العقيدة ... الأساس . علم التوحيد
الفصل السابع
البحر الذي نعيش في أعماقه
الفصل السابع
البحر الذي نعيش في أعماقه
الشيخ: عبد المجيد الزنداني
الهواء والحياة :س : ما هي أهمية الهواء لحياتنا؟
ج : سد أنفك وفمك لمدة دقيقة أو دقيقتين، عندئذ ستعرف أهمية الهواء بالنسبة لحياتك، لأنه يحتوي على الأكسجين الذي تحتاجه ، وستجد أنه لو انعدم الهواء لمات الناس جميعاً في دقائق معدودة، وكذلك جميع الحيوانات التي تتنسم الهواء. وتفكر هل تستطيع الاستغناء عن نعمة الهواء التي أنعم الله بها عليك لمدة بضع دقائق؟ وتفكر هل قمت بواجب الشكر لربك؟
فوائد أخرى للهواء:
س : وهل للهواء فوائد أخرى؟
ج : نعم .
1ـ يكون الغلاف الهواء المحيط بالأرض درعاً واقياً لسكان الأرض من الشهب والنيازك التي تسقط على الأرض كل يوم بالملايين.
فقد قدرت كثافة الهواء بإحكام حتى يتمكن من إحراق الشهب والنيازك قبل وصولها إلى الأرض بالغلاف الجوي ، ولولا ذلك لأحرقت الشهب المدن ، والقرى والمحاصيل.
كما يقوم غلاف (الأوزون) المحيط بالأرض على بعد عدد من الأميال بحماية الأرض وأحيائها من الأشعة الكونية المميتة التي تتجه إلى الأرض من السماء.
2ـ يقوم الهواء (الرياح) بتلقيح الأزهار في النباتات فتثمر ولولا ذلك لما وجدنا ثمرة في كثير من النباتات.
قال تعالى:﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ﴾ [الحجر:23]
3 ـ وعلى الهواء ينتقل الطير والطائرات.
4 ـ والهواء بحر نعيش في أعماقه له ضغط على أجسامنا يوازن ضغط سوائل الجسم والدم وغير ذلك ولولا ذلك الضغط المناسب لانفجرت عروقنا ، والدماء التي فيها وبهذا التعادل لا نحس ضغط الدم ولا ضغط الهواء.
5 ـ والهواء (الرياح) ينقل لنا الأمطار مجاناً.
6 ـ انتفع الإنسان كثيراً بالهواء في تسيير السفن الشراعية عبر القرن المتطاولة السابقة.
قال تعالى: ﴿إِنْ يَشَأْ يُسْكِنْ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍأَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ﴾[الشورى: 33، 34] .
﴿إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾[الجاثية : 3-6] .
توفيره وسهولة أخذه:
س : وما هي الأخرى المشاهدة في تكوين الهواء؟
ج : آيات الله في مخلوقاته كثيرة فمنها :
1ـ توفير الهواء ـ الذي هو أهم محتاجات الإنسان على الإطلاق ـ فأوجده الخالق الرحيم في كل مكان على وجه الأرض فلا تتكلف في جمعه ولا في نقله ولا في خرنه.
2ـ وإذا تأملت في استهلاك الناس الدائم ـ وكذا الحيوانات ـ للهواء الصالح (الأكسجين) وتحويله إلى هواء فاسد خانق (ثاني أكسيد الكربون) فلا تقلق على مصيرك، وتقول : إن استهلاك (الأكسجين) باستمرار ، سيؤدي في وقت قريب إلى انعدامه ، وعندئذ نموت ، لا .. لا تقل ذلك فإن لك رباً رحيماً قد عوضك عن كل نقص يحدث في (الأكسجين) باستمرار ، وذلك بواسطة النباتات التي تأخذ (ثاني أكسيد الكربون) وتعيد الأكسجين المستهلك للحيوانات والإنسان.
3ـ خلق جهاز دقيق في الإنسان وهو لا يزال في بطن أمه هو (الجهاز التنفسي) ويعمل باستمرار بدون كلل أو توقف منذ أيام الولادة الأولى وحتى الوفاة. يعمل ونحن في النوم أو في اليقظة، فكما أن خالقنا يسر لنا وجود الهواء في كل مكان، فمن رحمته أن يسر لنا أن فأخذه بطريقة تنفسية آلية لا تتعبنا ولا تؤملنا ولا تكلفنا جهداً أو مشقة .
إذن
الله هو خالق الحياة وهو الذي أمد الحياة بما تحتاج من الهواء .
الله هو الذي أنعم على الأحياء بالهواء للتنفس ، والذي يحميهم من أخطار الشهب والنيازك ، ويلقح لهم كثيراً من النباتات ، وينقل الأمطار إليهم، وعليه يطيرون، ويوازن ضغط السوائل في أجسامهم.
هل تشاهد :
* الحكمة العظيمة في خلق الإنسان محتاجاً للهواء هي التي لأجلها خلق الله تعالى للإنسان ذلك الهواء المناسب لحياته ، ووفره له بكميات هائلة .
* التقدير البديع الحكيم في كثافة الهواء التي تحرق الشهب والنيازك قبل الوصول إلى الأرض ، والتي تعطي الهواء ضغطاً مناسباً دقيقاً يعادل ضغط سوائل جسم الإنسان الداخلية وتمكن الطير من الطيران بسهولة .
* حركة الهواء (الرياح) التي تقوم بتلقيح النباتات والسحب واستثارة السحب ونقلها إلى أواسط القارات ، وفي تسيير السفن الشراعية ردحاً من الزمن.
* ذلك التوفير الهائل بكمياته المناسبة للحياة في كل مكان على وجه الأرض.
* ذلك التوازن الدقيق ، المتقن، المقدر بين (الأكسجين) الهواء الصالح والهواء الفاسد (ثاني أكسيد الكربون).
* وذلك الجهاز التنفسي المحكم الذي يباشر أعماله بدون توقف وفي غاية من الدقة والسهولة، وبآلية لا تكلف الإنسان جداً أو مشقة في نومه أو يقظته.
* فمن صاحب هذه الحكمة العظيمة وذلك التقدير البديع ، والتنظيم الحكيم ، والتوازن المتقن، والتركيب العجيب؟
* أوثن لا يسمح ولايبصر ولا ينفع ولا يضر ولا يملك حولاً ولا قوة؟!
* أطبيعة صماء عمياء جامدة لا تملك حكمة ولا إرادة ؟!
* أعدم لا يفعل شيئاً؟!
* أم أن تلك الحكمة المشاهدة والتقدير البديع والتنظيم الحكيم ، والتوازن المتقن والتركيب العجيب كل ذلك شاهد أمام كل عاقل بأن رباً حكيماً، وخالقاً عظيماً ومريداً خبيراً ، منشئاً رحيماً ، هو خالق الهواء المحيط بأرضنا بتقدير حكيم وصنع لطيف ، وهو غير هذه المخلوقات المشاهدة . هو الله سبحانه .