وأنا أود أن أنبه الفتاة في معرض كلامي عن هذا الأمر الخطير – وكذا الشاب أيضا - إلى أن هذه المشاعر لا تمت للحب الحقيقي بصلة ,
فالحب الحقيقي لا يمكن أن يبدأ في التكوين إلا بعد الزواج .. بل ليست مشاعرها تلك .. على أحسن الأحوال .. مجرد إعجاب بالشاب لأي عامل من العوامل السطحية التي رأتها في هذا الشاب فوقع الإعجاب به في قلبها .. هذا فقط كل ما في الأمر .. ولو كانت قد صرفت تفكيرها عنه في ساعتها .. لما كنّتْ تجاهه أية مشاعر إطلاقا , أبعد من إعجابها به في هذا الأمر المعين فقط ..
لكن استتباع إعجابها به .. بالتفكير فيه .. أوهمها بأنها تحبه .. ومثل هذا لايكون حبا مطلقا .. فلا يوجد حب مجرد هكذا – إلا ما كان من حب الأم أو الأب للابن ..
الحب لمجرد الحب هذا كذبة كبيرة .. بل الحب قرين البذل والعطاء وعدم الأنانية وتحمل المحبوب ومشاركته في حلو الأمور ومرها ..
ومثل هذا لا يكون إلا بعد الزواج لأن كل ما قبل الزواج ليس سوى تمثيل في تمثيل وإخفاء للعيوب وإظهار للمحاسن وتكلف لها
بل بالعكس إن هذا الحب الذي يسبق الزواج .. ليس فقط حبا كاذبا !! .. بل هو حب يوشك أن يدمر أي علاقة زوجية قد تؤسس عليه.. فلو أنّا فرضنا أن الفتاة تزوجت بالشاب الذي تحبه .. وهذا نادرا ما يحدث .. فإن أندر منه أن تستمر هذه الحياة ..
لماذا ؟؟؟
لأن حال التكلف بين الفتى والفتاة حال عشقهما وقبل الزواج يمنع الفتاة من الوقوف على حقيقة هذا الشاب .. فتظن أنه بهذه الأخلاق التي يتظاهر بها أمامها .. فلا تكاد أن ترى به مثلبة واحدة .. كما أن هذا الحب الوهمي الذي يُغلف عقلها يُعميها عن أن ترى ما يظهر من مثالبه .. فتكيف - لا إراديا - كل عيوبه بما لا يتعارض مع فكرتها عنه .. ومن ثم تتصوره وكأنه ملاك ..
وهذا هو نفسه الحال مع الشاب الذي يرى الفتاة وكأنها حورية من حوريات الجنة ..
فإذا ما خلعا عن نفسيهما حال التكلف هذا تدريجيا بعد الزواج .. يبدأ كل منهما يظهر بحقيقته للآخر بلا تكلف .. فيكتشف كل طرف أنه كان مخدوع في صاحبه .. ومن هنا تبدأ المشاكل وتبدأ النفرة التي تنتهي بالانفصال والطلاق , وهذا الأثر من أكثر الآثار حدوثا لمن يعيشون حب ما قبل الزواج الوهمي الخادع .. لذلك فإن بيوتهم من أسرع البيوت انهيارا
---------------------------------
أيضا أنا ذكرت أن الاختيار لم ينبني على أية ضوابط واقعية .. فكلا الطرفين لم يعيا واقع الحياة وطبيعتها كما وعاها أولياء أمور الفتاة
مجرد فتى وفتاة تقابلا في مكان ما أو رأى كل واحد منهما الآخر في درس خصوصي أو في مدرج أو ساحة كلية أو في مواصلة أو محل أو بحكم الجيرة .. فتلاقت أعينهما بنظرة صادفت قلبين خاليين فتمكن الهوى من نفسيهما .. بقطع النظر عما وراء هذا الشاب , وبغض الطرف عما وراء هذه الفتاة .. فيتكلفا اللقاء ثم الكلام ثم يصير الأمر إلى علاقة حب ..
