ابتسامة الدموع
أراد أن يذهب ليحرر أرضه....وفضلت أن تبقى تتجرع الغصص...
جلست مسندةً جسدها الذي أثقلته السنون على الحائط المتهالك...ونظرت
للبعيد، مشاعر ملتهبة متأججة كالشلال الهادر في الليل الداجي ...
التفتت إلى ورقة خريف عبثت بها الريح يمينًا و يسارا...فقالت:
لكم قطعتي مسافات مع هذه الرياح ...فأخبريني عن حبيبي وقرة عيني ...أخبريني عمن أخفيته بين ضلوعي ..أخبريني عمن جعلت جسدي له غطاء..أخبريني عمن إذا رأيت في وجهه العناء لم أذق طعم الهناء..
أخبريني عمن كنت أحسب أيامه وأنتظر شبابه .. أخبريني عمن إذا رأيته انفتحت للفرح كل أبوابه ..أخبريني يا ورقة الخريف هل كنت في شجرة فلاعبتك أنامل وحيدي..أو كنت في تربة فداستك قدماه ..أخبريني عنه هل هو مثلما عهدته في عينيه حب لدينه..فسقطت دمعه تلتها دمعات..وقالت :
ويكأني بقايا رماد إنسان لم يذق إلا طعم الحرمان ..
يا ورقتي الحبيبة أنت مثلي فقدت أصلك وسيقانك وبقيت وحيده ...
ثم حاولت أن تمسكها فتهشمت..
ذهبت متثاقلةً إلى التلفاز تجر الخطى التي تخط على الأرض زمنًا أثقلته السنون ..اقتربت من الشاشة لتراها جيدًا إذا بها تسمع
....خبر عاجل ...قتل مجموعة من اليهودوأصيب آخرون نتيجة لعمليه استشهاديه قام بها ........... لو كانت تستطيع لطلبت من المذيع أن يعيد
الاسم .. فقط الاسم لتتأكد ...
فإذا بها ترى صورته لترسل زغرودة قويةً سمعها الجيران فأتوا على إثرها وابتسمت بين أنهار الدموع وقالت :
إن قتلتم وحيدي فهناك ألف أسد ..وإن حاولتم الوصول للمستحيل يا خونة العهود فلن تستطيعوا منعنا من حب أرضنا وإن بنيتم ألف سد وسد وثرتم مثل المد وفقتمونا بالعدة والعدد فمعنا الواحد الأحد...معنا الواحد الأحد ..
وذهب كأجمل ورقة ربيع وبقيت هي تنتظر ورقة خريف أخرى.
ـ ـ ـ ـ ـ
تمر السنين بدمعات... وضحكات..
...بآهاتٍ ..وابتسامات ....
ولكن لبسمة الحياء معنى آخر...
بقلم الأخت..{بسمة حياء}