تتعالى الصيحات المنادية "بتحرير المرأة" في البلاد الإسلامية وخاصة العربية منها
والتي تدعو إلى نيل حقوقها وإنصافها ومساواتها بالرجل
الذي –كما يدَّعون- أنه يتحكم في حريتها ويمنع عنها حقوقها
ويفرض عليها القهر والجهل والتخلف والتبعيَّة المطلقة له
فهي من وجهة نظرهم تقبع سجينةً خلف الأسوار العالية لا حول لها ولا قوة
وللأسف أننا نجد من يتبنّى هذه الأفكار والدَّعوات من بعض المفكرين
من الرجال والنساء في ديار بني يعرب
الذين ما انفكَّوا يردِّدون الشعارات حتى انجرفوا في تيّار التبعيَّة الفكرية للغرب
وفُتِنوا بفكر فلاسفتهم وأدبائهم
ولا تزال مثل هذه الدعوات تتردَّد بين الحين والآخر
مستغلَّة واقعَ بعض النساء وما يعانين من ظلم بعض الآباء
وتعسُّف بعض الأزواج ، وعقوق بعض الأبناء
ممن حادوا عن جادة الصواب وابتعدوا عمّا أمر به الله ورسوله صلى اله عليه وسلم
فأخذ هؤلاء ينادون بالحرية المطلقة للمرأة
متغافلين أن هذه الحرية إنما هي أداةٌ للتدمير ونواةً للفوضى الاجتماعية
تساعد على خلق التمرّد لدى الأجيال الحاضرة
واحتقاراً لكل الضوابط التي تضبط إيقاع الحياة المستقرَّة للأسرة
بل وفي أحيان كثيرة تدمِّر كبرياء المرأة ومنزلتها الرفيعة وتحطُّ من كرامتها
وأخطر ما تقود إليه هذه الحرية المزعومة هو انتشار الجريمة بشتَّى أنواعها
وكلها نتائج خطيرة جدا يجب أن تُوضع في الحسبان
لكل من يتبنَّى هذه الدعوات من المفتونين بالحضارة الغربية
وليتهم فُتِنوا بإيجابياتها وتركوا ما لا يتناسب مع قِيَمنا
وتقاليدنا الاجتماعية في بناء الأسرة الصحيَّة والقوية والمتماسكة
لتكون نواةً لمجتمع إسلامي قوي
المرأة في التشريع الإلهي
إذا ألقينا نظرةً عابرةً على المجتمعات على مرِّ العصور..
نجد أن الأمور لا تستقيم فيها إذا هي افتقرت إلى القيم الأخلاقية ..
فالأخلاق هي قِوام كلِّ نظام اجتماعي
فهي حارسةُ كلّ تقدُّم ومنهاجُ كل مجتمع فاضل.
والإسلام بنظامه الدَّقيق المتوازن اهتمَّ بهذا الجانب ودعا إليه
وحثَّ على تهذيب النفوس وِفقَ معاييره الصالحة لكل زمان ومكان
فكانت تشريعاته تراعي الفطرة الإنسانية وتوجِّهها في طريقٍ مستقيم
لا عِوج فيه من خلال تنظيمه للعلاقة بين الرجل والمرأة
وجعلها علاقة تقوم على التَّكامل لا التَّنافس وشرعَّ بذلك القوانين
والتي كان للمرأة نصيباً منها يحفظ لها كرامتها ومنزلتها طيلة مراحل حياتها
فالإسلام ينظر إلى المرأة نظرةً كلها تقدير وتكريم
يقول سبحانه: "إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ
وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ
وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ
وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًاوَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا"
[سورةالأحزاب
منذ طفولتها وهي صغيرة
رعاها الإسلام وهي طفلة منذ نعومة أظفارها فهي البنت في الوقت
الذي يفضل الناس فيه إنجاب الذكور
ولكن الإسلام أنصفها وأجزى من يرعاها خيراً
وهاهو رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيها
" من ابتلي من هذه البنات بشيء كنَّ له ستراً من النار "
وفي حديث آخر " من كان له ثلاث بنات وصبر عليهن وكساهن من جدته كنَّ له حجاباً من النار "
وفي حديث ثالث " ما من مسلم تدركه ابنتان فيحسن صحبتهما إلا أدخلتاه الجنة "
وفي رابع " من كان له ثلاث بنات يؤويهن ويكفيهن ويرحمهن فقد وجبت له الجنة البتة،
فقال رجل من بعض القوم: واثنتين يا رسول الله؟ قال:واثنتين "
وفي خامس " من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه "
وكلها أحاديث ثابتة وبعضها في الصحيحين.
وهاهو ديننا العظيم يأمر بطاعتها وبرِّها وهي كبيرة
جنبا إلى جنبٍ مع الأب حيث قال في محكم آياته
{ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا }
الإسراء
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
(جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي قال أمك
قال ثم من قال ثم أمك قال ثم من قال ثم أمك قال ثم من قال ثم أبوك)
صحيح البخاري
مروراً بإعطائها حقوقها كاملة دون سائر نساء العالم
من حقوق المرأة في الإسلام
** حقها في التعليم أسوة بالرجل
قالت النساء يوماً للنبي صلى الله عليه وسلم :
{ يا رسول الله ، لقد غلبنا عليك الرجال ، فاجعل لنا يوماً من نفسك ،
فوعدهن يوماً يلقاهن فيه فأمرهن بالصدقة ،فجعلت المرأة تلقي القرط والخاتم
و بلال يأخذ بطرف ثوبه . . . } (رواه البخاري ومسلم)
وقال تعالى :
(يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) "
المجادلة"
** حقها في اختيار زوجها
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " لا تُنكَحُ الأيِّم حتى تُسْتأْمَر
ولا تُنكَح البِكْر حتى تُسْتأْذَن قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنها؟
قال: أن تسكت" متفق عليه.
** حقها في مسكن في حدود قدرة الزوج
: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ
الطلاق
** حقها في الميراث..
وقد شرَّع الله الميراث بالتفصيل حتى لا تضيع الحقوق
(يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ
فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ) النساء
** حقها في حسن معاملة الزوج وِفقَ ما حدَّده ديننا الحنيف
قال الله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ
فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً [النساء:19].
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: { استوصوا بالنساء خيراً،
فإن المرأة خُلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه،
فإن ذهبت تُقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء
متفق عليه
** حقها في مالها ومهرها وكل ما تملكه من غير وصايةٍ أو تدخل
قال الله تعالى: وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً
فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً [النساء:4]
** ساوى الإسلام بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات
{ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ }
النساء
"فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ"
آل عمران
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته متفق عليه
وبعد هذا
فإننا نرفض رفضا باتا أن تنهار قيمنا وتُلغى مبادئنا باسم شعارات برّاقة
تنادي بحقوقٍ للإنسان وحريةٍ للمرأة..
نرفض مثل هذه الشعارات الزّائفة التي تطلُّ علينا بوجوهٍ كالحةٍ سافرة
والتي باسمها يريدون أن يجعلوا من المرأة المسلمة وسيلةً للكسب المادي
ومادةً رخيصة لإشباع الشهوات وإطفاء الملذَّات
فالإسلام أيها الغرب يريد أن تكون المرأة المسلمة الجوهرة المكنونة
واللؤلؤة المصونة بعفَّتها وحجابها
تحيطها قيم ديننا الذي أوصى بها خيراً
مجلَّلةً بالاحترام والتقدير والعزَّة والإباء
إنها حرمةً من الحرمات التي لا يجب أن تطالها الأيادي
تلك الأيادي المدنسة بالإثم ..الملوَّثة بالفسق والفجور
حماها الإسلام بشرائعه ومنع أن يطالها أي سوء
ولو كانت نظرة شهوانية
هذه هي قوانين الإسلام وشرائعه لم يضعها بشر في لحظات تجليِّ..
إنها قوانين وتشريعات إلهيَّة.. ربانيَّة وضعها خالق البشر
أيها الغرب.....لا نريدها منكم
::
دمتم في رعاية الله وحفظه
الروابط المفضلة