الشاب فقير والبنت بنت أثرياء لا يهم .. الولد لا حسب له ولا نسب والبنت من أولاد الأكابر لا يهم .. البنت تدرس بكلية الطب والواد دبلوم (مش مشكلة)!!!... الخ
طبعا كان من السياق أن أقول البنت متدينة وملتزمة والشاب غير ملتزم .. لكن ما يستقيم التدين والالتزام مع قصص الحب والغرام
رغم ما يزعم به بعضا من هذا الصنف من التدين والالتزام بل ومنهم من يزيد التلبيس عليه من الشيطان فيتعاونا على أمر الصلاة وأمر تلاوة القرآن وأمر الصيام ... إلخ
المهم بسبب هذه السطحية والتفاهة في الإختيار .. تتزوج الفتاة بهذا الحبيب , برضا من أهلها أو رغما عن أنوفهم - في زمان تحرير المرأة - , وتعمى الفتاة عن أن ترى عيوب هذا الشاب قبل الزواج .. وقد تكون هذه العيوب بعيدة عن شخص الشاب .. لكنها تتعلق بعدم الكفاءة .. أقصد أن قد يكون الشاب نفسه خلوق وديّن , لكنه مثلا فقير أو متواضع الحال .. بينما الفتاة من أسرة ميسورة الحال مثلا ,
لكن الفتاة تصم أذنيها عن سماع أي نصيحة .. ممن يرون حقيقة الأمر من المحيطين بها والذين لا يعميهم حب عن الرؤية , كما هو حال الفتاة ..
وتقف الفتاة في وجه كل المعوقات لتفوز بظنها بفارس أحلامها .. بهذا الشاب .. (لقيط حب الشوارع) .. وما تدري أنها بذلك تدفن سعادتها بيديها .. وتشتري لنفسها الكوابيس لا الأحلام .. لكن أنّى تبصر هذا وكيف
----------------------------
لذلك يجب أن يرجع اختيار العريس إلى أهل الفتاة مرة أخرى .. وذلك بعدما يعود للآباء أنفسهم معنى الزواج الحقيقي والهدف منه .. فكثير من الآباء قاصرون الفهم إلا من رحم ربي ويحتاجون لأن يُحجر عليهم فلا يقررون زواج بناتهم من عدمه والنماذج التي تُدمي القلب كثيرة جدا .. والفيصل في الموضوع هو تعلم مبادئ هذا الدين العظيم واقتفاء أثر السلف الصالح .. فلن يصلح حال هذه الأمة إلا بما صلح به أولها
يجب أن يرجع الحال إلى أن تمكث الفتاة في بيتها ويأتيها الخطّاب فلا تخرج إلا لرؤية هذا العريس وأن ينظر كل واحد منهما في ملامح الآخر لإبداء موافقة مبدئية أو رفض بناء على ارتياح كل منهما للآخر من عدمه , فإن حدث رفض مبدئي من الفتاة بعد الاستخارة تم رفض المتقدم , وإن حدث قبول مبدئي من قبل الفتاة , تنحت الفتاة تماما وتوارت في الظل والستر حتى يسأل أولياء أمرها عن هذا المتقدم - عن دينه وخلقه , وعن كفاءته , فإن كان كفؤا وإلا تم رفضه أيضا
أما هذا الانحلال وذاك التسيب الذي يحدث , بأن يُترك تقييم المتقدم للفتاة نفسها فتخرج معه وهي بعد ليست لها أدنى علاقة به - والخطوبة لا تصنع علاقة فهي فقط وعد بالزواج قد يتحقق وقد لا يتحقق
تجلس الفتاة مع الشاب لتحادثه ويحادثها لتتعرف عليه - زعموا - ويتعرف هو أيضا عليها , ليكتشف كل منهما أن هذا هو الحبيب المنتظر - بسبب ما يحدث من تكلف بينهما - فيتزوجا وسريعا ينفصلا أو يُبقون على الهيكل الزوجي وقد فقدا روحه
----------------------------------
يجب أن يعود أمر الزواج إلى ما يسمونه اليوم – تبشيعا وتشنيعا – زواج الصالونات ,
والمقصود به الزواج الذي لا تسبقه علاقات محرمة , وهم - الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الأمة , من أهل التمثيل والفن والطرب - يصورون هذا الزواج على أنه علامة من علامات التخلف أو الرجعية , ويحاولون إيهام الناس أن الزواج لابد أن يكون عن حب مسبق , رغم أنه أفشل أنواع الزواج , لكنهم ينجحون في نكس فطر الناس وأفهامهم بما لهم من آلة إعلامية ضخمة .. ويتجلى ذلك حين يطالع المرء رسائل البريد في أبواب المشاكل الاجتماعية في الجرائد والمجلات التي تخصص بابا بصفحاتها لمثل هذه النوعية من المشاكل .. تجد المرسل أو المرسلة .. يبدأ رسالته بهذه العبارة .. "تزوجت زواج صالونات" ..
