كيف أنساه؟
وكل خبر وفاه يذكرني به ويحيى الميت من التفاصيل وكأن الأيام كتاب قُلبت صفحاته أمامي و يعدني للسطر الأول من قصه رحيله وبدء معاناتي ..

كيف أنساه ؟
وكل صوت صفاره إسعاف يذكرني بتلك الصفارة التي ضجت الحي و تسللت إلى البيت لتعلن موت الفرح ورحيل الأمان ..

كيف أنساه ؟
وكل تجمع نسائي بعباءتهم السوداء يستعرض نسوه الحي في ذلك اليوم مرددات اسمه ذاكرات طيب خصاله ..

كيف أنساه ؟
وكل ذهول يذكرني بذهول صديقهُ عندما اتصل عليه يسأل بعد انقضاء أيام العزاء وإغلاقه للخط بصمت..

كيف أنساه ؟
وكل جرس منبه يذكرني بصوت منبههُ الذي ظل أيام يوقظ صاحبه عند الخامسة فجرا ولم استطع أن اخبره برحيله.

كيف أنساه ؟
وكل يوم اثنين يجعلني أغمض عيني وأتذكر جمهرتهم ظهر الاثنين باكيين عليه..

كيف أنساه ؟
وكل فاجعة تعيد لذاكرتي صوره عقلي وهو ينهار من هول الفجيعة وهو يردد رحل .. لم يرحل .. رحل ..

كيف أنساه ؟
وكل عيون حمراء دامعة تذكرني باحمرار جفونهم وبتهرب أعينهم عنى بحديثهم الهامس وبمحاولاتهم استجماع قوتهم لكي ينقلوا لي الخبر ..

كيف أنساه ؟
وكل مرآه تذكرني بهذه الشهور بعد رحيله و منظر طفلته وهى تكبر وتشيخ على محطات انتظاره ..

كيف أنساه ؟
وكل بكاء طفله يوقظ في أذني صوت بكائي في تلك الليلة عليه وصوت أنين طفله تختبئ خلف الباب هربا من واقع لا طاقه لها على استقباله..

كيف أنساه ؟
وكل اسم مشابه لاسمه يأتي به أمامي و كأنه لم يغادر إلا البارحة
كأنه لم يغادر إلا البارحة
كأنه لم يغادر إلا البارحة