة فعلا
اريد ان اعرف ما تبقى من احداث القصة
لا تطيلي الغياب يا رشا..... بانتظارك
بالانتظار . سرد جميل وقصه اجمل .
هههههه
احس انك زعلتي مني رشا ...والله بس مشاعري طلعت وش اسوي ^^
:
جمييل ما شاء الله
اتمنى يصير لها شي حلوو(:
ما زال رونق قلمك يتألق جمالا
فلا تطيلي غيابه عنا
الروابط المفضلة