إشارة إلى أن طريقة زواجه تلك هي السبب لما يعانيه من مشاكل زوجية وبمفهوم المخالفة فإنه يريد أن يقول أنه لو تزوج عن حب مسبق لما عانى ما يعانيه الآن .. وأنا أجزم أنه ما استقى هذا الأمر من الواقع .. وإنما من سيناريوهات الأفلام والمسلسلات .. لأنه لو أنصف مع نفسه ونظر حوله في واقعه لوقف على أن الزيجات التي تُسبق بالحب من أفشل الزيجات ((( بس سيناريو الفيلم والتمثيلية بيقول غير كده .. هنصدق الواقع ونكذب السيناريست .. ؟!!! )))
فإلى كل فتاة لم تتزوج بعد وإلى كل فتاة صغيرة .. احذري أختاه الانزلاق في هذا المستنقع الموبؤ مستنقع الحب
### إنه يعمي عينيك أن ترى مثالب هذا المحبوب .. ويحجب عقلك عن التفكير بعقلانية في مدى كفاءته لك
### أنه يحرمك من كثير من المتقدمين لك الأكفاء الخلوقين المتدينين , لأنك تحبين حبا وهميا حبا بلا قاعدة ولا أساس .. ومن ثم ترفضين بلا تفكير .. تبعيين سعادتك الحقيقية واستقرارك مع الزوج الكفؤ بلا ثمن ((ببلاش))
### إنك بهذه العلاقة المحرمة – حتى لو كانت مجرد كلام فقط واتصالات ونظرات - بعيدة عن رب العالمين عاصية له , فما من علاقة شرعية تبيح لك مكالمة هذا الشاب أو ذاك , فإذا كانت الخطوبة نفسها لا تبيح ذلك فكيف بما هو دون ذلك ؟؟
وإذا أردت النجاة من الوقوع تحت براثن هذا الوهم الكبير , وإذا أردت النجاة مما يستتبعه من ذنوب وآثام فعليك بما سأقوله لك الآن
- أولا أختاه الزمي أمر ربك بالقرار في البيت ففيه والله صلاح أمرك , ولا تخشين من شيئ , فرب العالمين لن يضيعك وأنت تطيعينه بل سيرسل لك رزقك وأنت في قلب بيتك وبما يتناسب وامرأة تقية لله قرت في بيتها لا تبرحه إلا لضرورة شرعية .. طاعة لربها
- ابتعدي عن مخالطة الرجال فالخير ألا ترين رجلا أجنبيا عنك وألا يراك رجل .. خير لك وخير لأمتك , لا تذهبين إلى الجامعة , لا تعملي في أماكن بها رجال
- أختاه طلقي التلفاز بالثلاثة ابتعدي عنه تماما , لا تجلسي أمامه .. فرّي منه فرارك من الأسد .. فإنه المتهم الأول بإفساد الأخلاق وإفساد الدين والمعتقدات
- ثقي بالله أختاه واعلمي أن زوجك المقدر لك سيأتيك لا محالة ما دام أن الله قد كتب لك الزواج في الدنيا , فإن كان غير ذلك فلا سبيل للحصول على زوج لم يقدره الله لك .. ولو فعلت ما لم يُفعل , فتكون الخسارة خسارتين , خسارة في الدنيا بالحرمان من الزوج , وخسارة في الآخرة
أفيقي أخيه
أفيقي بالله عليك
عودي إلى ربك عودا جميلا
اقتربي منه سبحانه , توجهى له بالدعاء
فهو القادر وهو من بيديه مقاليد السموات والأرض
وقلوب العباد بين أصبيعه "ليس كمثله شيئ" يحركها كيفما شاء
وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين